الكل بات على علم بتدهور العلاقة العونية - القواتية بعد ان ظهرت الخلافات في العلن، وهي في ازدياد منذ مطلع شهر آب الماضي وتحديداً خلال إحياء ذكرى مصالحة الجبل، حيث بدأ منذ ذلك الحين إمتعاض التيار الوطني الحر من الطريقة التي دعت فيها القوات اللبنانية للاحتفال بتلك الذكرى، ومن ثم إنزال صور رئيس الجمهورية من دير القمر فوجهّت الاتهامات يومها الى محسوبين على النائب جورج عدوان، ما ادى الى مقاطعة التيار لاحتفالية المير أمين. ومن حينها برزت الانتقادات العونية الى القوات بأنها اقامت هذا الاحتفال لغايات انتخابية ضيقة، وبأنها تحتكر المصالحة لمصلحتها فقط والهدف تهميش القوى المسيحية الأخرى، وبالتالي ابعاد المناسبة عن رمزيتها الحقيقية، وقد شكّل اعتذار رئيس الجمهورية عن المشاركة في الغداء حينها مؤشراً خلافياً بعد ذلك الحدث المهم، خصوصاً من قبل الوزير جبران باسيل الذي ابدى استياءه من الدور الذي لعبه عدوان، فألمح الى وجود صفقة انتخابية بين النائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع.
هذا وتشير مصادر مطلعة على الخلاف الموجود الى ان اسباباً اخرى سبقت ذلك ايضاً ومنها التباين السياسي الواضح في الحكومة بين وزراء الفريقين على خلفية ملف بواخر الكهرباء، مروراً بالتعيينات التي وصفها القواتيون بتعييّنات المحاصصة حيث خرجت منها القوات بأيد خالية، وصولاً الى ملف تلفزيون لبنان الذي يطمح القواتيون بالفوز بإدارته، إضافة الى الخلافات على التحالفات الانتخابية بحيث لم يتم الاتفاق على أي منها بعد، ما يعكس تداعيات سلبية على مصير العلاقة بين الحزبين.
وتلفت المصادر المذكورة الى ان إقرار قانون الانتخاب القائم على النسبية لم يقرّب بينهما لان التحالفات ستكون "على القطعة" لانها ستغيب في بعض الدوائر وتحضر في اخرى، مذكّرة بأن الانفتاح القواتي على المردة سببه تردّي الوضع مع التيار العوني وكل هذا دفع براعيّ المصالحة المسيحية الوزير ملحم رياشي للقيام بجهد كبير من جديد لم ينتج بعد أي ايجابية، فيما يؤكد المطلعون على العلاقة بأنه بات من الصعب إستعادة مشهد التقارب بينهما لان العلاقة محتاجة الى إعادة ترميم كبيرة بين التيار والحزب، بعد مرورها بمطبّات عدة لم يسلم منها احد. وما زاد في الطين بلّة تلك الهجومات على مواقع التواصل الاجتماعي بين انصار الطرفين والتي لم تهمد بعد.
الى ذلك، يرى المطلّعون أن "اللطشات" السياسية المتبادلة لا تزال سيّدة الساحة بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ورئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع، وهنالك قطيعة بينهما، فيما تنكر مصادر الفريقين خلال اتصال لـ"الديار" ما يردّد بأن الجرّة السياسية إنكسرت بينهما، وبأن الوساطات لم تعد تؤثر او تنفع، لافتة الى ان ما يحصل اليوم ليس سوى غيمة صيف عابرة لان العلاقة اكبر من ان تسودها بعض الشوائب، فالوضع اليوم غير سليم وهذا لا يمكن نكرانه لكن كل شيء قابل للتسوية، وهنالك تباين فقط في وجهات النظر ليس اكثر. وابدت تفاؤلها بإمكانية ان تتقارب النفوس بهدف إعادة الشمل واللحمة على الرغم من مرور العلاقة بطلعات ونزلات، لان السياسة في لبنان تتقلّب بشكل لا يفهمه احد...
وحول ما يردّد عن لقاء مرتقب في قصر بعبدا بين الرئيس ميشال عون والدكتور جعجع، لم تستبعد حصوله لبحث المصالح المشتركة بين الفريقين، خصوصاً في هذه الظروف الدقيقة التي يمّر بها لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك