اللقاء المقرر في بكركي صار في مرتبة الحدث، وسط اللاأحداث في لبنان والأحداث الدراماتيكية في العالم العربي، بصرف النظر عما يدور فيه من أحاديث. فلا أوهام لدى الناس، وان كانت تحتاج أو تميل الى أحلام اليقظة. ولا رهانات تتجاوز المشهد لدى الزعماء الأربعة الذين حكمت الحسابات بأن يقتصر اللقاء عليهم: الرئيس أمين الجميّل، العماد ميشال عون، الدكتور سمير جعجع، والنائب سليمان فرنجيه. ولا أحد يجهل لماذا أراد البطريرك الجديد بشارة الراعي أن يكون اللقاء محطة في مسار نشاطه الوطني في اطار (شركة ومحبة). لكن (واقعة) اللقاء مهمة، وان كانت (التوقعات) حوله محدودة في (واقع) صعب.
وليس أهم من ان يلتقي الرباعي الماروني إرضاء لرغبة البطريرك، سوى أن تكون الظروف ناضجة للحوار حول رؤية مشتركة للدور المسيحي في الواقع الوطني. فلا هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها بكركي لقاءات. ولا الوضع اللبناني كان في خطورة الوضع الحالي.
ولعل الجديد هو أن اللقاء الماروني المغلق مفتوح على ما يتجاوز حال الموارنة، وإن كانت حجر الأساس في بناء الشراكة الوطنية المسيحية - الاسلامية.
فالزعماء الأربعة لهم تحالفات مع قيادات الطوائف الأخرى، الى جانب انفتاحهم على قوى خارجية لها أدوار في لبنان. ولكل منهم دور بارز، بصرف النظر عن تفاوت الأحجام، في حين أن الدور المسيحي العام أقل فاعلية من أدوارهم. لا بل انه صار على هامش التجاذب بين السنة والشيعة هنا وفي منطقة تطغى المذهبية على صراعاتها برعاية إقليمية ودولية.
ومن السهل على الزعماء الموارنة القول إن الخلافات بينهم سياسية، لا شخصية. لكن من الصعب في لبنان والعالم العربي وبعض دول العالم، رسم خط فاصل بين ما هو شخصي وما هو سياسي. والتحدي أمام الجميع هو (تنظيم) التباين في المواقف، بحيث تبقى الاختلافات في وحهات النظر في اطارها المعقول من دون أن تتحول خلافات حادة وحرب مواقع. فالسماء تتسع لملايين النجوم. والشرط الأساسي لنجاح التعددية في لبنان هو تعددية القيادات داخل كل طائفة، لأن السبب في استعصاء الأزمة الحالية على الحل هو (أحادية) القيادة داخل كل طائفة كبيرة.
ذلك أن أبسط قراءة في الثوابت والمتغيرات توحي أن واحداً من العوامل التي تحفظ لبنان وترد عنه المخاطر هو أن يلعب المسيحيون دور (الكاتاليست) بين الطوائف لا دور الانقسام بينها. ولا شيء يتقدم على مهمة اخراج لبنان من سياسة المحاور الى ثقافة الحوار. لا الحسابات السياسية ولا الحسابات الشخصية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك