- سقوط نظام رئيس ساحل العاج لوران غباغبو واعتقاله من قبل القوات الموالية للرئيس المنتخب الحسن وترة كان يجب أن يتمّا منذ نتائج الانتخابات الرئاسية لتوفير سفك الدماء والخراب والهجرة من ساحل العاج. طبعاً لو كان ذلك ممكناً لما تدخلت فرنسا بقوة تحت مظلة الأمم المتحدة والشرعية الدولية. فحسناً فعلت من أجل انتصار القيم الديموقراطية. فقد جرى انتخاب رئيس في ساحل العاج اعترف الكل في العالم بنتيجته باستثناء غباغبو ومؤيديه. فسقوط هذا الرئيس الذي أراد أن يلتصق بكرسي الحكم رغم إرادة الشعب الذي انتخب وترة ينبغي أن يكون درساً لهؤلاء الذين يريدون البقاء في كرسي الحكم لسنوات من دون إدراك أن الإرادة الشعبية ينبغي أن تكون الوحي الأساسي لنهجهم في الحكم. فإرادة الشعب الليبي اليوم هي في أن يغادر القذافي الحكم. لكنه رغم ذلك يبقى ويسقط الضحايا ويستمر في القتل ويستورد المرتزقة من التشاد لمقاتلة أبناء شعبه. فليكن مثل غباغبو درساً للقذافي الذي لا شرعية له والذي أهدر ثروة ليبيا في سبيل رغباته الخاصة ورغبة عائلته بدل تطويرها لتكون جوهرة جمال وغنى وحداثة وتقدم في المتوسط وفي شمال أفريقيا.
لكن القذافي ليس وحده الذي يقمع ولا يسمح لتطلعات وإرادة الشعب. فما يحصل في دول أخرى حالياً من تظاهرات وقمع وسقوط قتلى ينبغي أن يعالج بالإصلاح والانفتاح ومكافحة الفساد وإلا فخطورة الحرب الأهلية محتمة. فسورية ينبغي أن تستمع إلى نصائح الصديق التركي المعني بأمنها واستقرارها، وأن تقوم بخطوات مهمة للشعب السوري مثل رفع حالة الطوارئ. فإلقاء المسؤولية على مؤامرات خارجية غير مجدٍ في ظل ظروف شعب ينظر حوله إلى ما حدث في مصر وتونس وما يحدث في ليبيا ويرى أن العناصر نفسها موجودة عنده، ولكنها أخطر لأن الشرخ الطائفي خطير في سورية. فالنصائح التركية وأيضاً الفرنسية مهمة وينبغي أن تؤخذ في الاعتبار. فبطالة الشباب والفساد والفارق الهائل بين الفقر والغنى وقمع الحريات هي التي كانت سبب ثورات الشعب ضد الرئيسين مبارك وبن علي. فكانت شرطة وقوات أمن بن علي مهيمنة في عهده إلى حد أنه منذ مغادرته الحكم عادت إلى ثكناتها وفضلت الاختباء من شعب طفح كيله منها. والآن هناك مشكلة الأمن في المدن التونسية لكثرة تحفّظ الشرطة عن القيام بما هو مطلوب فعلاً منها مثل الحفاظ على الأمن وسلم المواطنين وليس قمعهم والتجسس عليهم.
فالإصلاح بإمكانه أن يتم فعلاً في سورية لو أراد النظام السوري ذلك قبل فوات الأوان. و2011 لم تعد مثل 2002 عندما تساءل الشهيد الزميل الصحافي سمير قصير في إحدى مقالاته في صحيفة النهار «هل انتهى ربيع سورية؟ لم يبدأ حتى ينتهي. كان مجرد وعد طاب لشعب أن يطلقه ليقوّي نفسيته التي وهنت. لكن الوعد لا ينطفئ ما دام ورد الربيع يعرف الطريق إلى رياض دمشق». وكانت مقالته عن رياض الترك.
لقد شهد عام 2011 ثورات شعبية في العالم العربي لم تكن مؤامرات من الخارج بل كانت يقظة شعوب من الداخل على النظام السوري أن يستوعب حدوثها وأن يسرع في الإصلاح والانفتاح، لأنه ما زال يحظى ببعض الصداقات في الغرب وفي الشرق. ولكن إذا بقي على ما هو، فالخطر كبير عليه وعلى كل الدول المجاورة في طليعتها لبنان، لأن استقرار سورية مهم للبنان، كما أن لبنان المنتعش اقتصادياً مهم لسورية. وكانت هذه قناعة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري الذي حاول بجهد كبير إفهام ذلك للنظام السوري الذي رفض إدراك ذلك مثلما يرفض حالياً الأخذ بمطالب الشعب السوري ويعتبرها مؤامرة خارجية. فلا أحد يتمنى حرباً أهلية في سورية ولا تفككاً طائفياً ولا المزيد من القتل والضحايا. فالتمني أن يدرك النظام أن حلفه مع النظام الإيراني وسياسته الإقليمية لن يحميانه من جبهة داخلية تعاني المآسي في سبيل الإصلاح والحريات ومكافحة الفساد والبطالة
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك