عندما كُلف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة اللبنانية، تحدث عن غطاء عربي لمهمته لا سيما في التعامل مع النقاط الحساسة في البيان الوزاري العتيد خصوصاً ما يتصل بالمحكمة الخاصة بلبنان والسلاح.
ما هو وضع هذا الغطاء العربي، وما هي إنعكاساته على لبنان؟
تفيد أوساط الرئيس ميقاتي ان هناك اتصالات ناشطة له على المستوى العربي وخصوصاً ان العلاقة مع العرب وطيدة، والعلاقة مع المملكة العربية السعودية وطيدة، وقد دلت تجربة تحركه في مجال اللبنانيين في البحرين ونجاحها، على حسن العلاقة مع الدول العربية، وهذا ما كان لافتاً. ذلك ان ميقاتي يفضل عدم التحدث عن علاقاته العربية، بل ان يتعاطى مع الأمر بديبلوماسية هادئة، على انه بعد تشكيل الحكومة ستكون له إطلالة علنية على العالم العربي، وحيث الدول البارزة فيه تثني على جهوده. وان عدم الكلام عن هذا الموضوع يهدف الى تجنيب سوء تفسيره من حيث البطولات أو محاولة استقواء، ومن هذا المنطلق تتم الاتصالات بعيداً عن الأضواء.
إلا أن مصادر ديبلوماسية بارزة، تقول إنه في ظل الظروف العربية المستجدة بات من الصعب ايجاد مظلة عربية حول مسار الوضع الحكومي اللبناني. إذ ان المظلة تعني ان هناك عملاً عربياً مشتركاً لأهداف محددة في لبنان. وهذا العمل المشترك بات غائباً لغياب الدور العربي بفعل الظروف المستجدة والتي تأخذ الأولوية في الاهتمام العربي. ولم يعد هذا العمل قائماً لا سيما منذ سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، حيث انعدم التنسيق السعودي المصري حيال قضايا مطروحة ومن بينها الوضع اللبناني.
الغطاء العربي في الأساس يعني التفاهم السعودي المصري السوري ومن حيث العلاقة بين ميقاتي والمملكة، فإنها حتماً ستمر بالعلاقة بين ميقاتي و"تيار المستقبل"، وبالعلاقة بين "تيار المستقبل" وكل من "حزب الله" وسوريا، وطريقة تعامل ميقاتي مع ذلك، ومع المحكمة التي لم تغير الرياض موقفها منها.
ثم انه بالنسبة الى مصر، فإنها حالياً تعتمد عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ولا حتى على سبيل الاهتمام الذي كان يقوم به الرئيس حسني مبارك وإدارته. مصر تقول بحسب التقارير الديبلوماسية انها تدعم كل مسعى خير في لبنان، ولا تفاصيل حول هذا الموقف. وبالنسبة الى علاقة ميقاتي مع سوريا، فهي معروفة، في ظل مساعيه الوسطية التي يعبر عنها. وتريد سوريا عدم التشويش اللبناني على الداخل السوري، والحفاظ على العلاقة مع المقاومة، وأي حكومة تلتزم بذلك لن تكون موضع إشكال.
على ان مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت، تشير الى ان لا إشارات محددة للموقف السوري وتأثير ما يحصل من مستجدات على تشكيل الحكومة اللبنانية، فهناك ضبابية. هذا على الرغم من أن ثمة رأيين متفاوتين، الأول يقول، ان لا حكومة قريباً لأن الوضع في سوريا غير مناسب، والثاني يقول، ان دمشق تدعو الى الإسراع في التشكيل لأن ما يحصل لديها يحتم عليها ضبط ايقاع الوضع اللبناني بطريقة مؤاتية، وخيار ميقاتي يبقى يناسبها.
هذه هي العلاقة مع كل طرف عربي في ظل غياب تفاهم عربي شامل للتعامل مع الوضع اللبناني. ويمكن للرئيس ميقاتي بحسب المصادر الغربية، الذهاب في خيار التشكيل دون التوقف عند التغطية العربية والإقليمية. لكن ما يؤثر في الواقع، هو ان لدى ميقاتي عامل الوقت القائم لصالحه ففي ظل انعدام المقدرة على ايجاد بديل عنه بسهولة، فإنه يعطي الوقت الكافي ليتعب كل الأفرقاء، ومن ثم القبول بشروطه.
ولا يمكن الحديث عن الغطاء العربي ـ الإقليمي من دون تناول مسار العلاقات السعودية ـ الإيرانية، والتي تمر في مرحلة توتر شديد تفاقم منذ أحداث البحرين.
الأمر الذي أثر على لبنان، وعلى تشكيل الحكومة تحديداً ولا سيما ان ميقاتي يطرح نفسه وسطياً وحيث انه في الوسطية يفترض وجود تناغم مع التغطية العربية ـ الإقليمية لكي تتشكل الحكومة ويكون في وضع مريح، يجعل من حكومته قادرة على اتخاذ مواقف. كل هذه العوامل المحيطة عقّدت مسألة التغطية العربية. فكيف يمكن توفيرها، هل بشكل مجتزأ؟ وهل يكون مداها متفاوتا بين دولة وأخرى؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك