ذكرت صحيفة "الراي" الكويتية أن حالتي اعتراض تتقاطعان لتشكلا "وجهي" المخاطرة السياسية الكبرى التي أخذها الرئيس سعد الحريري بإعلانه تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
الاعتراض الأوّل من رئيس البرلمان نبيه بري، شريك "حزب الله" في الثنائية الشيعية، الذي "رفع الصوت" بوجه ما اعتبره تفاهماً ثنائياً بين عون والحريري أسبغ عليه طابعاً سنياً - مارونياً واعتبره عودة الى "ثنائية 1943" وتهديداً لاتفاق الطائف، بما عكس أن "فيتو" بري على عون وعلى تسمية زعيم "المستقبل" رئيساً للحكومة العتيدة يشكّل عملياً خط دفاع عن حصة المكوّن الشيعي في التسوية الرئاسية.
اما الاعتراض الثاني فمن داخل "البيت المستقبلي"، وسط رفضٍ وتحفُّظ من نحو ثلث كتلة الحريري البرلمانية (تضمّ 33 نائباً) على خيار عون الذي لطالما شكّل بالنسبة الى قوى "14 آذار" - وجمهور "المستقبل" خصوصاً - في الأعوام الـ 11 الأخيرة "رأس الحربة السياسية" لـ "حزب الله".
واذا كان الحريري سيعمل خلال الأيام المقبلة على محاولة حصر رافضي خيار عون داخل كتلته (الرئيس فؤاد السنيورة، سمير الجسر، أمين وهبة، نضال طعمة، عمار حوري، رياض رحال، محمد قباني، معين المرعبي و أحمد فتفت، اضافة الى نائب رئيس البرلمان فريد مكاري) وضمان حضور حتى المتحفظين للإدلاء بأوراق بيض أي المشاركة في توفير نصاب جلسة 31 الجاري، فإن "النصف الأول" من مخاطرة زعيم "المستقبل" المتصلة بذهابه "عكس سير" مزاجِ قسم غير قليل من جمهوره يشي بترْك أضرار فادحة سياسية وشعبية عليه بحال صحّت المخاوف من "النصف الثاني" من المخاطرة والتي يُخشى أن تكون اندفاعة الممانعة من بري بمثابة "هزة تمهيدية لها".
وحسب معترضين على خيار عون، فإن "حيثيات" تبنّي ترشيحه وتحديداً لجهة عدم رغبة الحريري في تحميله وزر الوقوف بوجه القوى المسيحية الوازنة التي اصطفت مع هذا الخيار (التيار الحر و"القوات اللبنانية") وحرْصه ايضاً على إنقاذ الدولة والنظام جيدة في المبدأ، لكن تأييد عون ينطوي على خروج على كل أدبيات قوى "14 آذار"، والأهمّ أن ذلك يحصل بلا ضمانات حقيقية ذات صلة بمرحلة ما بعد الرئاسة الاولى، وسط خشية من مشهدية دراماتيكية بحال كان زعيم "المستقبل" أعطى مرشح "حزب الله" مفاتيح القصر الرئاسي ليبقى "القفل" الذي حال منذ العام 2011 دون عودته الى رئاسة الحكومة في يد خصومه.
واذ يذكّر هؤلاء بأن التفاهم مع النائب سليمان فرنجية كان سقط في جانب منه قبل نحو عام بسبب استمرار "الفيتو" من "حزب الله" والنظام السوري على عودة الحريري الى السلطة رغم أن هذا التفاهم كان حظي بغطاء اقليمي واوروبي، يلفتون الى أن "خيار عون" الذي تم اعتماده من ضمن "طبخة محلية" وبلا قوة دفع صريحة خارجية لا يحمل أي "ملحقات مضمونة" بأن يفضي الى "تبادُل رئاسات" بين 8 و 14 آذار، ما يجعل أي خطأ على هذا المستوى يدفع الحريري ثمنه مباشرة.
ويعرب هؤلاء عن الخشية من "فخّ" قد يكون منصوباً للحريري لجهة تمرير انتخاب عون في جلسة 31 بمعنى "الأخذ بخاطره" من"حزب الله" والوفاء بالوعد الرئاسي له، ليُترك زعيم "المستقبل" ليواجه مخاطر تأليف حكومة سيُكلَّف على الأرجح تشكيلها لان ذلك من مستلزمات إكمال الوعد لعون، لكن تشكيلها سيُزرع بألغام ليس أقلّها الاعتراض الشرس من بري على ما اعتبره "طعنة في الظهر" من الحريري بالتفاهم مع زعيم "التيار الحر" بمعزل عنه، وسط أسئلة صعبة: هل يمكن تشكيل حكومة يغيب عنها بري؟ وهل سيتضامن "حزب الله" معه؟ واذا فعل كيف تؤلف حكومة بلا المكوّن الشيعي؟ واذا شارك الحزب لوحده، هل يحتمل الحريري تمثيلاً محصوراً للمكون الشيعي بطرفٍ تعتبره دول الخليج قبل الولايات المتحدة "إرهابياً"؟ واذا "علِق" الحريري في رحلة التأليف ووصل موعد الانتخابات النيابية ربيع 2017 ولم يكن استعاد التوازن السياسي وأقلع بحكومة تعيد لمّ الشارع من حوله بإنجازات ولو الحدّ الأدنى، هل سيكون قادراً على تحقيق الفوز قبل استيعاب أضرار السير بعون شعبياً ولا سيما أن خصومه يكمنون له بقانونٍ يريدونه على قاعدة النسبية ليأخذ "من جيْبه"؟ وإذا خاطر بفقدان الغالبية السنية قبل غيرها ألا يكون خسر "بوليصة التأمين" الكفيلة توليه رئاسة الحكومة "بلا منّة من أحد"؟
(الراي الكويتية)
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك