أعطى الرئيس سعد الحريري "إجازة موَقّتة" لمشاوراته الرئاسية مع القوى السياسية، واعتصَم بالصمت، الذي هو أبلغ من الكلام. وأعدّ نفسَه لسفرة خارجية في الساعات المقبلة تقوده إلى أنقرة والرياض وموسكو. ومع هذه السفرة يدخل البلد مجدّداً في رحلة انتظار ما قد يحمله الحريري في الآتي من الأيام.في المشاورات، قال الحريري ما لديه، عبّر عن هواجسه وقراءته للوضع اللبناني ومنزلقاته، استعرض الأسباب التي أوجبَت عليه الوقوف على حافة اتّخاذ قرار بالذهاب إلى خيار رئاسي جديد، وتحديداً في اتجاه النائب ميشال عون، لعلّه يُحدث خرقاً نوعياً في الجدار الرئاسي المقفل.
سمعَ الحريري في عين التينة وبنشعي والرابية وبكفيا ومعراب ومن النائب وليد جنبلاط المواقفَ والثوابت والهواجس كما "النصائح". ومن الطبيعي أن ينتقل الحريري بعد انتهاء المرحلة الأولى من هذه المشاورات، إلى مرحلة جوجلة الآراء التي سمعها.
إلّا أنّ تلك الآراء، على ما يَعتريها من تباين حاد في المواقف والرؤية، تؤشر إلى أنّ مهمّة الحريري بإمكان بلوَرة موقف نهائي، ليست بالمهمّة السهلة، وبالتالي فإنّ التباينات التي سمعها قد لا تشكّل عاملاً مسهِّلاً له في اتّخاذ قراره بتبنّي ترشيح عون، بل ربّما تصعّب عليه هذه المهمة أكثر، خاصة وأن لا قاسم مشتركاً رئاسياً في ما بينها، فلكلّ منهم مرشّحه ونظرته ورؤيته وخريطة طريق لبلوغ الحلّ، وكذلك قراءته لما يطرحه الحريري أو يفكّر فيه.
معنى ذلك أنّ "كرة القرار" تبقى في يد الحريري، وإلى أن يحين الموعد الملائم لكي يلقيَها على المسرح السياسي، علناً وبشكل رسمي، يبقى الغبار السياسي هو الطاغي على الأجواء الداخلية ولأمدٍ زمني غير محدود.
طرح الحريري بإمكان تبنّيه ترشيح عون، أسعَد الرابية، وهو ما عكسَته أجواء اللقاء المسائي أمس، بين الحريري والنائب عون في الرابية، حيث قالت مصادر المجتمعين لـ"الجمهورية" إنّ الأجواء إيجابية جداً، وليس هناك خلاف على أيّ موضوع، وقد تمّ الاتفاق على استكمال التواصل بين الطرفين". ولم تعطِ المصادر أيّ إشارة حول موعد إعلان الحريري تبنّي ترشيح عون، وقالت: هذا الأمر يعود إلى الرئيس الحريري وليس إلى العماد عون أو "التيار الوطني الحر".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك