أكدت مصادر بارزة في التيار الوطني الحرّ أن التفاهم مع تيار المستقبل "هدف استراتيجي لنا ومصلحة استراتيجية للبلد". ونفت وجود أي اتفاقات تفصيلية مع تيار المستقبل حول تعيينات أو ملفات أو حصص حكومية، مؤكّدة أن ما حصل هو "تفاهمات عامة وضرورية نسعى إلى مثلها مع الرئيس نبيه بري"
قالت مصادر بارزة في التيار الوطني الحرّ لـ"الأخبار"، إن الرئيس سعد الحريري "لم يتخطّ بعد المهلة المتفق عليها" قبل تحديد موقفه من الاستحقاق الرئاسي.
لكنها أشارت إلى أنه لا مصلحة لأحد في تأخير الموضوع حتى نهاية الشهر، وذلك لتفادي اشتباك في مجلس النواب، الذي يفترض أن يبدأ عقده العادي، في 18 الشهر الجاري (جلسة 18 الشهر مخصصة لانتخاب رؤساء ومقرري اللجان النيابية، وليست جلسة تشريعية). وأشارت المصادر إلى أن يومي 13 و16 تشرين الثاني وما بينهما، "تواريخ مهمة لنا".
وأكّدت المصادر، من جهة أخرى، "أننا سعينا دوماً الى استكمال تفاهماتنا الداخلية بتفاهم مع تيار المستقبل. وهذا هدف استراتيجي لنا، حتى لو أزعج البعض. كما أن المصلحة الاستراتيجية للبلد أن يتفق أقوياؤه، وخصوصاً إذا لم يلغوا باتفاقهم أحداً". ولفتت الى أن مثل هذا التفاهم "لا يستهدف أحداً". وشدّدت على أن "ما جرى بيننا وبين تيار المستقبل هو تفاهمات عامّة وضرورية نسعى الى مثلها مع الرئيس نبيه بري الذي لم نقصّر في الحديث معه، ومع كل الأطراف، لأن الأمر لا يتعلق بمطالب الآخرين وإنما بمطالبنا أيضاً". ونفت "تماماً كل ما يتردّد عن ورقة نيات أو صفقة أو اتفاق تفصيلي على تعيينات وملفات، سواء في ما يتعلق بقيادة الجيش أو المصرف المركزي أو النفط أو توزيع الوزارات أو قانون الانتخابات النيابية أو تأجيلها".
وأشارت إلى أن التيار "وضع إطاراً عاماً للحديث من ضمنه مع الجميع، وليس مستعداً للتنازل من أجل الرئاسة عن أي من حقوقه، أو عن مصلحة البلد، كما أنه ليس مستعداً لتوزيع الرئاسة حصصاً وإلا لن يتبقّى منها شيء".
وفي الشكل، يعني انعقاد هيئة مكتب مجلس النواب، اليوم، إشارة إلى قرب عقد جلسة تشريعية. غير أنه، في ظل الظروف الحالية، حيث يتوقف كل شيء على مسار التسوية المفترضة التي يمسك بخيوطها رئيس تيار المستقبل، يبقى مصير الجلسة التشريعية معلّقاً، وخصوصاً مع وضع التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية شرط إدراج قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة التشريعية المفترضة، وإلّا فإن قرار الطرفين أبعد من مقاطعة الجلسة، أو كما تقول مصادر نيابية قواتية لـ"الأخبار": "تصعيد الموقف لن يقتصر على المقاطعة، من الممكن أن نرفض عقد الجلسة أصلاً".
وبحسب المعلومات، فإن النائبين أنطوان زهرا وسيرج طورسركيسيان سيعمدان اليوم الى اقتراح خيار من اثنين: إمّا وضع قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة التشريعية المفترضة، وإمّا اقتراح تأجيل وضع جدول أعمال الجلسة التشريعية إلى ما بعد جلسة 18 الشهر، وترك ترتيب جدول الأعمال لهيئة مكتب مجلس النواب الجديدة، وبالتالي كسب الوقت لحين اتضاح مجريات الحدث الرئاسي. ويعوّل القواتيون والعونيون على موقف تيار المستقبل بدعم مطالبهم، عبر موقفي نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب أحمد فتفت خلال جلسة اليوم، استناداً إلى الوعد الذي كان الحريري قد قطعه للقوات والتيار الوطني الحرّ بعد آخر جلسة تشريعية أقرت فيها بنود مالية، بأن لا يحضر أي جلسة لمجلس النواب ما لم يكن على جدول أعمالها قانون الانتخاب. وفي حين تقول المصادر القواتية إن "فتفت سيكون في كلتا الحالتين متضامناً مع موقفنا"، فإن مكاري يتمايز بموقفه الداعي إلى عقد جلسة تشريعية بغض النّظر عن جدول الأعمال، لكنّه يلتزم بخيار الحريري حكماً.
وتأتي التطوّرات بعد لقاء عابر، جمع النائب جورج عدوان بمكاري الأسبوع الماضي، وجرت بعد اللقاء سلسلة اتصالات مع طورسركيسيان وفتفت والنائب مروان حمادة، للحصول على دعمهم بالموافقة على شرط القوات والعونيين، بهدف عدم إحراج التيار الوطني الحر والقوات والدفع بهما إلى رفض المشاركة والتلويح بخيار الشارع "احتجاجاً على تخطّي الميثاقية في مجلس النواب"، إذا ما أهمل الرئيس برّي الشرط.
وبحسب المعلومات، "لا يزال حمادة رافضاً لأن النائب وليد جنبلاط يرفض إحراج الرئيس برّي"، أما تيار المستقبل، فلا يستطيع التراجع عمّا كان قد وعد به في الجلسة التشريعية الأخيرة بأنه "لن يشارك في أي جلسة لا يكون قانون الانتخاب البند الأول على جدول أعمالها".
ووسط الغموض حول نتائج الجولات الداخلية والخارجية للرئيس الحريري، تسود مخاوف من فشل تبني عون لأن "الأخير سيبادر الى التصعيد في الشارع والحكومة وفي طاولة الحوار وفي مجلس النواب"، وهذا يعني أن الجلسة التي تحضّر لها هيئة المكتب لن تكون في متناول اليد. وتشير مصادر نيابية في هيئة مكتب المجلس النيابي، إلى أنه في حال "الاتفاق على عقد جلسة تشريعية وموافقة الجميع على ذلك، فذلك يعني أن الأمور تسير وفق التسوية المفترضة التي أطلقتها حركة الحريري الرئاسية". أما في حال "تعذر التوافق، فإن في ذلك مؤشراً على وجود عقبات كثيرة". واعتبرت المصادر أن "القوات والعونيين يرغبون في ترك ورقة قانون الانتخابات الى ما بعد مرحلة الاستمهال الحريرية، وحتى يتبين نهاية هذا الشهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود"، مرجحة أن "يتخلّى الطرفان عن بند قانون الانتخابات في حال إعلان الحريري تأييد العماد عون".
من جهة أخرى، أكّدت مصادر برّي أن "الرئيس لا يعارض وضع قانون الانتخاب على جدول الأعمال، لكنّه أيضاً يرغب في الوصول إلى اتفاق على القانون، وليس فقط استعمال حجّة القانون لتأخير عقد الجلسة التشريعية التي من المفترض أن تعالج الكثير من البنود الضرورية، بينها قروض إذا تأخرنا في قبولها، قد لا تعود في متناول اليد".
(الأخبار)
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك