الجميع في لبنان متفقون على أن البلاد وقعت في المأزق الكبير وفي «الأزمة الشاملة»، ويستشعرون خطورة الأوضاع وقابليتها للدخول في مرحلة انهيارات متتالية اقتصادية ومالية واجتماعية وسياسية وأمنية ولكن ليس هناك حتى الآن مقاربة أو رؤية موحدة لكيفية الخروج من «المأزق النفق» وعدم الانزلاق الى «الأسوأ» مع صعوبة إبقاء الوضع تحت السيطرة. وبالإجمال، هناك ثلاثة «احتمالات سيناريوهات» مطروحة في شأن تطور الأزمة ومسارها:
٭ الأول: مسار احتواء واستيعاب وتصريف للأزمة على يد الحكومة، وعلى أساس ورقة الإصلاحات التي أعلنها الرئيس سعد الحريري البعيد عن فكرة وخيار الاستقالة، والذي يراهن على إمكانية المعالجة بتطبيق سريع للورقة الإصلاحية وإحداث نقلة نوعية في عمل الحكومة وأدائها وإنتاجيتها، على أن تعطى الأولوية لإقرار موازنة ٢٠٢٠ في مجلس النواب لتحريك مفاعيل مؤتمر «سيدر» ومازال الحريري، المستند الى بيئة دولية حاضنة، ودعم سياسي متزايد من مثلث «عون بري نصرالله»، مقتنعا بأن الحراك الشعبي ليس كله سلبيات ولا يعني فقط الضغط عليه للرحيل، وإنما ينطوي على إيجابيات وأولها إمكانية استخدامه كورقة ضغط على شركائه في الحكم لتسريع إقرار ما كان صعبا ومتعذرا إقراره من قبل. وبالتالي، فإن الحراك الشعبي ورقة تفاوضية في يده وعامل يلعب لمصلحته في مكان ما.
٭ الثاني: مسار إنقاذ عن طريق إحداث صدمة إيجابية تكون كافية لإخراج الناس من الشارع، ولنقل البلاد الى وضع جديد وظروف مؤاتية لتطبيق الإصلاحات.. أصحاب هذا الرأي يعتبرون أن الحكومة لا يمكن أن تصمد طويلا في ظل استمرار هذا الوضع الذي يحاصرها من كل الاتجاهات، وفي ظل حال الشلل التام على كافة المستويات، ولا يمكن للحكومة أن تظل «تكابر» وتقلل من شأن هذه الهبة الشعبية التي نقلت البلاد الى مكان آخر.. وحتى التعديل الحكومي لإبدال وزراء بآخرين أكثر كفاءة وأفضل سمعة وصيتا، لم يعد يشكل الخطوة الكافية والقادرة على احتواء الوضع ولا تشكل الصدمة الإيجابية المطلوبة، التي لا تبدو أقل من تغيير حكومي مدروس يضع وزراء الأحزاب خارج الحكومة، من دون أن يضع سعد الحريري خارج رئاسة الحكومة، لأن استمراره ضمان لاستمرار التسوية والعهد ولبقاء خيط العلاقة مع المجتمع الدولي والعربي. وأما الحكومة الجديدة فتكون حكومة تكنوقراط من اختصاصيين وخبراء مع إمكانية تطعيمها بشخصيات قضائية وعسكرية وأمنية مشهود لها بالنظافة والكفاءة.
٭ الثالث: مسار متفجر مع بقاء الأزمة في الشارع وإخفاق السلطة في استلحاق الأزمة وإدارتها، لأن وتيرة الحراك الشعبي هي الأسرع وتقوى مع الوقت، فيما قدرة الحكومة على المعالجة والاستيعاب تضعف. فقد أثبت المتظاهرون حتى الآن ثباتا وتصميما وعنادا، وباتت لديهم ثقة أكبر بالنفس وبقدرتهم على التغيير، وهم ينظرون الى ورقة الإصلاحات على أنها باكورة تنازلات السلطة وأول خطوة لها الى الوراء رضوخا لضغط الشارع، فيما تحاول الحكومة أن تثبت جدية في التزام ورقتها وتنفيذ تعهداتها، ولكن هامش الوقت يضيق أمامها بعدما انعدم هامش المناورة.
هذا الانزلاق الوارد والمحتمل في اتجاه «السيناريو الأسوأ»، يستند الى الواقع السياسي الميداني:
ـ من جهة هناك هوة سحيقة بين ما تعرضه السلطة المرتعبة وما يريده الشعب المتحفز، ناهيك عن أزمة ثقة عميقة لا يمكن للحكومة أن تفعل شيئا حيالها، وتأخرت كثيرا في معالجتها.
ـ هناك ثانيا الحراك الشعبي الذي لديه ورقة ضغط وقوة أساسية هي «قطع الطرقات والسيطرة على الأرض»، وتفوق أهمية وتأثيرا التظاهرات في الساحات.
ولكن الإقفال العام بات يشكل عامل ضغط على القطاعات والمرافق كافة التي بدأت ترفع الصوت (المستشفيات الأفران المحروقات وكل القطاعات...)، والذي بدأ يخلق حساسيات وإشكالات بين القوى الموجودة في الشارع وقوى حزبية وشعبية تعتبر نفسها محاصرة ورهينة هذا الوضع، وهذه الضغوط تشمل الجيش اللبناني أيضا الذي يلقى ضغوطا من المراجع العليا، استنادا الى مناشدات واتصالات يتلقاها ومطالبات كي يضمن حق التعبير وأيضا حق التنقل، وكي يحافظ على سلامة المتظاهرين وأيضا على مصالح المواطنين.
ـ هناك ثالثا قوى السلطة، القوى الأساسية التي تحكم البلد وتشعر أنها في مأزق كبير، والى حد ما أمام معركة مفصلية وجودية، معركة حياة أو موت، وتستشعر أن هذه المعركة إذا أفلتت من ضوابطها الحالية وخرجت عن السيطرة توصل الى نهايات دراماتيكية، خصوصا في ظل ترابط حلقات «التسوية القائمة منذ ٢٠١٦، وأيضا حلقات الانهيار الذي بدأ، بما يؤدي الى أن تصبح عملية إسقاط الحكومة مقدمة لسقوط التسوية والعهد، وهذا ما يدفع السلطة الى الانتقال الى نمط جديد من التفكير والتعاطي، ومن محاولة «الاستيعاب» الى مرحلة «المواجهة».
٭ الأول: مسار احتواء واستيعاب وتصريف للأزمة على يد الحكومة، وعلى أساس ورقة الإصلاحات التي أعلنها الرئيس سعد الحريري البعيد عن فكرة وخيار الاستقالة، والذي يراهن على إمكانية المعالجة بتطبيق سريع للورقة الإصلاحية وإحداث نقلة نوعية في عمل الحكومة وأدائها وإنتاجيتها، على أن تعطى الأولوية لإقرار موازنة ٢٠٢٠ في مجلس النواب لتحريك مفاعيل مؤتمر «سيدر» ومازال الحريري، المستند الى بيئة دولية حاضنة، ودعم سياسي متزايد من مثلث «عون بري نصرالله»، مقتنعا بأن الحراك الشعبي ليس كله سلبيات ولا يعني فقط الضغط عليه للرحيل، وإنما ينطوي على إيجابيات وأولها إمكانية استخدامه كورقة ضغط على شركائه في الحكم لتسريع إقرار ما كان صعبا ومتعذرا إقراره من قبل. وبالتالي، فإن الحراك الشعبي ورقة تفاوضية في يده وعامل يلعب لمصلحته في مكان ما.
٭ الثاني: مسار إنقاذ عن طريق إحداث صدمة إيجابية تكون كافية لإخراج الناس من الشارع، ولنقل البلاد الى وضع جديد وظروف مؤاتية لتطبيق الإصلاحات.. أصحاب هذا الرأي يعتبرون أن الحكومة لا يمكن أن تصمد طويلا في ظل استمرار هذا الوضع الذي يحاصرها من كل الاتجاهات، وفي ظل حال الشلل التام على كافة المستويات، ولا يمكن للحكومة أن تظل «تكابر» وتقلل من شأن هذه الهبة الشعبية التي نقلت البلاد الى مكان آخر.. وحتى التعديل الحكومي لإبدال وزراء بآخرين أكثر كفاءة وأفضل سمعة وصيتا، لم يعد يشكل الخطوة الكافية والقادرة على احتواء الوضع ولا تشكل الصدمة الإيجابية المطلوبة، التي لا تبدو أقل من تغيير حكومي مدروس يضع وزراء الأحزاب خارج الحكومة، من دون أن يضع سعد الحريري خارج رئاسة الحكومة، لأن استمراره ضمان لاستمرار التسوية والعهد ولبقاء خيط العلاقة مع المجتمع الدولي والعربي. وأما الحكومة الجديدة فتكون حكومة تكنوقراط من اختصاصيين وخبراء مع إمكانية تطعيمها بشخصيات قضائية وعسكرية وأمنية مشهود لها بالنظافة والكفاءة.
٭ الثالث: مسار متفجر مع بقاء الأزمة في الشارع وإخفاق السلطة في استلحاق الأزمة وإدارتها، لأن وتيرة الحراك الشعبي هي الأسرع وتقوى مع الوقت، فيما قدرة الحكومة على المعالجة والاستيعاب تضعف. فقد أثبت المتظاهرون حتى الآن ثباتا وتصميما وعنادا، وباتت لديهم ثقة أكبر بالنفس وبقدرتهم على التغيير، وهم ينظرون الى ورقة الإصلاحات على أنها باكورة تنازلات السلطة وأول خطوة لها الى الوراء رضوخا لضغط الشارع، فيما تحاول الحكومة أن تثبت جدية في التزام ورقتها وتنفيذ تعهداتها، ولكن هامش الوقت يضيق أمامها بعدما انعدم هامش المناورة.
هذا الانزلاق الوارد والمحتمل في اتجاه «السيناريو الأسوأ»، يستند الى الواقع السياسي الميداني:
ـ من جهة هناك هوة سحيقة بين ما تعرضه السلطة المرتعبة وما يريده الشعب المتحفز، ناهيك عن أزمة ثقة عميقة لا يمكن للحكومة أن تفعل شيئا حيالها، وتأخرت كثيرا في معالجتها.
ـ هناك ثانيا الحراك الشعبي الذي لديه ورقة ضغط وقوة أساسية هي «قطع الطرقات والسيطرة على الأرض»، وتفوق أهمية وتأثيرا التظاهرات في الساحات.
ولكن الإقفال العام بات يشكل عامل ضغط على القطاعات والمرافق كافة التي بدأت ترفع الصوت (المستشفيات الأفران المحروقات وكل القطاعات...)، والذي بدأ يخلق حساسيات وإشكالات بين القوى الموجودة في الشارع وقوى حزبية وشعبية تعتبر نفسها محاصرة ورهينة هذا الوضع، وهذه الضغوط تشمل الجيش اللبناني أيضا الذي يلقى ضغوطا من المراجع العليا، استنادا الى مناشدات واتصالات يتلقاها ومطالبات كي يضمن حق التعبير وأيضا حق التنقل، وكي يحافظ على سلامة المتظاهرين وأيضا على مصالح المواطنين.
ـ هناك ثالثا قوى السلطة، القوى الأساسية التي تحكم البلد وتشعر أنها في مأزق كبير، والى حد ما أمام معركة مفصلية وجودية، معركة حياة أو موت، وتستشعر أن هذه المعركة إذا أفلتت من ضوابطها الحالية وخرجت عن السيطرة توصل الى نهايات دراماتيكية، خصوصا في ظل ترابط حلقات «التسوية القائمة منذ ٢٠١٦، وأيضا حلقات الانهيار الذي بدأ، بما يؤدي الى أن تصبح عملية إسقاط الحكومة مقدمة لسقوط التسوية والعهد، وهذا ما يدفع السلطة الى الانتقال الى نمط جديد من التفكير والتعاطي، ومن محاولة «الاستيعاب» الى مرحلة «المواجهة».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك