أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، "دعمه المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية في الامم المتحدة وفي فرنسا، لا سيما موقفه من قضية النازحين السوريين والدعوة إلى إيجاد حلول مناسبة لمعاناتهم".
وجدد الراعي تأييده لـ"طرح الرئيس عون بجعل لبنان مركزا دوليا لحوار الحضارات والاديان والأعراق"، لافتا إلى أن "رئيس الجمهورية طمأنه إلى أن الانتخابات النيابية ستجري في شهر أيار المقبل مهما كانت الظروف". ووصف الراعي الرئيس عون بأنه "علامة رجاء لجميع اللبنانيين".
وكان الراعي وصل إلى قصر بعبدا حيث استقبله الرئيس عون، وأجرى معه جولة أفق تناولت الاوضاع العامة في البلاد. وأطلع الراعي رئيس الجمهورية على رحلته الى روما والولايات المتحدة الاميركية، والتي سيبدأها الجمعة المقبل.
بعد اللقاء، أدلى البطريرك الراعي بتصريح قال فيه: "تشرفت بزيارة فخامة الرئيس لتهنئته على عودته بالسلامة من مشاركته في الجمعية العامة لمنظمة الامم المتحدة، وشكرته خصوصا على خطابه الذي تناول فيه مواضيع اساسية تعنينا، وبالاخص على إقتراحه أن يكون لبنان مركزا دوليا لحوار الاديان والثقافات والحضارات، وهذا ما نعمل عليه مع فخامة الرئيس، ولكن في الوقت نفسه، نقول إنه علينا أن نعمل داخليا لنجعل فعلا الحوار الداخلي قائما بكل ما للكلمة من معنى، وأن يكون لبنان ارضا آمنة لهذا الحوار، ما يعني أنه يجب أن يكون محيدا عن كل الصراعات الاقليمية والدولية كي يلتزم بقضايا السلام والعدالة في المنطقة والعالم".
أضاف: "النقطة الثانية المهمة هي قضية إخوتنا النازحين السوريين، وتمييزه بين العودة الآمنة والعودة الاختيارية. لقد تحدثنا في كل هذه المواضيع، التي تشكل اليوم موضوعا أساسيا وخطيرا في لبنان. كما هنأته على عودته من فرنسا، حيث قام بزيارة جميلة ورائعة، ورسمية للرئيس ماكرون، ودائما تظهر العلاقة والصداقة الكبيرة بين فرنسا ولبنان".
وتابع: "السبب الآخر للزيارة هو لأودع فخامة الرئيس لأنني سأقوم برحلة طويلة، تشمل أولا الفاتيكان، حيث ستكون هناك اجتماعات تختص بالكنائس الشرقية على مدى الاسبوع المقبل، ثم هناك زيارات رعوية في الولايات المتحدة الاميركية من أقصاها الى أقصاها. وستتخللها محطة في واشنطن لمناسبة اللقاء السنوي لمؤسسة "الدفاع عن مسيحيي الشرق"، والتي سيتم خلالها الحديث عن المواضيع التي هي صدى لمواقف فخامة الرئيس في هذا الموضوع. وطبعا، إن اللقاء مع فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو لقاء مع إنسان يحمل في قلبه تطلعات كبيرة جدا وحلولا لكل المشاكل المطروحة إن كان في القضايا الاقتصادية وقضية الضرائب ونتائج السلسلة وقضية المدارس الخاصة".
وأردف: "لدى الرئيس عون مشاريع كثيرة في باله وخاطره، وأنا في الحقيقة هنأته على الصبر الذي يمتلكه والانتظار حتى الاوقات المناسبة كي يتمكن من تحقيق كل ما يتمناه. كما تناولنا في حديثنا قلق الشعب اللبناني، ولكن الرئيس عون يطمئن، بالنسبة الى الانتخابات النيابية في ايار المقبل ويؤكد أنها ستحصل مهما كانت الظروف. ونحن نتطلع الى فخامة الرئيس على أنه علامة رجاء إلى جميع اللبنانيين".
وقال للصحافيين الموجودين: "هذا كان مجمل الحديث مع الرئيس عون، ولكن يبقى انكم وأنتم موجودون هنا في القصر لديكم الحظ لتروا دائما الرئيس عون وتبقى معنوياتكم مرتفعة. ونتمنى له ولمعاونيه كل التوفيق".
سئل: لدى فخامة الرئيس تصورات حول حل معضلة النازحين السوريين، فهل أنتم تؤيدون هذه التصورات؟ وهل لديكم اتصال داخلي مع بعض الافرقاء الذين لديهم بعض التحفظ على الحلول المطروحة لمعالجة هذه المسألة؟
أجاب: "نحن كلبنانيين قمنا بالواجب الكامل والكبير أكثر من كل البلدان الاخرى، نظرا الى مساحة لبنان وإمكاناته وعدد اللبنانيين، ولكنه لم يعد يستطيع أن يتحمل، إن كان إقتصاديا أو أمنيا أو سياسيا أو اجتماعيا، ومن الضروري إيجاد حل لهذا الموضوع، وبكل احترام ومحبة لإخوتنا السوريين، نحن منكوبون معهم إنسانيا وبشريا، ولكن لا يمكن أن يحصل ذلك على حساب لبنان. لقد عرضنا مع فخامة الرئيس كل نتائج هذا النزوح، وهذا أمر مخيف، علينا أن نجد حلا له بالطريقة المناسبة".
سئل: هل ستثيرون خلال زيارتكم الخارجية هذا الأمر، خصوصا أنكم قلتم إنكم لن تنتظروا المجتمع الدولي كثيرا كي تتحركوا؟
أجاب: "إن المجتمعين الدولي والاقليمي مدعوان، كما العالم العربي واللبنانيين، أيضا الى معالجة هذا الموضوع معا، وتكون عودتهم وخروجهم آمنين وهذا حقهم، في أن يعودوا الى وطنهم وأن يبنوا بيوتهم وحياتهم، ونحن نركز دائما على أن الاوطان لا تقوم فقط على أرضها، بل على ثقافتها وحضارتها. وسوريا لديها ثقافتها وحضارتها وحقها أن تحافظ عليهما. وكل بلد لديه ثقافته وحضارته، وحقهم كمواطنين أن يعيشوا في وطنهم، وهذا وطنهم. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يرميهم على الطرق، نازحين على ابواب الدول او تحت الخيم، فهذا أمر مشين في حق الاسرة الدولية اليوم".
وكان الرئيس عون استقبل بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان مع مطارنة الطائفة اعضاء سينودس الكنيسة السريانية الكاثوليكية الانطاكية المجتمعين في دير الشرفة.
وتحدث البطريرك يونان شاكرا رئيس الجمهورية على "الدعم الذي يلقاه ابناء الطائفة، لا سيما منهم الذين اضطروا الى النزوح من العراق والذين يلقون اليوم التسهيلات اللازمة لعودتهم الى بلدهم". كما حيا "مواقف الرئيس عون في الامم المتحدة وفرنسا"، منوها خصوصا ب"الانجاز الذي تحقق في تحرير الجرود اللبنانية الشرقية من التنظيمات الارهابية".
ورحب الرئيس عون بالوفد معربا عن سروره باستقبال اعضائه، ومبديا استعداده الدائم "للمساعدة للعمل على ترسيخ قيم تلاقي الحضارات والاديان وثقافة الحوار في الشرق"، وقال: "نولي اهتماما خاصا لقضايا المسيحيين في المشرق المنتشرين من مصر الى العراق وسوريا والاردن، وصولا الى فلسطين، الاراضي المقدسة التي اصبحنا نخشى عليها اليوم من أن تصبح خالية من المسيحيين نظرا للممارسات الاسرائيلية الصهيونية التي تعتمد سياسة التهجير ضد الجميع، فالدولة اليهودية العنصرية قائمة على سياسة الاضطهاد التي كان يعتمدها هتلر سابقا، ما جعل المنطقة تعيش في أزمة كبيرة".
وتحدث الرئيس عون عن "مبادرته التي اطلقها في خطابه في الامم المتحدة"، أي "جعل لبنان مركزا لحوار الاديان والحضارات والأعراق"، مشيرا الى أنها "منبثقة من صلب الروح المسيحية القائمة على تبشير العالم بالقيم الانسانية كالحوار"، ومعتبرا أنه "لا يمكن أن تبقى الامور سائرة باتجاه التعصب والتطرف".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك