نظمت منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل، اليوم، ورشة عمل عن "المشاورة الاقليمية المعنية بهجرة اليد العاملة والتنقل في آسيا /أفريقيا الى الشرق الاوسط"، برعاية وزير العمل محمد كبارة، في فندق جيفينور روتانا في حضور حشد من المعنيين من لبنان ومختلف الدول العربية.
وتحدث في حفل الافتتاح الوزير كبارة فقال: "بداية أتوجه بالشكر للقيمين على هذه الدعوة الكريمة للمشاركة في ورشة العمل هذه، ولجميع القيمين على تنظيمها بدعوة من مكتب بيروت الاقليمي لمنظمة العمل الدولية وعلى رأسه السيدة ريا جردات التي نقدر جهودها وتعاونها الدائم ومبادراتها البناءة على مستوى دعم العدالة الاجتماعية في منطقة الشرق الاوسط عموما وفي لبنان خصوصا، كما يسرنا أن نوجه تحية الى كل المشاركين فيها".
اضاف: "أما اللقاء اليوم فيشكل دليلا على جدية جميع الاطراف المشاركة كي نكون جزءا لا يتجزأ من الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والقانونية وكذلك الاتفاق العالمي للاجئين من خلال النهوض ببرنامج عمل الهجرة العادلة".
واكد "ان لبنان قد برهن، وعلى مدى سنوات عدة، تمسكه باحترام حقوق الانسان وانخراطه في تطوير المواثيق الدولية والعربية، خصوصا تلك المعنية بحقوق العمال، وذلك من خلال وضع رؤية اجتماعية واقتصادية شاملة ـ تولي القضايا الاجتماعية اهمية قصوى". وقال: "تفد الى لبنان عمالة اجنبية كثيفة الى حد ما بالنسبة لعدد سكانه، آتية من مختلف البلدان وتعمل في مختلف القطاعات، ليتراوح متوسط عدد العاملين والعاملات الأجانب في لبنان العام 2017 بين 250.000 الى 300.000 أجنبي، اغلبهم من الجنسية الاثيوبية، البنغالية، المصرية، الهندية والسودانية، ما استدعى ويستدعي واجب تنظيم هذا القطاع على المستويين التشريعي والاداري، وحماية كرامة وحقوق هؤلاء العاملات والعمال".
اضاف: "أما العمال السوريون المقيمون في لبنان والذين تزايد عددهم في السنوات الست الأخيرة مع نزوح حوالى مليون ونصف مليون سوري خلال الحرب الى لبنان، هربا من الحرب والمناخ الاقليمي المضطرب في بلادهم، فمنهم من يقيم بصورة شرعية وملتزم بالقوانين المرعية الاجراء، والبعض يقيم ويعمل على الاراضي اللبنانية بصورة غير قانونية ويشكل مزاحمة فعلية لليد العاملة اللبنانية، ما يستدعي العمل على تأمين العودة الآمنة لهم الى بلدهم في أقرب فرصة ممكنة وحالما تتهيأ الظروف مع حفظ وصون كرامتهم الانسانية، وذلك باستثناء هؤلاء الذين يعملون على تسوية اوضاعهم حسب الشروط والقوانين اللبنانية".
وتابع: "من هنا، وقع عبء كبير على وزارة العمل التي باشرت باتخاذ خطوات تساهم في التوعية حول حقوق العمال المهاجرين على الاراضي اللبنانية، منها اصدار الدليل الارشادي، تعميم عقد العمل الموحد وتنظيم عمل مكاتب الاستقدام للعاملات في الخدمة المنزلية، توقيع اتفاقيات مع الدول ذات الرعايا الاجانب العاملين على الاراضي اللبنانية للسماح بدخولهم بشكل قانوني، الالتزام بمكافحة الاتجار بالبشر كما تنص المواثيق الدولية، استحداث مكتب وخط ساخن في الوزارة لتلقي الشكاوى ومعالجتها بشكل فوري، تعزيز دور التفتيش من خلال تكثيف عمليات تفتيش دورية في جميع المناطق اللبنانية وعلى المحلات والشركات والمؤسسات المخالفة للقوانين والانظمة بشكل خاص. فوزارة العمل، من خلال كل التدابير التي تتخذها والشروط والحمايات القانونية التي حريصة كل الحرص على احترام حقوق المهاجر العامل في لبنان مستندة الى منطق العدالة، وهي على اطلاع دائم بالتقارير الدولية التي تصدر بهذا الشأن وملتزمة تطبيق القوانين الصادرة عنها".
وأكد "ان الجهود التي تبذل وما زالت في سبيل ارساء العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل اللائق للعمال المهاجرين لن تأتي بنتيجة حقيقية الا عبر ترسيخ التعاون بين البلدان المعنية وتفعيل الحوار بينها".
وفي الختام، شكر كبارة "فريق عمل مكتب بيروت الاقليمي لمنظمة العمل الدولية على الدور الوثيق الذي تقوم به المنظمة وتعاونها الدائم مع وزارة العمل بهدف ارساء مفهوم الحوار الاجتماعي في لبنان".
ثم ألقت المدير الاقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية الدكتورة ريا جرادات كلمة قالت فيها: "يطيب لي أن أرحب بكم بحفاوة في بيروت في المشاورة الأقليمية المعنية بهجرة اليد العاملة والتنقل من آسيا وأفريقيا إلى الشرق الأوسط التي تنظمها منظمة العمل الدولية".
واشارت الى "ان سبب عقد هذا الإجتماع، هو الإحاطة باتجاهات هجرة اليد العاملة الأقليمية وفهمها بشكل أفضل، إلى جانب مناقشة الاستجابات السياسية الممكنة للتحديات والفرص المتصلة بهجرة اليد العاملة وتنقلها".
وتحدثت عن وقائع وأرقام حول مشهد الهجرة فقالت: "بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية، هناك نحو 150 مليون مهاجر عامل في العالم - أي 65% من مجموع المهاجرين الدوليين. الدول العربية في منطقة الخليج والشرق الأوسط تستضيف نحو 12% من جميع العمال المهاجرين في العالم، الأمر الذي يجعل من منطقتنا ثالث أكبر منطقة مستقبلة للعمال المهاجرين بعد أميركا الشمالية وأوروبا. يشكل العمال المهاجرون 36% من اليد العاملة في الدول العربية، ما يجعل المنطقة تستقبل أعلى نسبة من العمال المهاجرين إلى إجمالي العمال في العالم. ويشكل العمال المهاجرون أكثر من 95% من اليد العاملة في بعض الدول العربية ولا سيما في قطاعي البناء والعمل المنزلي".
اضافت: "في بعض الدول في منطقتنا، يشكل العمال أكثر من 80% من السكان المقيمين. وتستقبل منطقتنا عددا لا يستهان به من العمال المهاجرين من آسيا، الذي تزايد أكثر من ثلاثة أضعاف، أي من 5.7 مليون مهاجر في العام 1990 إلى 19 مليون مهاجر في العام 2015. ويعمل هؤلاء المهاجرون بمعظمهم في دول مجلس التعاون الخليجي وفي بعض القطاعات الاقتصادية في كل من الأردن ولبنان. لكن، وبالنظر إلى تزايد هجرة اليد العاملة اليوم، ينطوي مشهد الهجرة على أكثر من بعد واحد، حيث يتزايد عدد العمال المهاجرين القادمين من أفريقيا، وخصوصا من أثيوبيا، وكينيا، والسودان وأوغندا".
واوضحت ان الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ستجتمع في بحر الأسبوع المقبل في جنيف في إطار المشاورة السادسة التي ستناقش أيضا العمل اللائق وتنقل اليد العاملة.
وختمت: "فيما يركز هذا الاجتماع على الهجرة الدولية لأغراض العمل، بهدف إغناء النقاش حول الميثاق العالمي، ندرك تمام الإدراك بأن النزوح الجماعي الناتج من أزمة النزوح السوري قد أرخى بأوزاره الثقيلة على أسواق العمل في هذه المنطقة، وخصوصا في لبنان والأردن. وعليه، يظهر العمل اللائق وبوضوح كهمزة وصل مهمة بين الميثاقَين العالميين المنشودين".
من جهته، لفت الامين العام لجمعية الصناعيين اللبنانيين الدكتور خليل شري الى "ان النزوح واللجوء والعمالة الاجنبية في لبنان باتت تشكل 50 بالمئة من عدد سكان لبنان"، مشيرا الى "عدم وجود ميزانية لاستيعاب ذلك كون لبنان يعاني من ازمة اقتصادية خانقة ولا يوجد موارد طبيعية تعوضنا عن ذلك"، مؤكدا "ان ما من دولة في العالم تستطيع ان تستوعب هذا العدد من النازحين كما يفعل لبنان".
ونوه بدور وزارة العمل في عدم تشريع اليد العاملة ومنع المنافسة غير المشروعة.
وتحدث محمد معايطة من الاردن، باسم الاتحاد العربي لنقابات العمال، عن تأثير النزوح على حجم العمالة، داعيا الى "تمتين عملية التشاور لحماية حقوق وحرية العمالة بما فيها العمالة الوافدة"، منتقدا "عدم خلق مناخات لتنظيم العمالة المهاجرة في العديد من الدول للدفاع عن حقوقها النقابية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك