مورفين الوعود على طريقة "عفى الله عما مضى"، لم يعد ينفع في شارع الإنتفاضة. فموقف المحتجين كان واضحاً منذ الأيام الأولى من تحركهم. لا خروج من الشارع قبل إستقالة الحكومة وتحقيق المطالب، وقرار تنفيذ الاصلاحات الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري أمس، لم يشف غليل المحتجين. فما هو رأي "القوات اللبنانية" بورقة الإصلاحات، وهل تسرّعت بإعلان استقالة وزرائها من الحكومة؟
"من جرّب مجرّب كان عقلو مخرّب" مثل لبناني ردده كثر من المحتجين يوم أمس فور الاعلان عن بقاء الحكومة وإقرارها الاصلاحات. الاحتجاجات الشعبية في مختلف المناطق اللبنانية والتي فاق عددها المليون و500 ألف مشارك، لم ينتج عنها سوى استقالة وزراء حزب "القوات اللبنانية". ورغم ذلك، لا تعتبر "القوات" أنها استفردت من أحد، رغم عدم إستقالة الحريري و"التقدمي الاشتراكي"، هذا ما أكده مصدر "قواتي" لـ"نداء الوطن" قائلاً: "نمارس قناعتنا، والاستقالة من الحكومة كانت ضرورية إنسجاماً مع رغبة شعبنا. فكيف يمكن أن نبقى في السلطة، بعد مشهد الاحتجاجات من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب؟ ولا يمكن أن نرى أنفسنا خارج هذه المشهدية، ولا سيما أننا جزء من هذا الشعب وهذه البيئة. إنطلاقاً من هذه العناصر، اتخذ الحزب قرار الاستقالة إنسجاماً مع نظرته وتاريخه، وكنّا الوحيدين الذين استشرفنا الأمور إنطلاقاً من المعطيات المتوافرة والتحذير من الأوضاع الاقتصادية وصولاً الى المطالبة بحكومة إختصاصيين".لم يتطرق الحريري خلال كلمته السياسية إلى إستقالة وزراء "القوات"، ولا يتوقف الحزب عند هذا التفصيل، لأنه يعلم جيدّاً أنّ تركيز واهتمامات رئيس الوزراء كانت في مكان آخر ولا سيما مع ضغط الشارع، كما أنّ "القوات غير معنية أصلاً بهذا الموضوع". أمّا في ما يخص الاصلاحات التي وعدت الحكومة بتنفيذها، فأشار المصدر الى أنّ "المسألة ليست إصلاحات وأوراق وبنود، بل ترتبط بالجهة التي ستنفذها. والرأي العام اللبناني لم يخرج من الشارع بعد مضي الـ72 ساعة. المشكلة الأساسية هي أزمة الثقة مع مكونات الحكومة الحالية، والشعب يدرك تماماً أنّ الحكومة عاجزة عن تطبيق الإصلاحات، والمطلوب تغيير الوجوه والذهاب الى حكومة اختصاصيين"، متسائلاً: "لماذا لم تطبق هذه الاصلاحات في مرحلة سابقة؟ بكل بساطة لأنّ الحكومة الحالية لا تريد ذلك، وهي لا تسعى إلّا للبقاء في موقعها، من دون أي تغيير. إثر ذلك، دعا رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع الى حكومة اختصاصيين على طاولة قصر بعبدا، وخصوصاً بسبب غياب الثقة عند اللبنانيين تجاه الحكومة الحالية. ونعلم جيدّاً أن طرحنا في مكانه الصحيح وما زلنا مصرّين على أنّ عدم استقالة هذه الحكومة سينتج عنه المزيد من التدهور على أكثر من مستوى. ولا نعتقد أنّ الحكومة ستتمكن من لجم ضغط الشارع بإعلان الاصلاحات فحسب، والمطلوب خطة إنقاذية وإعطاء ضمانات حسّية للناس تترجم بالاستقالة، وليس وعوداً من حكومة فقدت ثقة شعبها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك