واحدة من أهم «الوسائل القتالية» التي ثبتت فاعليّتها ضد إسرائيل لمنعها من فرض إرادتها على لبنان، تكمن في انشغالها الدائم بمحاولة الحدّ من قدرات حزب الله. الأمر الذي تسبّب الى جانب عوامل اخرى، بترحيل أطماعها الى أدنى مرتبة في سلم أولوياتها.
واستناداً إلى تموضعها هذا، تقيس تل أبيب أفعالها وأفعال الآخرين ضد لبنان، ربطاً بتأثيرها السلبي أو الإيجابي على تموضع حزب الله وعدائها له، من دون أدنى اهتمام يُذكر بعوامل وتطورات أخرى تقدّر أن تأثيرها محدود على الحزب.
في اليومين الماضيين، برز اهتمام إسرائيلي بالأزمة الاقتصادية اللبنانية، عبر استعراض مكوّناتها وأسبابها والنتائج الكارثية المرتقبة لها، مع إبراز سؤالين اثنين: هل يؤدي الضغط الاقتصادي على لبنان إلى الضغط أكثر على حزب الله والتسبّب بزيادة «مأزوميته»؟ أو أن الضغط الاقتصادي على الدولة اللبنانية والتأثير السلبي على عملتها، من شأنهما تخفيف الضغط المالي على حزب الله؟
وفيما انشغل معظم التعليق الإسرائيلي في عرض الوقائع وطرح التساؤلات حول جدوى العقوبات الأميركية، التي لم تبد للمعلقين ذات جدوى في الضغط الفعلي على حزب الله، برزت تحذيرات من نتائج نقيضة لا تساعد في جهود المعركة غير العسكرية، التي تُخاض ضده.
وفي سياق تعليقها على إدراج بنك «الجمّال» على لائحة «أوفاك» للعقوبات الأميركية، أشارت صحيفة «ذا ماركر» الاقتصادية العبرية، إلى أن حزب الله ليس جزءاً من «هذه القصة»، لأن أمواله لا تُدار من قبل المصارف اللبنانية، محذّرة من أن نتيجة الأزمة المصرفية الواسعة النطاق في لبنان التي ستُضعف المؤسسات المالية فيه، سترفع من مكانة حزب الله المالية، ما يتيح له الاستحصال على مزيد من الأصول، بأثمان أقل مما كان عليه دفعها في السابق.
من جهتها، حذّرت صحيفة «هآرتس» من أن «صواريخ حزب الله ليست التهديد الوحيد المقبل من لبنان، إذ أن الأزمة الاقتصادية قد تؤدي إلى مزيد من التدهور والانهيار المالي ما يُتيح للآخرين (حزب الله) استغلال الأزمة لأغراض سياسية وعسكرية»، و«أولئك الذين يخشون عشرات الآلاف من صواريخ حزب الله، عليهم الحذر والقلق أيضاً من الأزمة الاقتصادية العميقة، التي تُعزز قدرة حزب الله على السيطرة على لبنان».
وختمت «هآرتس» محذرة أيضاً من أن الحزب الذي يدعم تلقّي الدولة اللبنانية مساعدات مالية خارجية، لا يحتاج واقعاً إلى مثل هذه الأموال، فـ«حزب الله مُحصّن ضد الأزمة الاقتصادية، طالما أن مصادره المالية لا تعتمد على خط الأنابيب المصرفي النظامي».
التساؤلات الإسرائيلية حول جدوى الضغط على القطاع المصرفي في لبنان وجدوى التسبّب بأزمة اقتصادية عميقة، وتحذيرها من أنها لا تؤثر سلباً على حزب الله، مؤشر دالّ على اختلاف بين الحلفاء حول تقييم جدوى العقوبات الاقتصادية الأميركية نفسها، ومؤشر دالّ أيضاً على هوية المتسبّب بها.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك