ترتدي التسوية التي وضعت حداً لأسبوع من التصعيد النقابي والسياسي، طابعاً بالغ الأهمية بحسب مصادر نيابية مطلعة، وذلك كونها شكّلت اختباراً خطراً للعهد، ووضعت أسس معادلة سياسية للمرحلة المقبلة، ومن المتوقّع أن تستمرّ حتى موعد الانتخابات النيابية في العام المقبل. وتقول المصادر ان الرهان على تفجير الوضع الحكومي تحت عنوان أزمة سلسلة الرتب والرواتب قد سقط، كما سقطت توقّعات سابقة لن يكون آخرها التأثير المباشر للقاء الذي حصل بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الخارجية السوري وليد المعلّم في نيويورك. وإذا كانت الأسباب التي تدفع نحو هذا السيناريو التشاؤمي تعود بالدرجة الأولى إلى عدم شمول التسوية الحالية كل الأطراف السياسية على الساحة الداخلية، فإن المصادر توقّعت استمرار مسلسل الاشتباك السياسي في موازاة الحلول المناسبة والمفاجئة من حيث التوقيت أولاً، والفاعلية ثانياً، والتي تأتي في كل مرة يصل فيها التوتّر السياسي إلى نفق مظلم يهدّد كل الأطراف على حدّ سواء.
وبالتالي، فإن تجاوز "قطوع" سلسلة الرتب والرواتب، لن يمرّ من دون أن تصيب شظاياه، وبشكل مباشر، المجلس الدستوري، كما أضافت المصادر النيابية نفسها، والذي لا يمكن الموافقة عليه من قبل كل أركان الدولة، وذلك بغض النظر عن أسباب ومصدر هذه الشظايا، والتي تحمل عدة رسائل، أبرزها التصعيد الممنهج ضد القضاء، مع العلم أن القضاء هو ركيزة أساسية للدولة، حتى ولو كانت بعض الأحكام "خاطئة".
وفي هذا الإطار، تحدّثت المصادر النيابية عينها، عن عملية سوء تفسير لقرار المجلس الدستوري، وذلك من دون أن يكون هذا الأمر قد حصل عن سوء نية، أو عن حسن نية. واتّهمت الأطراف التي قامت بعملية سوء التفسير هذه، بأنها أدخلت الساحة الداخلية في اشتباك سياسي، ومن دون أن تتوضّح الأسباب الفعلية والحقيقية لهذا السيناريو، وخصوصاً أن المخرج الذي جرى اعتماده لحل معضلة تمويل السلسلة قد أخذ برأي المجلس الدستوري لجهة تعديل المواد المتعلقة بالازدواج الضريبي. وأوضحت هذه المصادر، أن المجلس الدستوري أكد أنه لا يجوز فرض الضرائب في غياب الموازنة، ولم يتعرّض بأي صيغة إلى صلاحيات مجلس النواب، معتبرة أن التصويب على المجلس الدستوري في غير محله، وبخاصة أن قرارات هذا المجلس سبق وأن لاقت ردود فعل مرحّبة في محطات سابقة.
وأكدت المصادر النيابية عينها، على وجوب الحفاظ على هيبة القضاء اللبناني بشكل عام، لأن السلطة القضائية مستقلة والدستور نص على ضرورة الفصل بين السلطات. كذلك، أشارت إلى أن أحكام المجلس الدستوري مبرمة، وهي ملزمة لكل السلطات، حتى ولو سجّلت فيها شوائب أو أخطار. وبالتالي، فإن طي صفحة الإشكال السياسي الأخير، والذي أدى إلى تداعيات عديدة سلبية على مجمل المشهد السياسي العام، يجب أن لا يحول دون التوافق بين كل الأطراف السياسية على تحييد القضاء عن كل أنواع التجاذب الحاصل بين القوى السياسية داخل وخارج التسوية الحالية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك