توقعت مجلة "فورين بوليسي" الاميركية "المزيد من الأيام الدموية التي تشهدها سوريا، وذلك بعدما قررت قوات الأمن السورية قمع ما سمَّته الجماعات السلفية المسلحة، في الوقت الذي ازدادت فيه جرأة المناضلين من أجل الحرية". ولفتت الى "أنه وسط حماس ثورات الشباب العرب من غير المنطقي توقع أن تُسفر الاضطرابات في سوريا عن انهيار نظام الأسد"، ورأت ان "مثل هذا الافتراض ينبئ عن سذاجة وجهل بالشرق الأوسط، لاسيما السياسة السورية. كما أن الافتراض بأن طبيعة الأحداث في سوريا مشابهة لما حدث في العالم العربي وساهم في سقوط أنظمة ديكتاتورية طالما دعمها الغرب هو افتراض خطأ أيضًا ينم عن سوء قراءة للواقع".
واوضحت ان "الهجوم الأخير على الجيش السوري في مدينة بانياس يدل على أن الأسلوب الجهادي يقف خلف الحركة التي تطالب بالإصلاح، على العكس من الثورات في مصر وتونس واليمن، التي لم تشهد أي منها أعمال عنف من المتظاهرين ضد قوات الجيش". واضافت أن "نجاح الثوار السوريين في قتل 10 جنود يدل على وجود تدريب وتسليح وتنظيم رفيع المستوى لهؤلاء الثوار، وهو ما لم تشهده الثورات العربية الأخرى".
ورأت المجلة الاميركية الى "أن القوى الوحيدة المنظمة التي ظهرت خلال هذه الثورات العفوية المولودة من رحم مطالب اجتماعية وسياسية واقتصادية شرعية كانت الإخوان المسلمين، حيث كان هدف هذه الحركة منذ نشأتها قبل 83 عامًا هو أن يكون القرآن والسنة هما المصدر الوحيد لتنظيم حياة الدولة والأسرة المسلمة". وسواء نجح الإخوان المسلمون في تحقيق أهدافهم أو لا "فالأمر ليس مستبعدًا تمامًا".
وتابعت "فورين بوليسي" أن "هذه النظرية لم تثبت بعد بالنسبة لمصر وتونس واليمن، لكنها تبدو واضحة في سوريا". حيث يدَّعي الإخوان المسلمون هناك "رغبتهم في الإصلاح، بينما يهدفون في الأساس إلى الإطاحة بنظام الأسد الذي استطاع الصمود في وجه الضغوط الدولية طويلاً، لاسيما فيما يخص قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005". ومن ثم فإن الموقف السوري أكثر تعقيدًا من غيره. مشيرة إلى ان "كلمة الأمين العام للإخوان المسلمين رياض الشقفة في سوريا، والتي ألقاها في تركيا داعيًا الشعب السوري إلى الخروج في الشوارع احتجاجًا على تقاعس الرئيس الأسد في الاستجابة لمطالب الإصلاح". كما دعا الشيخ يوسف القرضاوي السوريين إلى "الثورة ضد نظام الأسد، ثم ما لبث أن وصف الثوار السوريين بأنهم مجاهدون، ليمنح الثورة السورية بذلك طابعًا دينيًّا".
ومن المدهش، بحسب المجلة، أن "المدن التي شهدت أكبر المظاهرات لم تكن مدنًا سنية في المقام الأول، وإنما كانت مدنًا ذات مذاهب مختلفة، مثل مدينة درعا التي تصفها الكاتبة بأنها مستودع أبرز عناصر حزب البعث الحاكم". ومن اللافت أيضًا أن "أكبر المظاهرات السورية لم تضم سوى 1% من التعداد السوري، على العكس من المظاهرات التونسية التي كانت تضم 10% من الشعب التونسي، مما يوحي بأن المعارضة فشلت في حشد الشعب السوري". وتبرر المجلة ذلك بأنه "ربما يكون بسبب الخوف من تكرار ذكرى مذبحة حماة عام 1982، رغم أنه آن الأوان لكسر حاجز الخوف وسط تساقط الأنظمة العربية كقطع الدومينو".
ورأت أنه "إذا كان الخوف بالفعل هو السبب الأوحد في منع انتشار الثورة الشعبية السورية، فربما يرجع هذا إلى إدراكهم المصير المجهول في الفترة التي تعقب نظام الأسد، لاسيما أن البعض لا يرى بديلاً أفضل للنظام الحالي. فالحقيقة هي أنه بالرغم من تاريخها وسياساتها المثيرة للجدل استطاعت سوريا الحفاظ على استقرارها السياسي في المنطقة. كما أنها أحد أهم اللاعبين في المنطقة، حيث لا يمكن التوصل إلى حل لعملية السلام أو الموقف في العراق أو أزمة إيران و"حزب الله" دون تدخل سوريا".
وشدد المجلة الاميركية على ان "سقوط نظام الأسد ستنجم عنه تداعيات حرجة في دول المنطقة من تركيا إلى إسرائيل ولبنان والأردن والعراق". والسؤال هو "هل تريد أي من هذه الدول سقوط سوريا بين أيدي الإخوان المسلمين"؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك