افتتح وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس مؤتمرا بعنوان "نحو نقل عام مُنظم في لبنان" في نقابة المهندسين في بيروت، تناول فيه واقع النقل في لبنان معطيا مثلا على ذلك، ان "هناك مشروعا مرصودة له المبالغ في مجلس الانماء والاعمار للطريق وللاستملاكات في جبل لبنان وتحديدا في اوتوستراد جونيه، كذلك في الجنوب، بحيث اذا اراد مواطن ان يتوقف لشراء حاجة معينة يقفل السير بعدما تضيق الطريق بالسيارات، مشيراً الى ان الغرفة الاولى في المحكمة الابتدائية بدأت باصدار قرارات الاستملاك للمشاريع المرصودة، لافتاً الى "اننا قد نقع في معضلة التنفيذ في حال حصل هناك استئنافات لقرارات التنفيذ الصادرة عن المحكمة الابتدائية لكن هذه الاستئنافات لا تحول من دون التنفيذ، ولا يمكن لاحد وقفه، لكن ما يواجهنا ان الانتخابات على الابواب وبالتالي قد يأتي مرشح ويطالب بتأجيل او الغاء هذا الموضوع لتضرر بعض من يحلقهم قرار الاستملاك من مناصريه وهذه مشكلة".
وقال "هناك اقتراح ثان يؤيده رئيس اتحاد بلديات جونيه جوان حبيش ويحول من دون الهدم من خلال ما يعرف بـdouble duck أي طريق ثانية فوق الطريق الأولى، لكن المشكلة هي ان القرض المخصص لهذا الاتوتستراد هي لتوسعة الطريق وليس لانشاء طريق ثانية من هنا نكون وقعنا في المشكلة ايضا، كما ان هناك اقتراحين آخرين مثلا انشاء طريق في البحر عبر تشييد اتوستراد او شق وحفر الجبل.. واقول انا يوسف فنيانوس وزير الاشغال العامة والنقل يطلب مني ان اقوم وانفذ كل هذه المشاريع بميزانية مخصصة لوزارة الاشغال هي 60 مليار ليرة ويجب ان اضيف عليها الزفت وغيره".
وتابع "انا برأيي ان النظرة اصبحت اشمل عندما اقرينا قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، واعتقد ان هذا هو الحل بتأمين شركات من القطاع الخاص تعمل على ابرام اتفاقيات وتنفيذ مشاريع تناسب طموحاتنا وتحل من مشكلاتنا التي اضحت معضلات يجب السعي لمعالجتها. واذا تحدثنا عن اعادة الاعمار في سوريا يجب ان يكون لدينا بنية تحتية تستوعب عملية اعادة الاعمار الضخمة التي ستحصل في سوريا، ولا يجب ان ننسى المرافئ الموجودة في سوريا كمرفأي طرطوس واللاذقية، من هنا يجب ان يكون لدينا البنية التحتية واعادة تأهيل مرافئنا على اسس عصرية حديثة، والا نكون خارج اعادة اعمار سوريا. اذا قررنا المشاركة في عملية الاعمار في سوريا هناك شركات اجنبية مستعدة لاستئجار مرافيء واماكن في لبنان لكن يجب تنفيذ الخطط الموضوعة والملحوظ لها الاعتمادات والقروض اللازمة لتأمين البنية التحتية لكي تستطيع ان تعمل ويستفيد من كل ذلك الجميع والا نكون باتجاه الهاوية وننسى الاستفادة من اعادة اعمار سوريا".
واشار فنيانوس انه "لم يعد خافياً على أحد الواقع الصعب لقطاع النقل العام في لبنان والآثار السلبية الناجمة عنه على كافة المستويات البيئية والصحية والإجتماعية والإقتصادية، معتبراً إنه قطاع العشوائية المنظمة الذي مع الأسف تتحكم به جُملة إحتكارات مبنية على أسس مناطقية وأحيانا مذهبية أدت إلى تقاسم قطاع النقل العام من دون حسيب أو رقيب في ظل تراجع بل أكاد أقول غياب دور الدولة عن رعاية وتنظيم هذا القطاع الحيوي، الأمر الذى أدى ويؤدي إلى استفحال أزمة السير الحاصلة في مختلف المدن اللبنانية لاسيما في مدينة بيروت حيث بات زحمة السير الخانقة من أبرز العادات والتقاليد الوطنية المفروضة على المواطن اللبناني".
وأكد ان "سنوات الحرب الأليمة ألحقت كما ألحق العدوان الاسرائيلي على لبنان أضرار فادحة في بناه التحتية من طرقات وجسور ومرافق عامة ومن بينها آليات وتجهيزات ومنشآت خطوط النقل السككي التي توقفت عن العمل وتوقف معها شريان أساسي للربط والتواصل بين مختلف المدن والبلدات اللبنانية التي شهدت نمواً إقتصادياً وإزدهاراً سياحياً يوم كان القطار يشق مساره نحو الشمال والجنوب والبقاع ناقلاً البضائع والركاب، لكن المؤسف أن الدولة لم تبادر طيلة السنوات والعقود الماضية إلى الإستثمار الجدي والمجدي في قطاع النقل العام ولا إلى دعم وتعزيز وتطوير قدرات الإدارات والمؤسسات العامة الموكل إليها إدارة وإستثمار هذا المرفق الحيوي لا سيما منها مصلحة سكك الحديد والنقل المُشترك التي وبالرغم من حالة الشغور الحاد الذي تعاني منه اليوم بادرت إلى إقتراح رزمة من المشاريع النموذجية وفق منهجية تهدف إلى تحقيق منظومة متكاملة للنقل المشترك تغطي كافة المناطق اللبنانية وبصورة تدريجية آخذين بالاعتبار أولويات الأزمة المرورية الحاصلة اليوم".
وأعلن فنيانوس "بناء على هذه المُقاربة الموضوعية والعملانية التي إعتمدتها المصلحة وبعد أن تعثر تنفيذ خطة النقل المشترك الموضوعة لمدينة بيروت الكبرى منذ العام 2012 بسبب عدم توفر التمويل اللازم لها، أطلقنا أخيرا مشروع المسارات المُخصصة حصراً للنقل المُشترك، حيث سيتم من خلال هذا المشروع إستحداث منظومة متكاملة للنقل المشترك الجماعي ضمن أملاك سكة الحديد المُهملة حاليا الواقعه ضمن مدينة بيروت وضواحيها (من خلدة جنوباً - الدورة شمالاً - بعبدا شرقاً - محطة شارل حلو غرباً).
فجميعنا يعلم أن الواقع العمراني لمدينة بيروت أصبح يشكل عائقاً أمام تحقيق نظام للنقل المُشترك الجماعي السريع ذو القدرة الاستيعابية العالية كونه يتطلب ممراً آمناً وخالياً من المركبات الخاصة وغيرها من العقبات التي تؤثر على سرعة وكفاءة أنظمة النقل الجماعي المعتمدة للحد من أزمة السير. لذلك نرى أن الحل الذي يُقدمه هذا المشروع سيؤدي حكماً إلى:
الحد من كثافة حركة المرور على الطرق الحالية ضمن مدينة بيروت.
خلق محاور - مسارب يمكن من خلالها تجنب الدخول إلى المدينة والالتفاف من حولها. تحقيق نظام للنقل السريع والمُنتظم يتصف بالسرعة والدقة والكفاءة والقُدرة على إستيعاب وخدمة أعداد كبيرة من الركاب.
هذا ومن المُقرر أن نطلق قريباً مشروع آخر للنقل المشترك ضمن مدينة طرابلس وجوارها حيث سيتم تحديد شبكة من الخطوط داخل المدينة وربطها بشبكة محاور أساسية تربط بالمدن والبلدات المجاورة لها، هذا بالإضافة إلى بناء محطة تسفير كبرى في محلة البحصاص على الأرض التابعة لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك وقد أنجزت المصلحة دفتر الشروط اللازم له لتأمين الدعم التقني للمشروع من خلال هبة من الاتحاد الأوروبي.
أما على صعيد النقل السككي فالأولوية هي لإعادة إحياء وتشغيل الخط الساحلي على ضوء الدراسات الموضوعة له والتي تستوجب تبني الخيارات الأفضل للتمويل والتشغيل إذ تبقى خطوط النقل السككي الحل الأمثل والأكثر إستدامة على المدى البعيد.
وهنا قد يكون من المُفيد لفت نظر بعض الجهات عند إعداد الدراسات وإقتراح الحلول على صعيد النقل العام بأنه لا يمكن مقاربة أي خطة للنقل المُشترك من زاوية الصلاحية المحصورة ضمن النطاق البلدي كون خطوط النقل يجب أن تكون مترابطة ومتكاملة بين مختلف المدن والبلدات اللبنانية. أخيراً تجدر الإشارة إلى ضرورة إقرار مخطط توجيهي شامل لقطاع النقل العام ليكون الأرضية المشتركة التي تنطلق منها كافة المبادرات والمشاريع المعنية بقطاع النقل بحيث تتكامل جهود كافة الإدارات والمؤسسات العامة المعنية نحو تحقيق مشاريع ضمن إطار مخطط توجيهي واضح، إذ بات من الثابت أن المشاريع المُقتصرة على شق الطرق وبناء الجسور على أهميتها وضرورتها في كثير من الأحيان، إلا أنها تبقى حلولا آنية في ظل لازدياد المضطرد لعدد السيارات المستخدمة في تنقلات اللبنانيين اليومية نتيجة افتقار لبنان إلى منظومة متكاملة لتأمين خدمة النقل المشترك بصورة لائقة وبوسائل عصرية وحديثة.
لذلك، وبالتوازي مع المشاريع المُتعلقة بإستحداث شبكة طرق جديدة أو بتأهيل وتوسعة ما هو قائم منها، يجب المباشرة بتنفيذ المشاريع المُستدامة لتأمين خدمة النقل المُشترك وبالتالي تحقيق طموح وآمال اللبنانيين في الحصول على خدمة نقل مُتكاملة ونوعية وبكلفة مقبولة الأمر الذي بات يشكل خدمة إجتماعية مُلحة لمُعظم شرائح المُجتمع اللبناني.
ولا بُد في الختام من توجيه كلمة شُكر لنقابة المُهندسين في بيروت على مُبادرتها الى عقد هذا المؤتمر البنَّاء مع التأكيد على ضرورة التواصل الى وضع خطة تنسيق مُتكاملة بين مُختلف القطاعات والمؤسسات المُختلفة لتحقيق الأهداف المرجوة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك