يبدو أنّ إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الشخصية خلال مراسم إحياء ليلة العاشر من محرم باتت تقليداً سنوياً. فهو أطلّ هذا العام أيضاً أمام الحشود في مجمع سيد الشهداء ليطلق سلسلة مواقف تتعلّق بتطورات الوضع اللبناني والتطورات السورية وغيرها.
نصرالله أكد "أننا متفقون جميعا على الحفاظ على الأمن في لبنان والسلم الأهلي ونؤكد بكل جدية أن هذا الإلتزام يجب أن يكون قاطعاً لدى جميع اللبنانيين"، لافتا إلى أنّه "يبدو أن هناك إرادة دولية وإقليمية بعدم تخريب لبنان لأن التداعيات ستكون خطرة على الجميع وخصوصا على أوروبا التي سكون عليها أن تستقبل ملايين المهاجرين إليها".
الأمين العام لـ"حزب الله" شدّد في الملف الرئاسي على أنّ "أي تحولات سياسية إيجابية توصل الإستحقاق الرئاسي إلى النتيجة المرجوة نؤيدها ونساندها ونرحب بها ونشجع عليها ونعترف لمن يملك هذا التحول بالشجاعة"، مؤكداً "ضرورة تفعيل العمل الحكومي"، داعياً إلى "العودة إلى الحكومة في مقابل إلتزام مكوناتها بالميثاقية والشراكة ونثبت ذلك لمن ترك أو قاطع".
ودعا نصرالله إلى "العمل بجدية من أجل فتح أبواب المجلس النيابي على المستوى التشريعي من جديد وليجتمع المجلس ويعمل بشكل طبيعي"، قائلاً: "يجب أن يكون نصب أعيننا هدف إسمه عدم تعطيل التشريع في المجلس النيابي لأن هناك ملفات مالية وصحية وبيئية وإجتماعية وحقوقية تنتظر على بوابات المجلس".
وشدّد على أن "حزب الله منذ اليوم الأول كان خياره واضحا في ملف الرئاسة وحتى قبل الإعلان عن خياره كان خياره واضحاً"، قائلاً: "تعرضنا للكثير من الضغوط وقالوا لنا بسبب عدم ذهابكم إلى المجلس النيابي عطّلتم الرئاسة"، مضيفا: "نحن أهل الصدق والوفاء والإلتزام بالموقف هكذا كنا وهكذا نبقى وحصلت ضغوط للتراجع عن الإلتزام برئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون"، قائلا: "قُدّم لنا طرح مشوّق بترشيح "المستقبل" لحليفنا النائب سليمان فرنجية ولكن بقينا عند إلتزامنا".
وسأل: "إذا انسحب فرنجية اليوم فهل نستطيع النزول لإنتخاب عون رئيسا؟"، مضيفا: "قبل إعلان الحريري ترشيحه فهذا الكلام لا معنى له".
وقال نصرالله: "إنّ غدا لناظره قريب وعند الإمتحان يُكرم المرء أو يهان وموقفنا في الرئاسة واضح والمطلوب إتصالات ولقاءات لإيجاد تفاهمات".
وفي تلميح إلى السلة التي يطرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال نصرالله: "هناك تفاهمات بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" فما المشكلة في إقامة تفاهمات مع بري وفرنجية وبقية الحلفاء؟ هذا لا يضر ولا أحد يتكلم عن صفقات وشروط تعجيزية".
وعن الوضع في المنطقة، قال نصرالله: "نحن نشهد في هذه الأيام، مشهدا تصعيديا وتوترا خلافا لما كان عليه قبل أشهر. قبل أشهر بدا كأن المنطقة تدخل في الحلول مثلا المفاوضات اليمنية في الكويت، اللقاءات الدولية في فيينا والحوار بين الأميركيين والروس والوصول الى اتفاقات معينة أعدت شعورا أن سوريا ستصل الى حل سياسي معين. ولكن في الأسابيع الماضية هذا المسار التفاؤلي سقط. مفاوضات الكويت فشلت والمفاوضات الأميركية الروسية فشلت وعاد جو المنطقة الى التصعيد والتوتر"، مشيرا إلى أن "التوتر والتصعيد في سوريا، وفي اليمن وصل الى غايته من خلال المجزرة التي ارتكبت في صنعاء، التوتر العراقي التركي الجديد على مستوى القيادات والميدان ما يقال أيضا عن توتر مصري سعودي والتوتر الأخطر هو الروسي الأميركي. للأسف مشهد المنطقة حاليا هو مشهد توتر وتصعيد ولا يبدو أن هناك مسارات للتفاوض أو الحلول".
ورأى أن "سوريا قبل أسابيع كانت أمام فرصة لوقف القتال واعادة اطلاق المسار السياسي ولكن سرعان ما خرج الأميركيون من الاتفاق، لأنه كان يقضي من جملة بنوده تمييز النصرة عن بقية المسلحين وتحديد مناطقها، وبالتالي وضع مناطق النصرة وداعش تحت الاستهداف، واتخاذ قرار بمكافحة هاتين الجماعتين. الأميركيون انسحبوا من الاتفاق وعطلوه وقطعوا الاتصالات السياسية بكل بساطة لأنهم اكتشفوا بأن فصل النصرة عن الجماعات المسلحة غير متاح، لأن العلاقة بين النصرة والجماعات المسلحة علاقة عضوية، أو لأن تحييد النصرة وضربها سيجعل كل الجماعات المسلحة ضعيفة وهزيلة وغير قادرة على مساعدة أميركا. لذلك أنسحب الأميركيون من الاتفاق".
ولفت إلى أنه "من الواضح أن الادارة الأميركية وأتباعها في المنطقة سيواصلون تقديم الدعم للجماعات المسلحة من أجل مواصلة القتال. في موضوع داعش الأميركيون لديهم مشروعا وهذا ما تحدثت عنه كلينتون بشكل واضح. هذا المشروع هو تكديس وجمع داعش في المنطقة الشلرقية في سوريا أي في الرقة ودير الزور وعلى امتداد الحدو العراقية السورية، بمعزل عن منطقة الأكراد. في معركة الفلوجة والأنبار كان الأميركيون يفتحون الطرق أما داعش المهزوم للخروج الى سوريا وتحت أعين الطائرات الأميركية بدل قصفهم وضربهم. الآن أثناء التحضير لعملية الموصل أيضا هناك مساع لفتح الطرق أمام داعش للخروج من الموصل والتوجه الى الرقة ودير الزور. والدليل على ذلك هو تخلف الأميركيين عن معركة الرقة، والمؤشر الاضافي هو الغارات الأميركية على مواقع الجيش السوري في دير الزور والهدف منها اسقاط مواقع الجيش السوري ليسقط المطار ثم المدينة بالكامل بيد داعش، لأن أميركا تريد لداعش أن يسيطر. أما بقاء داعش في شمال حلب فلم يعد مهما لأميركا وتركته للأتراك".
وقال نصر الله: "حرك الاسرائيليون كل جماعات الضغط في الولايات المتحدة، وبالتالي في المدى المنظور لا يبدو أن هناك أفقا لحلول سياسية أو معالجات سياسية، ويظهر أن الساحة مفتوحة على المزيد من التوتر والتصعيد والمواجهات. والمطلوب هو الصمود والثبات والبقاء في الميادين. ومنذ بداية الاحداث، راهنوا على انتصار حاسم خلال أسابيع قليلة، وعجزوا عن اسقاط سوريا والسيطرة عليها، فهذا انجاز كبير لسوريا والجيش السوري وحلفاء سوريا الذين منعوا أن تسقط سوريا في يد الجماعات التكفيرية الارهابية التي تربط بالسفارات وأجهزة المخارات. هذا الانجاز يجب الحفاظ عليه والسعي إلى فتح أفق سياسي جديد لأننا جميعا الذين ندافع عن سوريا ندافع عن محور المقاومة. يتطلعون الى حل سياسي، وليس الى المزيد من سفك الدماء، فمن الذي يعطل الحلول السياسية؟ معروف من. أميركا والسعودية وبعض الدول الاقليمية التي تضع شروطا تعجيزية".
أضاف: "السعودية ترفض الحل السياسي في سوريا، وترفض بقاء الرئيس المنتخب من شعبه. ألستم تقولون إن هذا الرئيس فقد شعبيته؟ فليسقط بالانتخابات، لماذا تخافون من الانتخابات؟ الحل السياسي واضح، فعندما تم الحديث عن انتخابات وحكومة انتقالية كان هناك من يصر على انهاء كل هذا الوضع. إن الهدف ليس الديموقراطية ولا الانتخابات في سوريا، بل المقصود أن تسقط سوريا وتمزق من أجل الاسرائيلي لأنها كانت وما زالت وستبقى العقد الأساس في محور المقاومة".
وتابع: "لذلك، هم يرفضون أي حل سياسي، ويريدون للمعركة والنزيف أن يستمرا، هذا ما تريده أميركا واسرائيل، وما يساعد عليه بعض الدول الاقليمية والخليجية. لو تريد الخير للشعب السوري، فعليها أن تقبل بالحل السياسي والحكومة الانتقالية والانتخابات، وأن يترشح من يترشح من دون شروط. الملف الانساني لا يجب أن يهمل ويجب ايصال مساعدات انسانية".
وأردف: "بلدتي الفوعة وكفريا ما زالتا محاصرتين، وتعانيان المعاناة الانسانية والنقص في المواد الغذائية والصحية، والحكومة السورية منفتحة على أي حل للفوعة وكفريا والزبداني ومضايا، ولكن من يعطل هي الجماعات المسلحة والدول التي تقف خلفها؟. في السنوات الأخيرة، شهدنا قتالا عنيفا بين داعش والنصرة، قتلوا بعضهم وكفروا بعضهم وسبوا نساء بعضهم. وفي الغوطة الشرقية شهدنا قتلا داميا بين جيش الاسلام وجماعات مسلحة، قتل المئات وجرح الالاف ودمرت بيوت، وما زالت الغوطة منقسمة وفيها خطوط تماس".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك