في 24 ايلول الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، نتائج تحقيقاتها حول هجمات الطائرات المسَيَّرة التي استهدفت قاعدة «حميميم» بكثافة خلال الشهور الماضية، وكشف الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، أن تجهيز وتسليح "الدرونات" تطلب قدرات فنية وخبرات معقدة، مشيراً إلى أن المظهر الخارجي لهذه الطائرات يبدو بسيطاً وغير جذاب، إلا أن الذين صمموها، استخدموا حلولاً تقنية معقدة، تتطلب مستوى تعليمياً متخصصاً".
لكن ما أُعلن روسياً لا يعكس الحقيقة كاملة بل جزءا منها، كما تقول اوساط دبلوماسية مراقبة لـ"المركزية"، اذ اكتفت الدفاع الروسية بالإضاءة على الشق التقني من المسيَّرات وكيفية تجهيزها، متحدثة عن دعم غربي للمسلحين الذين اطلقوها من ناحية تطوير تقنيات هذه الطائرات، علما ان قاعدة حميميم تعرضت لسلسلة هجمات مكثفة خلال الشهور الماضية، استخدمت فيها الطائرات المسيرة والقذائف الصاروخية والمدفعية.
وتضيف الاوساط ان التحقيقات الروسية لم تتوقف عند حدود ما أُعلن، كاشفة ان موسكو فتحت تحقيقا في قضية المُسيرات، لتحديد الجهة التي تقف خلفها او خلف من اطلقها، فهل هي حقا منظمات ارهابية ام دول وانظمة اخرى تتراوح التقديرات حولها بين اسرائيل وايران وصولا الى النظام السوري في اطار رسائل يسعى لايصالها، باللغة العسكرية، على خلفية خلافات امنية وقرارات سياسية لم تعد خافية على احد، ترتبط جذورها
بمركزية القرار ومن يملك زمامه في سوريا روسيا ام ايران؟ اذ يبدو وفق الاوساط ان النظام الذي أستُحدثت في بنيانه الامني تغييرات جذرية، تعتبر الاوساط انها جاءت كلها لمصلحة موسكو لا سيما في المراكز الرفيعة، ما زال يميل الى طهران، وهو لم يحرك ساكنا ً ازاء استهداف قاعدة حميميم ولا كلف نفسه عناء فتح تحقيق في ما جرى، على رغم ان القاعدة تعرضت اإلى أكثر من 40 هجوماً خلال الفترة منذ نيسان الماضي وفقاً لبيانات وزارة الدفاع.
وتضيف الاوساط ان المحققين الروس حصلوا على معلومات غاية في الدقة والخطورة، على اساسها، يبحثون عن شخصيات متورطة، في عمليات اطلاق المسيرات، الا ان الجانب الروسي يريد معرفة الجهة التي تقف خلف اصدار الامر باطلاق المسيرات؟ اهي النظام ام ايران وما اذا كانت كلفت شخصيات عسكرية سورية او عناصر من حزب الله لانجاز المهمة؟
تتحدث الاوساط الدبلوماسية عن تطورات مهمة في هذا الملف، من شأن تداعياتها، في ضوء ما قد تنتهي اليه التحقيقات، ان تخلّف ندوبا عميقة في جسد علاقات روسيا مع النظام وحتى مع ايران، لا سيما اذا تبين ان احدهما او الاثنين معا ،يقفان خلف اطلاق المسيّرات، فاللعب مع "القيصر" ممنوع ونتائجه بالغة السلبية.
وفي معرض اشارتها الى التباين والخلافات بين روسيا وايران والنظام السوري، تذكّر الاوساط بالمواجهات العسكرية التي وقعت تكرارا بين عسكريين روس وعناصر من الحرس الثوري وحزب الله، تناولتها وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الخارجي بدقة، تزامنا مع قرار روسي يقضي بمنع اي تواجد لعناصرالحرس الثوري وحزب الله على مسافة قريبة من المواقع العسكرية الروسية في سوريا. على هذه الخلفية، كانت مواجهات في الداخل وفي المنطقة الشمالية وحتى الجنوبية من سوريا، منعا لاقتراب ايران او حزب الله من مواقع روسية، بعدما تم ابلاغ المسؤولين الايرانيين والنظام السوري بالقرار الروسي، وارفقت موسكو موقفها آنذاك بالاعلان عن ضرورة خروج جميع العناصر المسلحة غير السورية من سوريا، من دون ان تغفل الوجود الاميركي، اذ دعت الادارة الاميركية الى اخراج قواتها ايضا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك