عقد المركز التربوي للبحوث والانماء برعاية وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة وحضوره ورشة عمل عن "تطوير تعليم التاريخ في لبنان في التعليم العام ما قبل الجامعي"، بالشراكة مع المركز الثقافي البريطاني ومعهد المواطنة وادارة التنوع في مؤسسة "اديان" في فندق "الكسندر" - الاشرفية، في حضور النائب بهية الحريري، رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء الدكتورة ندى عويجان، مديرة المجلس الثقافي البريطاني السيدة دونامان غاين، مديرة معهد المواطنة وادارة التنوع الدكتورة نايلا طبارة، منسق اتحاد المؤسسة التربوية الخاصة في لبنان الاب بطرس عازار، ممثلين عن المؤسسات التربوية الدولية والمحلية والاحزاب وخبراء تربويين.
وكانت كلمة للنائب بهية الحريري قالت فيها: "لا نريد أن نجعل من هذا اللقاء المميز محطة للمراجعة والمساءلة والنقد والعتب والإتهام حول علاقة التعليم بالتاريخ في لبنان لأننا نعلم ونقدر الجهود المميزة التي تشارك في هذا المؤتمر من الكفاءات العلمية والاختصاصات المختلفة والتي تحاول أن تبلور منهجية حديثة بمضمون وطني والعمل على التحقق من المعلومات والموضوعات المتنوعة والمهارات والمعارف والإختصاصات والتي بمجملها تشارك في ورش مكثفة من أجل تقديم أفضل الأساليب التي نقارب فيها مسألة تعليم كتاب التاريخ في لبنان. وفي هذا المجال نستطيع أن نكتب كتابا في تاريخ محاولتنا في تعليم كتاب التاريخ".
أضافت: "يأتي هذا المؤتمر المميز برعايته، إذ يتولى القامة الوطنية الكبيرة الأستاذ مروان حمادة مهام وزارة التربية والتعليم في لبنان وهذه إضافة تاريخية مميزة لهذه الوزارة وكذلك بجهود المركز التربوي للبحوث والإنماء الذي نعول عليه آمالا كبار في النهوض بالتعليم العام في لبنان وبالشراكة مع المركز الثقافي البريطاني وإتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان ومعهد المواطنة وإدارة التنوع في مؤسسة أديان".
وتابعت: "إننا بهذه الشراكة المميزة نتوخى من هذا المؤتمر الإجابة على سؤال كيف نعلم التاريخ في لبنان على أمل أن تكون من مخرجات هذا المؤتمر أيضا هو التحضير للمؤتمر القادم لنجيب على سؤال أكثر دقة وأهمية وهو كيف نعلم صناعة التاريخ وكيف نحافظ على حياتنا ووجودنا وشراكتنا وعيشنا الواحد ومجتمعنا ودولتنا وكيف يكون كل فرد من أجيالنا هو صانع للمستقبل الواعد وعامل أساس لتقدم واستقرار مجتمعنا ودولتنا. ولا بد أن نعترف بالتحديات الكبيرة التي تواجه الباحثات والباحثين بعد ثورة المعلومات وكيف يمكن أن ننتج تعليما للتاريخ يواكب هذه التطورات ويحفظ الشخصية الوطنية وخصوصا أن هناك محاولات لكتابة تاريخ افتراضي أي تصوير أحداث وتطورات قبل حدوثها مع تشكيل شخصيات ومهارات بعيدة عن الواقع تجعل من الحاضر بعيدا جدا عن إدراك الأجيال الصاعدة. لذلك أثني على كل الأطروحات المميزة التي تحاول التعامل مع تعليم التاريخ موضوعا علميا دقيقا يحتاج إلى تنوع في الموضوعات والحقبات وتعدد الاهتمامات والتقنيات لكي تجعل من التاريخ مادة حديثة ومشوقة ومؤثرة في معرفة الأجيال".
وختمت: "لا بد من أن نأخذ بعين الإعتبار الكثير من الموضوعات الشائعة في الأدبيات الإعلامية والإفتراضية أو المجتمعية التي تحفز على الكراهية والتنافر في ظروف مثقلة بالتطورات المأسوية التي تحيط بنا. إننا نتطلع إلى نتائج مميزة من هذه الشراكة التي ندعو الى تطويرها لكي ترافق تطبيق المخرجات وتحاول ان تستطلع آراء الطلاب والمجتمعات حول أهمية وضرورة تعلم التاريخ والأخذ بآرائهم لنجعلهم شركاء في عملية بناء المواطنة التي يعتبر كتاب التاريخ ركنها الأساس".
وألقى الوزير حمادة كلمة قال فيها: "ورش عمل عديدة ومهمة عقدت ولا تزال تعقد من أجل كتاب التاريخ وتدريس التاريخ، لكن قبل هذا كله يجب على الفرقاء اللبنانيين أن يتوافقوا على منهج موحد للتاريخ فنذهب إلى مجلس الوزراء لإقراره وإصداره بمرسوم، لكي يتولى المتخصصون توسيع المنهج إلى كتاب مرفق بوسائل التقييم. إن تعليم التاريخ في لبنان يمثل صورة للإجتماع اللبناني المحكوم بسياسات وتحالفات وأحيانا إختلافات عميقة أو سطحية لا فرق، ولكنها معطلة للتوافق على المنهج في الأساس، وإن التفسخات التي ظهرت في المجتمع اللبناني تحت مسميات مختلفة وتزداد حدة قبيل الإنتخابات النيابية تستدعي توافقا سريعا حول منهج لكتاب التاريخ الموحد، الذي أدرك المشرعون في إتفاق الطائف أنه عنصر أساسي من عناصر الوحدة الوطنية ، وقد ألبسه البعض لباس المذنب والمتسبب في الحرب الأهلية، ولكنه بات حاجة لكي يلتئم حوله الشمل من أجل الأجيال التي تدرس في المدارس وتذهب إلى الجامعات وتجد فجوة عميقة بين التاريخ الذي يتم تدريسه والحياة اليومية التي تعيشها".
وأضاف: "لسنا وحدنا في العالم نعيش في وطن متنوع الطوائف والثقافات، ولسنا وحدنا الذين عشنا حروبا أهلية وانقسامات على المستويات كافة وبالتالي، فإن تجارب الشعوب والأوطان الأخرى التي شهدناها من خلال الخبراء في إيرلندا ودول أخرى، باتت تشكل بالنسبة إلينا طريقاً لعرض المراحل التاريخية المثيرة للجدل، ولطريقة تدوينها والإعتراف بالأخطاء الماضية من أي جهة كانت، وذلك بهدف إتخاذ العبر من الماضي وتنبيه الأجيال الشابة لكي لا تعاود الوقوع بمثل تلك الأخطاء وبالتالي في نتائجها المميتة".
وتابع: "إنني أقدر عاليا التعاون بين المركز التربوي للبحوث والإنماء ومؤسسة أديان كما أقدر الدعم البريطاني عن طريق المجلس الثقافي البريطاني الذي وفّر التمويل والخبراء لكي نتقدم من هذا الموضوع، واعتقد أننا في نهاية كل هذه الآراء والدراسات والمقاربات بات يتوجب علينا رفع مسودة منهج كتاب التاريخ ، بعد عرضها على كل المعنيين في السياسة والمجتمع وكل المكونات الروحية والفكرية، مستفيدين من الوثيقة الأخيرة التي كانت حظيت سابقا بتوافق لبناني ثم عادت وارتفعت الأصوات لكي يتم تصحيح مفاصل رئيسة فيها. إننا مع تحديد واضح للعدو والصديق، ومع عدم إغفال الأحداث المؤثرة والتغاضي عنها، بل مع توثيقها وجعلها عبرة للأجيال. لقد أخطأ جميع الفرقاء بحق بعضهم البعض وبحق لبنان، لكنهم أيضا سجلوا مساحات وتواريخ مضيئة بترفعهم أحيانا فوق مصالحهم الفئوية وأنجزوا بإسم لبنان. لذلك أدعو إلى الإضاءة أيضا على نقاط التلاقي في تاريخنا لكي نرفع عدد محطات الإنجاز والإبداع. إنني أهنئ جميع المنظمين والداعمين والمشاركين والمحاضرين في هذا المؤتمر التربوي وأنتظر مقرراته وتوصياته، بهدف إتخاذ خطوات تنفيذية في ضوء ما نتوصل إليه، سيما وأننا في مرحلة تطوير المناهج التربوية وعصرنتها، ولا يجوز أن نعبر هذه المرحلة من دون منهج لكتاب التاريخ الموحد يكون نواة للإجتماع اللبناني، ووسيلة لتنشئة المواطن الواعي المدرك لتاريخه مهما كان هذا التاريخ موجعا أو حساسا أو مشرقا ومضيئا.
ولفت "إلى أن "هناك روافد أساسية وهي الوحدة الوطنية والعيش المشترك الذي كرسه الدستور والإرشاد الرسولي الذي فتح آفاق جديدة لنا. نحن واسلافنا كتبنا تاريخ لبنان بالدموع والدم والفرح والمواثيق والاتفاقيات كلها موجودة بين أيدينا ويبدو لبنان اليوم أكثر توحيدا بعد انتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على حكومة اتحاد وطني وهي تمثل أفكار عدة والمجلس النيابي الذي قام مؤخرا بعد تعطيله بين الحين والآخر بسلسلة إنجازات التي تهيء للتشريعات في الربيع المقبل".
واعتبر أن "شياطين التقسيم موجودة لكن ملائكة الوحدة الوطنية هي التي ستنتج كتاب التاريخ وطالب في مشاركة المجتمع المدني ومستقلين من كل الطوائف في كتابة التاريخ نحن نعيش في وطن متنوع الثقافات والحضارات وما يجمعنا أكثر من الحرتقات السياسية التي نعيشها اليوم خاصة قبل مرحلة الانتخابات النيابية المقبلة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك