عندما اندلعت ثورات التغيير في تونس ثم في مصر وليبيا، قيل على سبيل الفكاهة "ان القمة العربية المقبلة ستكون قمة التعارف"!
بمعنى ان التغيير سيتوسع ويشمل عدداً كبيراً من البلدان العربية، فتكون القمة مناسبة للقاء الزعماء والقادة الجدد الذين لم يسبق لهم ان تعارفوا في مؤتمرات القمم العربية.
والآن لم يكن وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن احمد آل خليفة في حاجة الى الاعلان ان دول مجلس التعاون الخليجي طلبت "إلغاء" القمة العربية المقرر عقدها في بغداد مطلع ايار المقبل، لان الواقع المتأجج او المضطرب في عدد من الدول العربية، يفرض بطبيعة الحال إلغاء هذه القمة.
وفي الواقع ان القمة التي كان يفترض ان تعقد في نهاية آذار، تأجلت الى ايار بعد قيام الثورة في تونس ومصر، أما الآن بعد اتساع الحركات المطالبة بالتغيير في ليبيا واليمن وسوريا والجزائر وحتى في العراق البلد المضيف، وكذلك بعد الاحداث في البحرين وما خلفته من تداعيات سياسية وخصوصاً على العلاقات العراقية مع دول مجلس التعاون الخليجي، فان من المستحيل التفكير في امكان عقد القمة.
لكن السؤال الملح هنا هو: هل المطالبة بالغاء القمة تعني العودة الى الزمن الذي تعطلت فيه مؤسسة القمة العربية بعد اتفاق "كمب ديفيد"، أم أن المقصود هو "إرجاء" القمة الى ان يظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود في من سيكون الرؤساء الذين سيجلسون على قمة السلطة في بعض الدول العربية ؟!
وإذا كانت القمم العربية لم تقدم او تؤخر في موضوع العمل العربي المشترك في زمن الاستقرار، فكيف يمكنها الآن ان تفعل شيئاً وسط دوي حركات التغيير الذي يغرق دولاً عدة في الاضطرابات؟
في أي حال، ربما كان على رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، ان يتذكر ان بلاده ستستضيف القمة التي ستضم طبعاً ملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي الست، قبل ان يندفع في 19 آذار الماضي في إطلاق تصريحات نارية متوترة ومنحازة عندما قال:
"رأينا كيف يتعامل الطواغيت مع المطالبين بحقوقهم في ليبيا والبحرين والسعودية"، متجاهلاً طبعاً التظاهرات الغاضبة التي خرجت تطالب باسقاط حكومته، ليبدو بهذا وكأنه يحذو حذو الزعماء الايرانيين الذين يمجدون التحركات الشعبية في بلاد الآخرين ويواصلون سحق الثورة الخضراء في بلادهم!
واذا كانت تصريحات المالكي تشكل بطبيعة الحال، رجع صدى للتصريحات الايرانية ضد البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي والتي تؤجج التخندق الطائفي والمذهبي، فان القاعة الفخمة التي تم تجهيزها لاستضافة القمة في بغداد، ستبقى هي ايضاً رجع صدى لسقوط مؤسسة القمة العربية ولو مرحلياً امام "تسونامي" التغيير.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك