أعلن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، في لقاء مع ممثلي الأحزاب اللبنانية في صالون كنيسة القديس شربل في كوتونو، في إطار زيارته الراعوية الى عدد من دول افريقيا الوسطى والغربية، "اننا معكم من كوتونو نرفع الصوت عاليا رافضين، مع المتظاهرين في لبنان، من كل مناطقه بدءا بالشمال مرورا بالجنوب والبقاع وصولا الى جبل لبنان وبيروت، فرض الضرائب على الشعب اللبناني".
وطالب البطريرك الراعي "السلطة السياسية بالكف عن نهب المال العام وسرقته وهدره وتهريب الضرائب عبر المرافق الشرعية في المرفأ والمطار، ووقف التهريب عبر المعابر غير الشرعية، ووقف وتقاضي العمولات جراء تسهيلاتكم لعمليات التهريب وامعانكم في الهدر وفتح مزاريب السرقة والهدر التي تصب في جيوبكم، قبل مطالبة الشعب الذي افتقر بدفع الضرائب"، مؤكدا "ان ثلث الشعب اللبناني بات تحت مستوى خط الفقر وتعرفون جيدا ان شعبنا جائع ولا يجد فرص العمل". وقال: "ان لم تقوموا بهذه الإجراءات فهذا يعني تصميمكم على اضطهاد الشعب اللبناني ورميه في خنادق الفقر وترحيله عن بلده لبنان وتغييب دوره".
وقد استهل الراعي كلمته خلال اللقاء بالقول: "ان الكنيسة تجمع، ومعنى كلمة كنيسة في كل اللغات جماعة المدعوين، واليوم هي تجمعنا بكم لنشكر الله سويا على الإنجازات التي حققتموها في كوتونو وعلى المكانة المرموقة التي انتم عليها في هذا البلد المضيف نتيجة لحماسكم ومهاراتكم وإبداعكم والأهم حفاظكم على قيمكم اللبنانية أينما حللتم".
وتابع: "موضوعان نتطرق إليهما معكم اليوم. الاول فرحنا بكم وأنتم تعيشون هنا تحققون ذواتكم وتساعدون عائلاتكم ايضا في لبنان وهذا الوجه الإيجابي تمثلونه كلبنانيين في كوتونو والبينان كما في دول الانتشار حيث التقينا جالياتنا في بقاع الأرض كلها، ولمسنا كم انهم يعيشون بكرامة ويعرفون البلدان المضيفة على لبنان وقيمه واخلاص شعبه، وما استقبال هذه الدول المميز لنا كوفد بطريركي الا بسبب الجالية اللبنانية التي تتمتع بامتيازات خاصة نظرا لإنجازاتها ومساهماتها في بناء الدولة المضيفة وهذا هو الوجه الإيجابي".
اضاف: "أما الوجه السلبي فهو يدمي القلب . نحن نتساءل الا يحق للبنانيين المنتشرين في العالم العيش بكرامة وبحبوحة وطمأنينة في بلدهم الأم؟ ألا يحق لهم القيام بدور لإنماء لبنان اقتصاديا وتجاريا وصناعيا وهندسيا؟".
وأعلن "اننا زرنا عددا من دول الخليج وعلمنا ان معظم جسورها وطرقاتها كان لابنائنا من الجالية اللبنانية يد فيها، وكان عتب من ابنائنا المهندسين وغيرهم الذين يعملون في دول الخليج من عدم استفادة لبنان من خبراتهم بهدف تحسين البنى التحتية فيه وتطويرها لتتناسب وتطور العصر".
وقال: "انها خسارة لبنان لشعبه والذي هو ربح لدول الانتشار، وهنا لا بد من التنويه بحفاظكم على وحدتكم، وانكم من خلال البعثات الدبلوماسية والابرشيات تحافظون على انتمائكم للبنان وللكنيسة وتسجيل نفوسكم، وهذا امر مهم تحافظون من خلاله على جنسيتكم اللبنانية وتعطونها لابنائكم".
وللمناسبة، ألقى مدير المدرسة اللبنانية في كوتونو طلال عربيد، كلمة قال فيها: "نحن سعداء كثيرا بهذه الزيارة، ونتمنى أن تجمع شمل هذه الجالية الطيبة والمعطاءة وتربط المغترب اللبناني بوطنه الأم، وأن تكون مثالا للمسؤولين السياسيين عن كيفية الاهتمام بالمغترب اللبناني".
وأضاف: "صحيح نحن في بلاد الاغتراب، ولكننا نعاين البلد الأم بكل تفاصيله وخصوصا في الفترات الأخيرة والنكسات السياسية والبيئية والاقتصادية. تمنينا على غبطة البطريرك أن يكون المسؤولون على قدر هذه المسؤولية في بلد جميل مثل لبنان، بلد لا يتكرر".
ثم كانت كلمة لممثل حزب "الكتائب اللبنانية" مفرج الحاج، اعتبر فيها إن زيارة الراعي "هي شرف لنا ودعم مهم لكل أبناء الجالية، وقد حملناه أمورا كثيرة، منها أن تعود الطريقة الحضارية في التعاطي بين السياسيين. كما تمنينا على غبطته أن يحرك ملف بعض المخطوفين هنا في كوتونو كي يعودوا الى أهلهم".
بدوره، قال ممثل تيار "المستقبل" محمد فرشوخ: "في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة في البلاد، أتت زيارة صاحب الغبطة لتزيد من عزيمتنا نحن اللبنانيين المغتربين، ولتباركنا. ونحن هنا بعيدون كل البعد عن الخلافات السياسية والحزبية، وما زلنا نذكر زيارته الأخيرة سنة 2009".
وأضاف: "أطلعنا غبطته على وضع الشباب اللبناني بناء على سؤاله، فأغلبهم هنا يعملون في تجارة السيارات، وهذا المجال في تراجع مستمر في الفترة الأخيرة".
واعرب ممثل حزب "القوات اللبنانية" جورج الحج، عن فرح ابناء الجالية "لان الأرض التي وطأتها قدميك قد تباركت. ولقد أتيت من بعيد حاملا قلبا مفعما بالمحبة، ومتحملا آلامنا ومعاصينا في بلاد الاغتراب، نحن يا صاحب الغبطة أبناء الجالية اللبنانية في أبرشية سيدة البشارة، رعية مار شربل، جئنا نشكركم على زيارتكم، ملتمسين بركتكم وصلواتكم ليثبت فينا الانتماء لكنيستنا، وصلاتنا للرب يسوع وأمنا مريم العذراء أن يعطوكم القوة لمتابعة مسيرتكم".
واعرب ممثل حركة "أمل" ومركز الامام الصدر الثقافي، عن "ترحيب اليبنيين بالراعي، وكما قال امام الوحدة الوطنية والعيش المشترك السيد موسى الصدر "ان التعايش الاسلامي المسيحي ثروة يجب التمسك بها". وقال: "انطلاقا من مبدأ الامام الصدر، نحن في بلاد الاغتراب نجسد هذا القول عملا وفعلا وطموحنا دائما علاقة متينة مع جميع ابناء الوطن، ودوما بتوجيهات دولة الأخ الرئيس نبيه بري".
وعن الحزب السوري القومي الإجتماعي، قال شادي الحلبي: "هذه الزيارة تساعد المغترب اللبناني على كل الأصعدة، ومجرد وجود غبطته بيننا اليوم فان هذا الأمر يشكل دافعا قويا لنا جميعا، والبطريرك الراعي يدعو دائما الى الشركة والمحبة التي بها ننتصر على من هو خارج الإطار الإنساني".
وأشار عضو المجلس الإستشاري الإقتصادي الرعوي نمر تلج الى ان "الإنتماء الى الكنيسة ضروري لممارسة ايماننا، وعلاقتنا بغبطة البطريرك بدأت منذ نحو 20 سنة فهو من المؤسسين لهذه الرعية والكنيسة هنا. انها زيارة تاريخية لبطريرك ماروني الى افريقيا وحدث تاريخي لوضع حجر اساس لمطرانية مارونية في افريقيا. أنظار مسيحيي المشرق تتوجه اليوم نحو بكركي ونحو سيد بكركي فليبارك الرب قراراته وخطواته".
وكان رئيس اساقفة كوتونو روجيه هولغبيدجي قد رحب بالبطريرك الراعي في البينان، مشددا على "ضرورة توطيد علاقات التعاون وتبادل الخبرات بين الكنيستين والواقع والتحديات التي نعيشها. وبحرارة افريقية نرحب ونستقبل غبطته".
ورأى ان "مهمة الكنيسة المارونية واعدة ولا سيما ان الجماعة المارونية متعلقة جدا بتقاليدها وطقوسها الا انها منفتحة ايضا على الكنائس الأخرى، وهذا ما يسهل عملية تبادل الخبرات والمشاركة بين الكنائس. ونحن نرحب دائما بوجود الجماعة المارونية بيننا والتي تتقدم وتتطور بشكل متواصل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك