كما عند كل الاستحقاقات الكبرى، لجأت الحكومة إلى مبدأ التوافق السياسي لتمرير موازنة 2017 في ختام الثلاثية النيابية التي تنطلق أولى جولاتها المباشرة أمام الشاشات غدا. فبعد إقرار الضرائب بحجة تمويل سلسلة الرتب والرواتب لتفادي انفجار اجتماعي لا تحمد عقباه في الشارع، بسحر التوافق السياسي، يستعد مختلف أفرقاء المجلس النيابي، لا سيما الأحزاب المشاركة في حكومة "استعادة الثقة" لإقرار مشروع موازنة عام 2017 من دون قطع حساب، على أن ينجز هذا الأمر في مهلة أقصاها سنة من اليوم، طبقا لما نص عليه المخرج الذي ابتكره مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في تاريخ 29 أيلول الفائت.
غير أن التوافق السياسي، لا يبدو أنه سيمر هذه المرة من دون أن يتلقى سهام "أهل البيت الحكومي" القواتية، إلى جانب الاستنكار الكتائبي، المتوقع على ضفة المعارضة، حيث يلتقي الطرفان على رفض انتهاك الدستور، في إشارة إلى عدم تعليق المادة 87 المرتبطة بقطع الحساب.
زهرا: وفي السياق، أعلن عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا عبر "المركزية" أن "القوات مع تعليق المادة 87 من الدستور وليس الاحتيال بمادة قانونية"، مشيرا الى أن "الاجماع على الخطأ لا يجعله صحيحا، أو دستوريا"، مشددا على أن "لا يجوز، في مرحلة بناء دولة القانون، أن نعتاد تجاوز الدستور".
وتعليقا على الاجماع السياسي على تجاوز قطع الحساب طبقا لما اتفق عليه في جلسة الحكومة، نبّه زهرا إلى أن "الاجماع على الخطأ لا يجعله صحيحا، ونحن سنعترض لكن ليس بالتصويت. فالمادة 87 تتناول نشر الموازنة وليس اقرارها، وتاليا، فإننا سنوافق على الموازنة ونعترض على نشرها قبل قطع الحساب".
الخليل: على الضفة المقابلة، يبرر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل عبر "المركزية" إقرار الموازنة من دون قطع الحساب، على طريقة "الكحل أحلى من العمى" فيعتبر أنه "أمر غير دستوري، ولكن اذا خالفنا في سنة، قد "نزمط" بالسنوات السابقة واللاحقة".
وفي ما يتعلق بالضرائب التي أقرت في غياب الموازنة، علما أن قرار المجلس الدستوري الأخير ربط بوضوح بين الملفين، أشار الخليل إلى "أننا اليوم أمام ضرائب ورسوم وأرقام جديدة ظهرت بمجرد إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وهذا أمر طبيعي، لأن تمويل هذه السلسلة لا يتم بالتمني، علما أننا في بعض الاعتبارات الضريبية، قد نكون تخطينا الوقائع. وعندما بدأنا هذا المسار، كنا نتصور أن في إمكاننا تغطية المصاريف المستجدة بفعل السلسلة عن طريق التعديات على الأملاك البحرية، من جهة، والزيادة البسيطة على المصارف من جهة أخرى. غير أن "شهية" بعض المشرعين فتحت، باعتبار أنهم أمام فرصة لإغناء الخزينة بأموال ليسوا في حاجة إليها فعليا، لأن تقرير لجنة المال والموازنة يظهر أن هناك وفرا يبلغ حدود الألف مليار ليرة. إذا كانت كلفة السلسلة 1200 أو 1300 مليار، فالأموال كافية لتغطية نفقاتها بضرائب بسيطة، لكننا سنستمع لما سيقدم من أسباب موجبة لذلك".
ولفت الخليل إلى أن القانون رقم 36 فيه ما يفوق الـ 24 مليار ليرة، إذا حذفنا منها كل مستحقات الدولة، يبقى لنا حوالى 10 آلاف مليار ليرة، فلماذا نمد يدنا إلى جيب المواطن بدلا من استخدام ما لدينا، ووقف الفساد والسرقة التي تبلغ المليارات سنويا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك