توقعت مصادر رسمية متعددة أن تتكثف تحركات كبار المسؤولين اللبنانيين مع الخارج خلال الأسابيع المقبلة، في شأن معالجة أزمة النازحين السوريين في لبنان والحث على إعادة أعداد منهم إلى سوريا.
وعلمت "الحياة" أنه بالإضافة إلى الرسائل التي بعث بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى رؤساء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والجامعة العربية في هذا الخصوص، طلب رئيس الحكومة سعد الحريري خلال اجتماعه إلى السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين صباح الأربعاء الماضي أن ينقل إلى موسكو رسالة منه تدعو القيادة الروسية إلى المساهمة في خطة لإعادة جزء من النازحين السوريين إلى مناطق "خفض التوتر" التي أقيمت في سوريا تحت رعايتها من خلال اجتماعات آستانة، وأدت إلى تهدئة فيها.
وذكرت مصادر مقربة من الحريري لـ"الحياة" أنه أبلغ زاسبيكين أن لا مانع لدى لبنان أن تأخذ موسكو على عاتقها ضمان العودة الآمنة للنازحين المنتمين إلى تلك المناطق نظراً إلى الدور الأساسي الذي تلعبه في التهدئة فيها، خصوصاً أن الشرطة الروسية تلعب دوراً رئيساً في تثبيت وقف النار هناك وفي وقف الحرب وضمان عدم تحريك خطوط التماس بين تلك المناطق وبين قوات النظام السوري وحلفائه.
وذكرت المصادر لـ"الحياة" أن الحريري طرح الفكرة على السفير زاسبيكين انطلاقاً من اقتناعه بأن مناطق خفض التوتر باتت عملياً تخضع للنفوذ الروسي الذي بإمكانه أن يضمن هذه العودة، خصوصاً أنه إذا كان العائدون هم من الذين خرجوا من سوريا إلى لبنان منذ بداية الأزمة، هرباً من مناطق تعرضوا فيها لقمع النظام وقبل أن يظهر تنظيم "داعش" على الساحة السورية ويتسبب بتهجير جزء من النازحين لاحقاً. وأضافت المصادر أن معظم مناطق خفض التوتر التي تحميها على خطوط التماس الشرطة الروسية، ما زالت تتواجد في داخلها قوى المعارضة، بحيث أن عودة النازحين إليها لن تؤدي إلى تعرض النظام لهم، إذا ضمنت روسيا هذه العودة.
وأشارت المصادر المقربة من الحريري إلى أن اقتراحه هذا على السفير الروسي يجنب لبنان الضغوط عليه من أجل التواصل مع النظام السوري الذي يرفضه فريق واسع من القوى السياسية اللبنانية. وأوضحت أن الحريري اقترح على زاسبيكين أن تتولى موسكو بالتفاهم مع الأمم المتحدة كي تؤمن الإغاثة والمساعدات للعائدين بموازاة ضمانها أمن العودة بحيث تطمئن المنظمة الدولية والمفوضية العليا لشؤون النازحين إلى أن هؤلاء لن يتعرضوا للقمع والاضطهاد، خصوصاً أن لديها معايير في هذا الشأن.
وقالت المصادر أن الحريري كان طرح خلال زيارته موسكو قبل أسابيع، على المسؤولين الروس فكرة مساهمتهم في إعادة النازحين السوريين إلى لبنان، وأنه عاد فبلور الفكرة خلال لقائه مع زاسبيكين، الذي أوصل الرسالة إلى موسكو. وقالت المصادر أن التداول في هذا الشأن لدى القيادة الروسية مستمر، مشيرة إلى بحث الاقتراح خلال لقاء نائب وزير الخارجية ألكسندر بوغدانوف مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. وقالت المصادر أن الحريري كلف مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان البحث بالفكرة مع دوائر الكرملين، إضافة إلى وزارة الخارجية.
وكانت مصادر فريق الحريري قالت لـ"الحياة"، إن استبعاد رئيس الحكومة خيار التواصل الحكومي مع نظام الأسد سببه إضافة إلى رفضه التطبيع مع النظام بسبب قمعه لشعبه وتسببه بمقتل مئات الآلاف من السوريين، "الخشية لدى هذا الفريق من أن يلعب النظام اللعبة الأمنية نفسها التي لا يتقن غيرها وهي جر لبنان إلى فخ التنسيق الأمني معه في شأن هوية السوريين العائدين إذا كانوا من المعارضين أو من الموالين له، ومن يقبل بعودته ومن لا يقبل بأن يعود. وهذا يدفع لبنان إلى أن يعمل مخبراً لدى الاستخبارات السورية ويكون بتصرفها، وهذا ولى زمانه". وتضيف المصادر: "وإلا لماذا لم يصدر إلى الآن أي بيان من حكومة الأسد بدعوة النازحين إلى العودة ولماذا لم يعمل على الأقل لدعوة النازحين الموالين له كي يعودوا"؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك