كل ما في المشهد الاقليمي والدولي يشير إلى أن القوى الكبرى اتخذت قرار مواجهة ايران و"نفوذها" الآخذ في التمدد والتوسع في منطقة الشرق الأوسط، عن طريق حلفائها من دون أن يعني ذلك التخلي عن الالتزامات الدولية الكبرى كالاتفاق الذي وقعته القوى العالمية مع طهران عام 2015. ولأن لبنان "بكل عرس إلو قرص"، فإنه بالتأكيد يترقب الأحداث الدولية ذات الوتيرة المتسارعة ليبني على الشيء مقتضاه. ذلك أن في غمرة الاستعداد لمواجهة موجة العقوبات الأميركية الجديدة على حزب الله"، أتى موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وعزمه على الوقوف في وجه ايران، لينذر بتداعيات كبيرة على موازين القوى والتموضعات السياسية اللبنانية. وإذا كانت عين كثيرين على حلفاء طهران المحليين لرصد ردات فعلهم على الموقف الأميركي، فإن بعضا آخر يفضل رصد الخصوم، لا سيما منهم وزير العدل السابق أشرف ريفي، بوصفه أحد أشرس معارضي ما يسميها "الوصاية الايرانية" على لبنان.
وفي تعليق على كلام الرئيس الأميركي، تذكّر مصادر ريفي عبر "المركزية" أنه "حين عُقدت قمة الرياض، بعيد زيارة الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية في حزيران الفائت، وصدر عن القمة مقررات تاريخية لجهة مكافحة الارهاب ومواجهة الأجندة الايرانية في المنطقة بوصفها تهديدا للاستقرار فيها، أطلق اللواء ريفي موقفا مؤيدا لها. واليوم أيضا، لا يزال اللواء ريفي يؤيد أي جهد دولي لمواجهة المشروع الايراني في الشرق الأوسط، والذي يرخي بظلاله الثقيلة على لبنان الذي أصبح فعلا تحت وصاية ايرانية بات خطرها يستدعي وقوف جميع القيادات اللبنانية لمواجهتها، قبل أن تصير البلاد ملحقة بإيران".
وتشدد المصادر على "أننا لا نريد للبنان أن يدخل صراع المحاور، بل أن يكون مع نفسه، على عكس ما هي الحال عليه اليوم. ذلك أن السلاح غير الشرعي جعله أسيرا مصادَرا. وتاليا، فإن وَهم التنازل عن السيادة والكيان والاستقلال مقابل الاستقرار، ليس إلا معادلة أثبتت فشلها الذريع".
وفي مقابل رفض الوصاية الايرانية على لبنان، دفعت زيارتا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى الرياض أخيرا، بعض المراقبين إلى التكلم عن "محور سعودي يعود إلى لبنان بعد طول غياب لمواجهة ايران ونفوذها المتمدد في المنطقة".
غير أن أوساط ريفي تفضل الابتعاد عن هذه النظرية، وإعطاء الأمور بُعداً محلياً صرفاً. وتشير إلى أن "عندما قرر اللبنانيون، بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الانتفاض لتحرير بلدهم من الوصاية السورية، لم يستشيروا أحدا، بل على العكس من ذلك تماما. كان المشهد الدولي والعربي يوحي بأن أحدا لم يكن يأمل في تحقيق نتائج فعلية. لكن، عندما توافرت إرادة لبنانية صرفة مع قرار اتخذته قيادة حزمت أمرها، لم يتأخر الشعب اللبناني في تلبية النداء، وأطاح الوجود السوري. وكذلك اليوم، فإن القرار الوطني لمواجهة الوصاية الايرانية ينبع من داخل لبنان، ولا ينتمي إلى أي محور، بل إلى المصالح اللبنانية العليا. وعندما يدعم المجتمع الدولي والعالم العربي لبنان الذي ينتمي إليهما (بوصفه عضوا مؤسسا في الجامعة العربية والأمم المتحدة)، في مقابل السعي إلى حصره في المشروع الايراني، فمن الطبيعي أن ندعم توجها من هذا القبيل، من دون أن يعني ذلك إلحاق لبنان بمحور معين.
وعن العلاقات مع أفرقاء المعارضة الذين يجمعهم به رفض سلاح "حزب الله"، توضح المصادر أن "اللواء ريفي جزء من مبادرة وطنية. وتاليا، فإن القوى التي تنضوي تحت لواء هذه المبادرة، تلتقي على كل الخطوط العريضة، والتقدم في هذا المسار ملموس والتواصل دائم بين أطرافها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك