باتت مصادر ديبلوماسية في بيروت اكثر حذرا ازاء الوثوق في المواعيد التي تحدد لولادة الحكومة العتيدة بعدما كانت حصلت في وقت سابق على تأكيدات تنفي كل مزاعم التأخير والعرقلة او الخلافات داخل الصف الواحد وتبين لاحقا عدم صحتها او عدم مطابقتها للواقع. ولم تعد هذه المصادر تستبعد ان ترى الحكومة مؤجلة او غير ممكنة التأليف فيما تتابع يوميا عبر وسائل الاعلام ان الحكومة باتت قاب قوسين او ادنى من الولادة ولا ترى في الواقع اي نتيجة في ظل تساؤلات اذا كانت الاسباب التي أخرت ولادتها قد زالت الآن ام انها لا تزال قائمة. فهناك اسئلة تثار لدى الاوساط السياسية تتصل بما اذا كان تأليف الحكومة يبقى مهما في ذاته في ظل تصاعد التطورات في سوريا باعتبار ان سوريا هي التي كانت وراء اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وهي من كان وراء تزكية الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، ولو ان «حزب الله» تولى قيادة الدفة لبنانيا من اجل ان تبقى دمشق بعيدا عن واجهة التدخل في الشؤون اللبنانية. كما تثار اسئلة تتصل بزوال الاسباب السورية التي حالت دون تأليف الحكومة في ظل اعتقاد بان مونة سوريا على حلفائها كفيلة بان تساهم في ولادة الحكومة في اقل من 24 ساعة فيما لو ارادت ذلك علما انه يفترض ان يلحظ المعنيون في لبنان انه كلما زاد امد التاخير في تأليف الحكومة برزت عقبة جديدة في المنطقة. وهناك عدة مؤشرات لذلك يتمثل ابرزها في الموقف العربي الوحيد الذي صدر عن دول مجلس التعاون الخليجي مرحبا بالرئيس نجيب ميقاتي ومقدما له فرصة تأليف حكومة متوازنة سرعان ما اتت التطورات لاحقا لتنسف هذا الدعم او تضعه على المحك الى حد بعيد بعد ما خلفه موقف الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الداعم للمعارضة البحرينية والمعارضات في المنطقة بحيث باتت تثار شكوك حيال امكان وجود اي تغطية عربية للحكومة العتيدة في ظل هذه التطورات. اذ فيما اكد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي امام زواره اخيرا ان الازمة التي نشأت مع البحرين على اساس الكلام الصادر عن السيد نصرالله هي في طريقها الى الحل، فان المصادر المعنية تخشى الا تكون هذه التوقعات في محلها شأنها شأن التوقعات التي سادت قبل التأليف عن القدرة على اقناع الدول العربية بطبيعة التغيير الذي حصل عبر اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، بدليل رد الفعل البحريني المتكرر على كلام الامين العام للحزب وما تركه هذا الكلام من انعكاسات.
المؤشر الاخر الذي يمكن الاعتداد به سببا يجعل الحكومة صعبة جدا في ولادتها وأصعب في قدرتها على ان تقلع هو التوتر المتصاعد بين دول الخليج العربي وايران على خلفية سياسية وطائفية في حين ان حكومة لـ"حزب الله" فيها الكلمة المرجحة والتقريرية لن يسهل الامور في هذا الاطار. وليس واضحا اذا كان ذلك يساعد الرئيس المكلف. ان موقع الرئيس ميقاتي بات اكثر تعقيدا في سياق التوتر العربي الخليجي الايراني الحاصل وخصوصا اذا ما اتصل اي موقف للبنان بالحصول على دعم حكومته في وجه التجاوزات الايرانية في المنطقة. ناهيك بموضوع الاضطرابات في سوريا التي برزت في الاسابيع الاخيرة وهي الاكثر تأثيرا بالنسبة الى لبنان ليس فقط في الموضوع الحكومي على اهميته،انما بجملة امور وعوامل اخرى ابرزها ما يتعلق بالقلق من تفاعل ما يجري على الارض في سوريا ميدانيا في لبنان. فمع ان التقديرات حتى الان حول تصاعد الاضطرابات واتساعها في سوريا لكي تشمل اكثر من مدينة ومنطقة لا تذهب الى حد رؤية مخاطر حقيقية تتهدد النظام السوري في المدى القصير على الاقل باعتبار ان الرهان لا يزال على ان الفرصة لا تزال سانحة امام الرئيس السوري للاصلاح على رغم ان هذه الاضطرابات وتوسعها تضعف نظامه نتيجة عدم الاستقرار الذي تتسبب به، فان المخاوف الحقيقية هي من المنحى الطائفي في حال برز في التطورات السورية بحيث يستبعد ان يبقى لبنان في منأى عن التفاعل والتأثر بهذا البعد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك