ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانيّة بقرار مسيحي شيعي وبموافقة سنيّة درزيّة...
هذا هو المشهد باختصار، ولكن كيف وصل عون الى الرئاسة وما هي حسابات كلّ من دعم ترشيحه ومن لم يدعم؟
اللاعب الأكبر في السياسة المحليّة والإقليميّة هو حزب الله. و"الحزب" بادر الى ترشيح عون للرئاسة، وعمل على منع وصول أيّ مرشح آخر الى بعبدا التزاماً منه بالوفاء لـ "الجنرال" الذي سلّف "الحزب" الكثير منذ حرب تموز حتى الحرب على الإرهاب في سوريا وما بين الحربين، من مواقف سياسيّة ليس أصعبها اقالة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.
لكن "الحزب"، وعلى الرغم من رؤيته السياسيّة، أخطأ محليّاً مرتين:
الأولى، في الحلف الرباعي قبيل ورقة التفاهم مع التيار الوطني الحر، والثانية في السماح لمرشحه الثاني للرئاسة النائب سليمان فرنجيّة بالتمادي في خسارة الشارع المسيحي شعبيّاً.
مصادر الحزب أكدت للـ mtv أنّ فرنجية رفض الانسحاب والتريث بعدما تلقى دعما ووعدا من رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري. واتهمت المصادر الحريري بحرق ورقة سليمان فرنجيّة نزولاً عند رغبة الدكتور سمير جعجع والمملكة العربية السعودية.
المصادر نفسها، وردّاً على سؤال حول رفض سوريا الحريري في رئاسة الحكومة، أوضحت أنّ سوريا تستعين اليوم بقدرات حزب الله لدحر الإرهابيّين وهي تثق بقراراته العسكريّة في عقر الشام، فكيف لها الا تثق بقراراته السياسيّة في عقر داره بيروت؟
ثانياً، الدكتور سمير جعجع اللاعب الثاني في معركة وصول عون الى بعبدا خصوصاً وأنه مرشح ما كان يسمّى الرابع عشر من آذار والخصم اللدود لعون في السياسة وفي الحرب. نقطة التحوّل بدأت يوم استشعر جعجع خطر وصول صديق بشار الأسد سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، بعد ثورة الأرز وما كلّفت من شهداء، فبادر الى حوار جريء مع عون أحرج الحلفاء والخصوم ورشَّح على أثره مرشّح حزب الله لرئاسة الجمهوريّة فاتحاً الباب على مصراعيه للانتقادات السياسيّة وأولها من الحريري نفسه حيث قال في احتفال البيال "كان لازم من زمان شو كنت وفَّرت ع المسيحيين وع لبنان".
قابل موقف جعجع رفض الحريري، معتبراً أنّ وصول عون يعني انتصار حزب الله الامر الذي رفضه "الحكيم" جازما بأنّ عون سيّد نفسه، غير أنّ جعجع طلب من عون العزوف عن المواقف السياسيّة بغية تأمين موافقة سعوديّة على دعمه أو في الحد الأدنى عدم ممانعة وهذا ما حصل.
أما ثالثاً فسعد الحريري الذي اقتنع بضرورة وصول الشريك المسيحي الاقوى الى الحكم كي تستقيم الميثاقيّة فعمل مع جعجع على رفع الفيتو السعودي عن وصول عون الى بعبدا.
لا يستطيع المعترضون الآخرون، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سليمان فرنجية، قلب المعادلة لا عدديّاً ولا سياسيّاً فالزعيمان ينضويان تحت مظلّة حزب الله، و"الحزب" لا يريد فرنجيّة رئيساً في هذه المرحلة أما السبب فهو عدم خسارة الرهان "الشاب" على حساب الرهان "العجوز"، فبعد ست سنوات سيحتاج الى ماروني قويّ وفرنجيّة هو الهدف.
يبقى أن نعرف في الأيّام المقبلة سبب سماح حزب الله لفرنجيّة بخسارة الشارع المسيحي لحساب الدكتور جعجع اللهم الا اذا كان مرشح الحزب بعد ستّ سنوات سمير جعجع نفسه. وقد نسمع الأخيرة يقول غداً للحريري: "كان لازم تعملا من زمان... شو كنت وفَّرت ع المسيحيي وع لبنان".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك