كان يدرك دولة الرئيس العماد ميشال عون في 13 تشرين الأول 1990 ان قصر بعبدا الذي ارغم على مغادرته يومها سيعود اليه في يوم من الايام فخامة الرئيس.
حلم العودة إلى قصر الشعب تحقق بعد 26 عاما, سيدخله عون ليقلب بين ارجائه صفحات احلام قائد تنقلت حياته بين قيادة الجيش ومتاريس القتال والغام السياسة.
ابن حارة حريك تخرج من المدرسة الحربية عام 1958 ضابطا مدفعيا, واصبح حامي قصر بعبدا أثناء الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982 كقائد للواء الثامن. وبعد تعيينه قائدا للجيش عام 1984ليكون أصغر ضابط يتولى القيادة منذ الاستقلال، بقي القلب في بعبدا ليدخل من بابها العريض مترئسا حكومة انتقالية من الرئيس امين الجميل بعد تعذر انتخاب رئيس جمهورية جديد فشكل حكومة عسكرية في 22 ايلول 1988 في مواجهة حكومة الرئيس سليم الحص وبذلك اصبح للبنان حكومتان.
في 14 اذار 1989 قصف عشوائي على بيروت اتهم عون على اثرها سوريا بممارسة حرب إبادة على لبنان فأعلن الجنرال المتمرد حرب التحرير ضد الاحتلال السوري لتبدأ المواجهة.
وفي 1989 تم التوصل في الطائف بوساطة المملكة السعودية إلى اتفاق الطائف، ولكن عون رفض الاتفاق لانه لا يحدد آلية لانسحاب الجيش السوري.
في 31 /01/1990: بدأت المواجهات بين الجيش والقوات اللبنانية.
في 13 تشرين الاول, كان مؤلماً ما حصل صباح السبت. دبابات الجيش السوري تطبق على قصر بعبدا الذي يتحصن فيه الجنرال، وطائرات السوخوي السورية تدك القصر بالقنابل. كان ذلك إعلانا لنهاية العهد العوني الذي بدأ في 23 أيلول 1988.
غادر عون القصر ولجأ الى السفارة الفرنسية، ومنها تم ترحيله في 29 آب 1991 إلى باريس عبر بارجة حربية فرنسية.
هنا, ما اريد ان يكون نهاية الجنرال تحول الى بداية النضال. بعد أكثر من ربع قرن من خلعه البزة العسكرية، لا يزال قلب ميشال عون، قلب مقاتل.
فبين تشرين 1990 و تشرين 2005 انقلبت سنوات الأسى إلى انتصار في 14 آذار 2005 بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، وفي 7 أيار عندما عاد عون من منفاه الباريسي حيث امضى خمسة عشر عاما.
المحارب العتيق الذي خبر الجبهات العسكرية وحفظ خرائطها لا يزال صامداً في متراسه. لم تتعبه السنين وقد بدأ يقود معاركه السياسية مترئسا اكبر كتلة نيابية مسيحية.
6 شباط 2006 شكل انعطافة تاريخية في مسيرة الجنرال اذ وقع وثيقة التفاهم مع "حزب الله" داخل كنيسة مار مخايل في الشيّاح.
رجل الحرب والسلم وافق ان يكون صانع الرؤساء عام ٢٠٠٨ ولم يقف امام اتفاق الدوحة الذي جاء بميشال سليمان رئيساً للجمهورية، علماً بأن عون الأقوى مسيحياً وفق انتخابات ٢٠٠٥.
الجنرال, صاحب المعارك الصعبة وأحياناً المستحيلة, يحط في 3 /12/ 2008 في سوريا حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد بعد عداوة مريرة مع نظام الأسد.
في انتخابات 2009, تمكنت كتلة "التغيير والإصلاح" بزعامة عون من حصد 27 مقعدا, ومنذ ذلك الحين وعلاقته مع "القوات اللبنانية" كانت من أدق المسائل التي تعامل معها الزعيم المسيحي.
والمصالحة مع "القوات" هي مصالحة مع ذاته توجها عون في ٢ حزيران ٢٠١٥ بتوقيعه ورئيس "القوات" اعلان النيات لتنتهي حقبة الاقتتال المسيحي العسكري والسياسي ويختم جرح وصراع عمره ربع قرن.
وفي ظل الفراغ الرئاسي كان عون يحطم حائطا تلو الآخر نحو قصر بعبدا. ايده سمير جعجع, ثم انقلب الرئيس سعد الحريري على خيار سليمان فرنجية. كل ذلك، وميشال عون بحكم المتيقّن بأنها اللحظة التاريخية الوحيدة التي اتيحت للبنانيين بأن يصنعوا رئيسهم بانفسهم.
وها هو اليوم يقفز الى آخر قممه: رئاسة الجمهورية ليبدأ في ٣١ تشرين الأول ٢٠١٦ زمن فخامة الرئيس ميشال عون.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك