كلّما اقتربتْ طلائع "العاصفة" الخارجية في اتجاه لبنان، ازدادتْ مؤشرات وجودِ قرارٍ داخلي بإبقاء الواقع السياسي منضبطاً تحت سقف التسوية التي يعتبر "حزب الله" أنها تشكّل "متراساً" يحميه بوجه الاندفاعة الأميركية - السعودية باتجاهه بوصْفه الذراع الرئيسية لإيران، فيما يرى خصومه اللبنانيون أنها "بوليصة التأمين" التي تحمي الاستقرار وتمْنع سقوط اللعبة السياسية بالكامل لمصلحة الحزب ربْطاً بموازين القوى المحلية والإقليمية المختّلة.
ويستمرّ الوضع اللبناني محكوماً بهذه المعادلة في اللحظة التي تشهد المنطقة تَرقُّباً كبيراً لترجمات الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال إيران، ولمفاعيل سلّة العقوبات المالية الجديدة المرتقبة بحقّ "حزب الله"، والمدى الذي سيبلغه قرار المملكة العربية السعودية بالتصدي لطهران وأدوارها التي تعتبر الرياض كما واشنطن انها تزعزع الاستقرار في المنطقة.
ويصبح هذا الترقّب ثقيلاً في ضوء تطوراتٍ مفصليّة متسارعة في المنطقة سواء في الرقة السورية أو في كركوك العراقية، وصولاً إلى الحدَث البارز الذي شكّله توجيه إسرئيل ضربة لبطارية صواريخ مضادة للطائرات تابعة للجيش السوري شرق دمشق على خلفية إطلاقها صاروخ أرض - جو على طائرة إسرائيلية خلال وجودها في الأجواء اللبنانية صباح أمس.
وبدا من الصعب عزْل تأثيرات هذه التطوّرات عن الواقع اللبناني باعتبار أن خريطة النفوذ الجديدة التي تَرتسم في المنطقة تَشْهد تَدافُعاً بين اللاعبين الاقليميين لحجْز أمكنتهم على الطاولة ومن بينهم اسرائيل التي لا يغيب عنها وهي "تضرب" في السماء السورية، و"تحت عيون" موسكو، توجيه رسائل باتجاه لبنان و"حزب الله" ومن ورائه إيران بأن الحرب المؤجَّلة قد تصبح خياراً.
وفي انتظار "الخيْط الأبيض من الأسود" في مسار التصعيد الخارجي يواصل رئيس الحكومة سعد الحريري إطلاق مواقف تعكس تَمسُّكه بالتسوية السياسية صوناً للاستقرار وهو ما كرّره في حديث صحافي نُشر أمس قبيل لقائه نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني مختتماً زيارة أربعة أيام للفاتيكان وروما.
وفيما تدور "حروب صغيرة" في بيروت تجري في "الحدائق الخلفية" للإنتخابات النيابية في أيار 2018 كتلك التي اندلعتْ بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية تصويت لبنان في انتخابات "اليونيسكو"، أو بين باسيل وحزب النائب وليد جنبلاط بعد تصريحاتٍ للأول عن مصالحة الجبل اعتُبرت "استفزازية"، عاد ملف النازحين السوريين الى الواجهة من بوابة حماسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزبه ومعه "حزب الله" لاستعجال عودتهم الى سوريا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك