فعلت زيارات عدد من الشخصيات السياسية الى الرياض في الأيام الماضية والتي يبدو شريطُها سيستكمل في الساعات المقبلة، فعلَها على الساحة المحلية. فهي تمكّنت، وفق ما تقول مصادر مراقبة لـ"المركزية"، من إعادة التوازن السياسي اليها بعد أن جنح القطار اللبناني بقوة نحو المحور "الايراني" في المنطقة بدفع من حلفائه في لبنان. حزب الله وفريق 8 آذار في الداخل، كانا يظنّان، بحسب المصادر، أن المملكة المنهمكة في متابعة ملفات كثيرة من الأزمة اليمنية الى السورية والقطرية (...) انكفأت عن تتبّع التطوراتِ اللبنانية ومسار التسوية السياسية التي أسست للعهد "العوني" وكانت من أبرز رعاتها. فحاول من يدورون في فلك "الممانعة" اغتنام هذه اللحظة الاقليمية لكسر التسوية وخطف البلاد نحو خياراتهم السياسية الاستراتيجية. وعليه، كثّفوا الضغوط لطي صفحة "النأي بالنفس" وجرّ الدولة اللبنانية نحو التطبيع مع النظام السوري، للبحث في كيفية اعادة النازحين الى بلادهم تارة، وفي سبل تطوير التبادل التجاري وتصريف الانتاج المحلي طورا، وانطلقت سلسلة لقاءات وزارية لبنانية - سورية كان أبرزها اجتماع وزيري خارجيتي لبنان وسوريا جبران باسيل ووليد المعلم في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة.
لكن أمام محاولات فرض أمر واقع سياسي جديد في لبنان، تضيف المصادر، لم تبق المملكة مكتوفة الايدي. فقررت رفعَ الصوت وتذكيرَ من يعنيهم الامر أن لبنان لا يزال في صلب اهتماماتها وأن صون التسوية السياسية والمحافظة على التوازنات المحلية التي أرستها، من أولوياتها. ولتقرن القول بالفعل، تتابع المصادر، زخّمت حركةَ التواصل مع حلفائها في لبنان وهم الاطراف الرافضة منذ عام 2005، لسياسات حزب الله وممارساته، فوجّهت دعوات اليهم لزيارتها والتشاور معهم في نظرتهم الى الوضع المحلي والتباحث في كيفية مواجهة المسار الجديد الذي يحاول الفريق الآخر إطلاقه في الداخل. ولم تكتف الرياض بذلك، بل قررت أيضا رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي في لبنان بعد سنوات من التريث، عبر تعيين الدبلوماسي وليد اليعقوبي (وهو مساعد وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان) سفيرا لها في بيروت. وقد أرسلت عبر سفارتها في لبنان نسخة من اوراق اعتماده الى وزارة الخارجية لاتخاذ الإجراءات الواجبة عبر درس الملف والموافقة على الاعتماد، على ان يحضر الى لبنان اثر ابلاغ المملكة قرار الموافقة عبر القنوات الدبلوماسية.
ويبدو بحسب المصادر، أن "العودة" السعودية القوية الى "لبنان" أتت ثمارَها سريعا. فالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وفي كلمته ليلة العاشر من "محرّم" السبت الماضي، أشار الى "ان السعودية تدفع لبنان نحو مواجهات واصطفافات جديدة"، قبل ان يؤكد "أننا مع استمرار الحكومة في العمل إلى آخر يوم لتقوم بواجباتها، ونحن مع التعاون الايجابي ومعالجة الملفات بكل السبل المتاحة"، لافتا الى ان "الحديث عن مشكلة مع الحكومة غير صحيح"، داعيا الى "الحفاظ على الاستقرار العام"، ومشيرا الى "ان حزب الله هو الحريص الاكبر على الاستقرار الداخلي". وفي هذه المواقف، دائما بحسب المصادر، بعضٌ من التراجع وخفض السقوف الذي لا يمكن فصله عن ردّة الفعل السعودية على مخططات الحزب وايران من خلفه، للبنان، اذ لمس هؤلاء في خطوات الرياض، تحذيرا مبطّنا من مغبّة المضي قدما في "العبث" بأوراق التسوية الرئاسية والخروج عن مبادئها، فأخذوها على محمل الجدّ، ربما لأن "حزب الله" يحتاج في هذا الوقت بالذات، عشية صدور العقوبات الاميركية ضده، الى غطاء "ومشروعية" تؤمنهما له الحكومة اللبنانية، تختم المصادر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك