عقد وزير البيئة فادي جريصاتي مؤتمراً صحافياً خصّصه للحديث عن اهمية فرز النفايات من المصدر ولتوضيح مضمون عبارته الاخيرة حول المواطن "وما يسمّعني صوته " والتي تمّ إجتزاؤها من كلام متكامل.
واستهل الوزير جريصاتي المؤتمر بالقول "أشكر كل من علّق على الموضوع سلباً أم ايجاباً لأنه خلق دينامية كبيرة جداً في الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ولو كل الذين قرّروا يسمعونا أصواتهم أسمعونا أصواتهم منذ 25 سنة لم نكن لنتعرّض للسرقة ولندفع أغلى كلفة نفايات في العالم لشركة سوكلين على فترة 25 سنة، ولم نكن اليوم في هذا الوضع حيث المطامر الصحية لا تغطي كل الاراضي اللبنانية ولم نكن لنشهد مكبات عشوائية يبلغ عددها حوالى الالف، ولم يكن ليكون لدينا نقص في معامل النفايات في بعض المناطق اللبنانية لغاية اليوم".
واضاف "من إنتقدوا بطريقة الشتم لا يمكنني أن أقول لهم إلا "الله يهديهم" وهذه الجوقة لا تشبه الشعب اللبناني ولا تشبه أخلاقنا أبداً ، أما الفئة الأخرى التي انتقدت ايجاباً سأحيّي كل فرد منها وهذا حقهم ، وأنا اليوم موظف وعليّ قبول الانتقاد والملاحظات وهذه فرصة لتوضيح ما أثير، وأول نقطة هي أن الفرز من المصدر بات قانوناً، وكما لدينا في لبنان قانون للسير وقانون للبناء وللصيد بات لدينا قانون للفرز. وأعطي مثلاً أنه لا يمكنني أن أقود السيارة بعكس السير وأتوقّف في الطريق لأشتري فنجان نسكافيه ثم أبدأ "النق" على زحمة السير، ولا يمكنني أن اصطاد عشوائياً وأستخدم الشبك ثم أبدأ "النق" أن لا طيور في لبنان. هناك معادلة واضحة هي أن الفرز من المصدر صدر في القانون الرقم 80 ثم تكرّس بالمرسوم 5605 وهذا يعني أنه بات واجباً بحسب المشرّع.ونحن من واجباتنا القيام بالفرز من المصدر بغض النظر اذا حصل خطأ في المرحلة النهائية أو على الطريق في أحدى المراحل ، وهذه هي رسالتي لمن قال أين ستذهب النفايات المفروزة".
وطلب وزير البيئة استرجاع ما قاله في صيدا بطريقة غير مجتزأة حيث قال بالصورة والصوت حينها " يللي عم يفرز إلو عليّي " ، فعلّق " البعض نشر " لا إله " وليس " لا إله إلا الله ".وهذه نقطة هامة الفرز وكلامي هنا موجّه للمواطنين الصالحين الذين يفرزون وهو أن لهم عليّ أن أعمل 12 ساعة في النهار ولا أتعب لأستطيع إنجاح كل هذه الحلقة، ولهم عليّ ألا أتوقف عن إلزام بلديات لبنان بالالتزام بالفرز من المصدر، ولهم عليّ أن أواصل "الخناقة" مع شركات الكنس والجمع في جبل لبنان وهي رامكو وسيتي بلو كي تلتزما بالمراسيم والقوانين في عقدهم مع مجلس الانماء والاعمار، لهم عليّ أن ابقى متابعاً قضية المطامر في لبنان لنتأكد أنها مطامر صحية ، ولهم عليّ أن نتفق مع القوى السياسية في الجنوب والشمال على المواقع لنقيم فيها مطامر صحية وننتهي من أزمة نفاياتنا في النبطية وغير النبطية".
ورأى جريصاتي أن "الفرز من المصدر لا يلقى إجماعاً اليوم لأنه يضرّ بمصالح كثير من الناس ، فالناس التي لديها مصلحة في الطمر الكثير لا مصلحة لديها بالفرز من المصدر ، ولدينا اليوم معركة كبيرة جزء منها موجّه ضدي وجزء منها هو أبعد.فعلى الطريق إنتقد قسم من الناس العهد والوزير جبران باسيل ، ولهؤلاء أقول أنتم مخطئون في الملعب ، نحن نتكلم عن الفرز من المصدر ، ويكفيني فخراً أنني ربما الوزير الوحيد منذ 7 أشهر لليوم لم أتعاط في السياسة ، وهذه بشهادة خصومنا السياسيين الذين هم على خصومة مع التيار الوطني الحر الذي أفتخر به والذي هو من إختارني وأوصلني الى ما وصلت اليه. وأتمنى من الجميع أن يعرف أنني لا أتعاطى في السياسة ليس لأنني لا أعرف التكلم بالسياسة بل لأنني أعتبر نفسي موظفاً في خدمة كل الشعب اللبناني، ولأنني أعتبر أن تحديات البيئة كبيرة لدرجة أن لا أتلهّى بمعارك جانبية وأن أعمل لكل الناس ولكل الاطياف لأن هذه هي وظيفة الوزير في لبنان.فلا يحاولنّ أحد أخذي الى ملعب سياسي، فأنا ساكت ولا أسمّعكم صوتي في السياسة ".
وتابع وزير البيئة "سأل كثيرون عن نية طيبة عن مصير نفاياتنا بعد الفرز، وقد أمضينا فترة شهر في تفاوض مع الشركات لتنزل الى السوبرماركات أكياساً من 3 ألوان أحمر وأخضر ورمادي. واذا كل شخص فرز النفايات في بيته ووضعها في أكياس ثم وضعها في برميل واحد ، وسأسلّم جدلاً أنه لا توجد براميل بثلاثة ألوان وجاءت الشركة وأخذت الاكياس، لدينا معمل في العمروسية يتم توسيعه وينتهي بعد شهر ليستوعب 1500 طناً ومعمل في الكرنتينا حيث تمّ تجديد خط منذ اسبوع وهناك معمل تسبيخ يتم إنشاؤه في الكوستا برافا ويستوعب 750 طناً وسنفتتحه في آب المقبل ، فلمن يسألوننا عن معامل تستوعب أطمئنهم بوجود هذه المعامل الآن لتستوعب كل نفايات بيروت وجبل لبنان حيث نتكلم عن أكثر من 50 في المئة من نفايات لبنان ، عدا عن طرابلس وصيدا حيث المعامل موجودة عدا عن البقاع وزحلة وجب جنين. وكلما نفرز كلما تصل نفايات غير مخلوطة مع مواد عضوية وكلما استطعنا استعمالها لنقوم بتسبيخ ونستخدم " الكومبوست " الجيد في الزراعة بدل رمي الكومبوست كما يحدث حالياً ، وهل سألنا أنفسنا لماذا لا تعيش مطامرنا أكثر ؟ لأن نفاياتنا مخلوطة ولا تستطيع معاملنا الاستفادة منها .كل ما نفعله في بيتنا هو توفير على البيئة وعلى جيوبنا حيث كلفة النفايات 400 مليار ليرة سنوياً، ومن يفرز في بيته يخدم نفسه وليس وزير البيئة ، ومن لا يفرز لا يعتقدنّ أنه يفعل نكاية بوزير البيئة أو يفشّلني في السياسة. أنا أمرّ مرور طريق في الوزارة إنما إسألوا كل بلدان اوروبا التي نجحت في معالجة نفاياتها بدأت من البيت بغض النظر اذا طمرنا أو حرقنا".
وتوجّه وزير البيئة بالتحية الى "أم ناصر في عربصاليم التي قررت البدء بالفرز مع مجموعة نساء منذ 25 سنة من دون أن تسأل أين الدولة قبل أخذ المبادرة ليغيّروا مصير ضيعتهم، هؤلاء النساء أقبّل اياديهم وهذه العدوى يجب أن تنتقل الى كل مكان.وهناك اتحادات بلديات بدأت العمل وأسمّي زغرتا ومعمل بكفيا وعينطورة في كسروان وصيدا ومجدليا وعيناب وسبلين والصرفند ودير الزهراني ومعركة ، فالصورة ليست سوداء كما يرسمها البعض، وليس صحيحاً أن الناس غير مقتنعة .واذا بدأنا الفرز من البيوت سنشجّع المستثمرين أكثر وأكثر لينخرطوا في الجمع والكنس لأن هذه المواد لديها ثمن".
وأكد أنه "لم يحمّل مسؤولية للشعب اللبناني في اي دقيقة ولم أغرّم أي بلدية لم تبدأ بالفرز رغم مرور شهر ونصف على صدور المرسوم، إنما كان لا بدّ من صدمة ليستفيق اللبناني بغض النظر عن الشق السلبي وتحمّلنا شتائم.التركيز يجب أن يكون على الاساس وقلنا إن المواطن هو بداية الحل، وعندما يقرّر التغيير في تصرفاته وعاداته يفرض على الدولة الحل ويفرض على البلدية والشركات طريقة الكنس والجمع بطريقة صحيحة.وقد كنت في حديث مع رئيس بلدية بيروت ومع محافظ بيروت الثلاثاء وقد تمّ وضع البراميل الحمراء في بيروت ومازلنا ننتظر البراميل الخضراء وستروننا على الطرقات نوزّع أكياساً على المنازل لاطلاق الفرز من بيروت.ليس صحيحاً أننا لا نفعل شيئاً ، أمضينا 4 أشهر في العمل ولم نأت صوب المواطن بل نعمل على كل السلسلة التي فيها مواطن ومعامل ومطامر وشركات كنس وجمع.ونحن الى جانب البلديات خارج بيروت رغم أن لا امكانات لدى وزارة البيئة لتقديم براميل ولكن سواء ضمن "سيدر" أو خارجه نعمل على كل الحلول ، ولا يفترض أن يوقفنا شيء.فلو فرزنا وعادت النفايات واختلطت سيستفيد منها معملا العمروسية والكرنتينا ومعمل صيدا وطرابلس وبعلبك وجب جنين وبر الياس وزحلة ، ولا يقول لكم أحد اذا فرزتم ووضعوا في كميون واحد خسرنا المعركة ، هذه المعركة سنربحها بالتأكيد. ولو وصلت البضاعة مخلوطة نستطيع الاستفادة منها.الممنوع هو ضغط النفايات وهذا هو الحديث الموجّه اليوم لرامكو وسيتي بلو لنقول لهما : نفسنا لم يعد طويلاً في هذا الامر وقد أعطينا لنفسنا كل الوقت ولن أرتاح نهاراً قبل إنهاء ملف ضغط البضاعة".
وتوجّه وزير البيئة "بنداء الى المجتمع المدني الذي لطالما تكلّم عن الفرز من المصدر على مدى سنوات كأحد الحلول الأنسب"، سائلاً "منذ صدور المرسوم لغاية اليوم هل سمعتم صوتهم؟ هل عدتم ورأيتموهم على الشاشات والطرقات يتحدثون عن الفرز من المصدر؟ أنا أسأل نفسي لماذا وليس لدي جواب على هذا الموضوع ؟ لماذا لستم موجودين معنا اليوم وهل أخذنا دور أحد؟".
كذلك توجّه الى الناس التي رأت أن في حديث الوزير كان "متشاوفاً" ، فقال "إن الوزير الذي ينزل على الارض كل أسبوع وجال في كل لبنان منذ 7 أشهر لغاية اليوم ، وربما لا يوجد وزير بيئة أكثر مني كنّس ونظّف بيديه ، هو آخر إنسان يكون"، متشاوفاً "على الشعب اللبناني الذي أعتّز بكل فرد منه سواء الذي انتقدني أم الذي شتمني أم الذي هنأني ودافع عني على مواقع التواصل الاجتماعي .أشكر كل واحد منكم ولكن لنرجع الى العمل فكل ذلك لا يفيد ، والسوشيال ميديا لا تعمّر بلداً ، بل ما يعمّر البلد هو أن نضع أيادينا ببعضها البعض وأن نخدم أنفسنا قبل أن نخدم بلدنا".
وفي الختام أظهر وزير البيئة خارطة لانتشار معامل النفايات في لبنان رداً على من قال إنه لا توجد مثل هذه المعامل، مضيفاً "لدينا مطامر صحية نفتخر بها رغم كل الانتقادات"، وكشف عن دورات ومحاضرات يقوم بها مستشاره شاكر نون في كل المناطق.
وختم متحدثاً عن الحملة الوطنية لوقف رمي النفايات على الطرقات يوم الجمعة المقبل في 18 تشرين الاول التي تشارك فيها المدارس والجامعات وبلديات واعلاميون وهيئات مجتمع مدني، آملاً في رؤية شوارع نظيفة وألا تعود النفايات في اليوم التالي كما حدث غداة الحملة الوطنية لتنظيف الشاطىء اللبناني التي انطلقت من الناقورة الى عكار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك