أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنه "آلمتنا، كما جميع اللبنانيّين، الجريمة المروّعة التي حدثت الخميس الماضي في بلدة عشقوت العزيزة، إذ قتل بدم بارد الجاني طوني عبود، وهو مؤهَّل أوّل في الأمن العام، أربعة أشخاص هم: جان بول حبّ الله ووالده جان ووالدته إيزابيل، وجاره انطوان شدياق"، قائلا: "إنّنا، إذ ندين أشدّ الإدانة هذه الجريمة تاركين للسلطة القضائية إنزال أقصى عقوبة بحقّه، نعرب عن تعازينا الحارّة لعائلات القتلى وآل حبّ الله، ولعائلة المرحوم انطوان شدياق، ولعموم عائلات غزير وعشقوت"، مضيفا: "إذا كان الضمير قد مات عند المجرمين خانقًا صوت الله في أعماقهم، فمن واجب الدولة حماية المواطنين من شرّهم وشرّ أمثالهم بإنزال العقوبة القصوى، لردع تكرار جرائم القتل التي تخالف وصية الرب "لا تقتل"، والتي تشكل اعتداء على الله نفسه".
وقال، خلال عظة الأحد في قداس ترأسه في بكركي: "إنّنا نرى، مع شعبنا الضائع والجائع والمهمَل والمخذول، أنّ نوّاب البرلمان اللبناني يتنكّرون لواجبهم الدستوري الملزم بانتخاب رئيس للجمهورية. فالدستور يقتضي في مادّتَيه 73 و74 إتمام هذا الواجب "حكمًا" و"فورًا". وبالتالي لا مجال لأيّ حقّ دستوري لتعطيل هذا الواجب، خاصّة وأنّ نتائجه مدمّرة للمؤسّسات ولمقوِّمات حياة الدولة الاقتصادية بكلّ قطاعاتها. فغياب الرأس يشلّ عمل الجسم، ويخلِّف الفوضى واستباحة كلّ مخالفة وتفشّي الفساد".
وأضاف: "عند إنشاء "الميثاق الوطني" في 9 تشرين الثاني 1943، غداة إعلان استقلال لبنان ونهاية الانتداب الفرنسي، على يد "رائدَي الاستقلال" وممثِّلَي المسيحيِّين والمسلمين، رئيس الجمهورية آنذاك الشيخ بشاره الخوري، ورئيس مجلس الوزراء رياض بك الصلح، تكوّنت الأمّة اللبنانيّة، وقام هذا الميثاق على إسناد رئاسة الجمهورية إلى مسيحي ماروني، ورئاسة مجلس النوّاب إلى مسلم شيعي، ورئاسة الحكومة إلى مسلم سنّي، وفقًا لأحكام الدستور، وجاعلًا لبنان كطائر ذي جناحَين متساويَين مسيحي ومسلم. ثمّ كرّست "وثيقة الوفاق الوطني" سنة 1989 هذا الميثاق. فلا بدَّ من العودة إلى الميثاق والدستور نصًّا وروحًا من أجل القيام بالواجب الوطني الكبير، وهو انتخاب رئيس للبلاد. والمطلوب رئيسٌ جدير بتحمّل المسؤوليّة التاريخيّة، وبإعادة بناء الدولة بمؤسّساتها على أساس الدستور والميثاق الوطني؛ رئيسٌ يعمل جاهدًا وأساسًا من أجل المصالحة والوفاق وعودة الثقة بلبنان الدولة والوطن الذي يعلو كلّ اعتبار، وبين اللبنانيّين من مختلف الاتّجاهات؛ رئيسٌ معروف بثقافة الانفتاح وأصالة الانتماء يعيد لبنان إلى موقع الصداقة والتعاون والعلاقات السلميّة والسليمة مع أسرة الدول العربية والأسرة الدوليّة، على أساس من الاحترام والصدق والإنتاج. فلبنان، المميَّز بالتعدّدية الموحَّدة. والمؤمن بقضيّة العدالة والسلام، والباحث عن الأمن والاستقرار، لا يتحمّل الانحياز إلى محاور والانخراط في معسكرات إقليمية أو دوليّة".
وشدد على أنّ "الشعب اللّبناني سئم ممارسةً سياسيّة منذ سنتَين وستّة أشهر، يبحث أصحابها تارةً عن سلّة وتارة عن تفاهمات. وهي تصبّ، في معظمها على ما يبدو، في خانة واحدة هي تقاسم حصص ومغانم على حساب الخير العام، بل على حساب لبنان وشعبه. وها هم ضائعون بين تفسيرات متناقضة لتصريح، وبين انتظارات لإعلان موقف ونوايا، فيما انتخاب رئيس للبلاد بات رهينةً لكلّ ذلك. ألا يستطيع أهل السياسة بعد هذا الفراغ الطويل من أخذ المبادرة الذاتية، اللبنانية-اللبنانية، والتركيز على ما يوحِّد، ونبذ ما يفرّق؟ لقد حان لهم أن يعودوا إلى لبنان".
وقال: "فيما نأمل أن تصل المحاولات الجارية إلى تفاهم على شخص الرئيس، وأن يتمّ انتخابه في جلسة 31 تشرين الاول الجاري، نتمنّى أن تسلّط "التفاهمات": على كيفيّة إيقاف الدَّين العام الذي وصل إلى 70 مليار دولار، ومع فوائد المبالغ المودعة فيه من قِبل المصارف إلى 100 مليار دولار! وعلى كيفيّة النهوض بالقطاع الصحّي لجهة كلفة الاستشفاء وتصنيف المستشفيات، ومعايير سقوفها المالية، وتشكيل هيكليّة إداريّة حديثة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي! وعلى كيفيّة تعزيز القطاع الزراعي، بتمويل المزارعين، والتغطية ضدّ الكوارث الطبيعية، وتأسيس غرف الزراعة والسجل الزراعي، والإرشاد ومراقبة مواصفات المستوردات الزراعية، وحماية التبادل الزراعي! ونتمنى ان يتفاهموا على كيفيّة النهوض بالقطاع الصناعي، بدعم أسعار الطاقة للمصانع، وتحفيز الاستهلاك الوطني، ودعم الرأسمال التشغيلي وأكلاف الشحن للصادرات وإنشاء مؤسّسة ضمان لها، وإطلاق الشراكة بين القطاعَين العامّ والخاصّ! وعلى كيفيّة اعتماد سياسة سياحيّة تثمّر مرتكزاتها اللبنانية المميَّزة لجهة الطبيعة والبيئة والمناخ والمورد البشري، ولجهة الحضارات والتاريخ الثقافي! وعلى كيفيّة تفعيل القطاع التجاري الذي تتراجع مؤشّراته بشكل سريع ومخيف! ويا ليتهم يتفاهمون على كيفيّة المحافظة على الشباب اللبناني وقوانا الحيّة وتحفيز قدراتها ومواهبها على أرض الوطن!".
ولفت إلى أن "رؤساء الهيئات الاقتصادية الذين يجتمعون دوريّا في الكرسي البطريركي يقدّمون ملخّصا مكتوبا وواضحا عن وقائع كلّ قطاع وعن توصيات النهوض به، وهي استكمال "للمذكّرة الاقتصادية" التي أصدرناها في 25 أذار 2015. نأمل من الوزارات المعنيّة أن تستفيد منه. وعند اتمام ذلك نستطيع ان نقول ان التفاهمات تأتي في محلها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك