يشعر من يتابع مواقف معراب وسيدها وطاقمها السياسي عموما انها قاب قوسين او ادنى من اعلان خروجها من الحكم والحكومة وكل من له علاقة بهما. الملفات التي تجمع القوات اللبنانية بأهل السلطة نادرة والتباعد في مقاربتها لم يعد خافيا على احد. بات الحزب مثابة الصوت المعارض داخل الحكومة، حيث يحلو لرئيسه سمير جعجع من خلال وزرائه الاربعة رفع الصوت في وجه ما يرى فيه مشاريع مشبوهة تصل "التيار الكهربائي بالمستقبل"، ولا مبالاة في مقاربة الحلول للازمات الخانقة التي تعصف بالبلاد بل مجرد مواقف لا ترتقي الى الترجمة تحت وطأة تقارير تصنيف المؤسسات الائتمانية العالمية السلبية.
فمن تسنى له في اليومين الماضيين الاستماع الى مواقف نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان في شأن اجتماعات لجنة الاصلاحات لا بدّ الا ان يلمس هذا الاتجاه. حاصباني قال قبل اجتماع الامس "بناء على ما سيناقش سنقرر الاستمرار او الانسحاب من لجنة الاصلاحات" فيما غرد قيومجيان عبر حسابه على "تويتر" "اننا كوزراء القوات اللبنانية لن نكذب على الناس ولن نوافق على موازنة ٢٠٢٠ إلا اذا تضمنت اجراءات واصلاحات بنيوية فورية لإنقاذ وضع البلد المالي والاقتصادي وفق خطة العمل والاقتراحات التي قدمناها وقدمها آخرون. نأمل من اللجنة الوزارية امتلاك إرادة وقرار، الوقت يداهمنا ووجع الناس لا يرحم."
لكن، هل القوات في معرض الخروج من الحكومة و"جنّة الحكم" وترك الساحة لمن ترى ان مصلحة الصفقات تتغلب لديهم على المصلحة الوطنية؟ قطعاً لا، تقول اوساط معراب لـ"المركزية" الامر غير وارد ولا هو قيد البحث. القوات باقية في الحكومة من اجل الهدف الذي دخلتها لاجله. ان وجودها فاعل ومؤثر وهي نتيجة الضغط الذي تمارسه من الداخل تحقق التغيير، ولو بعد عناء. فتشكيل لجنة الاصلاحات هو نتاج هذا الضغط الذي سيستمر من اجل تعميق النقاش في الاصلاحات ونقلها من المواقف الى الاجراءات الفعلية. اما في حال لم يؤخذ بهذا المطلب، فموقف الحزب بالنسبة لموازنة العام 2020 سيكون نسخة طبق الاصل عن موازنة 2019، اي رفض التصويت عليها، ولتتحمل القوى السياسية المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية والتي ستصوّت على الموازنة مسؤولية ما قد تؤول اليه الاوضاع في البلاد، وهي لا تحتاج الى منجم او من يضرب في الرمل لتحديد وجهتها الحتمية نحو قعر الهاوية، اذا استمرت المعالجات بالتخدير الموضعي والترقيع. هذا الوضع لن تقبل به معراب، وللغاية، تحذر وترفع الصوت وتلوّح بموقفها مسبقاً لعدم القاء اللائمة عليها حينما ترفض الموازنة اذا لم يؤخذ بهذه الاولويات الملحة والانتقال من الاقوال والمزايدات الكلامية وتحميل المسؤوليات وتقاذف الاتهامات الى الأفعال ومعالجة لبّ المشكلة بمعالجة الاصلاحات الحقيقية، لان خلاف ذلك يعني ان البلاد ذاهبة بخطى ثابتة نحو الانهيار. وهو ليس مسألة حتمية ومواجهته ممكنة بالتأكيد لكن للانقاذ شروطه ومدخلها الاساسي السير بالاصلاحات.
وتدعو اوساط معراب المعنيين من اهل الحكم الى التبصّر في المرحلة ما بين التصويت على موازنة 2019 والنقاش في مشروع موازنة 2020، وكيف ينحدر الوضع من السيّىء الى الاسوأ على المستويات كافة لا سيما اقتصاديا، فلا حوار بعبدا ولا مواقف الموفد الفرنسي لمتابعة مقررات مؤتمر سيدر بيار دوكان التحذيرية ولا اجتماعات الرئيس سعد الحريري في باريس ، ادت الغرض المطلوب لجهة الاسهام في فرملة الانزلاق، ولا علاج شافياً الا عن طريق الاصلاحات، والا فلتتحمل القوى السياسية التي ستوافق على موازنة من دون اصلاحات مسؤولية ما قد يحصل، وليس ما جرى في الشارع الاحد الماضي سوى عيّنة من الاعظم الاتي اذا لم يعاين المواطن بصيص امل من اجل الخروج من النفق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك