في يومها الـ11، ارتسمت ملامحُ سباقٍ محموم في لبنان بين «الثورةِ البيضاء» الصامدة في الساحات وعلى «بنك أهدافها» وبين قرارين، الأوّل معلَن من الائتلاف الحاكِم بكسْر إرادتها عبر نزْح أحد «أدواتِ الضغط» الأقوى في يدها المتمثّل بقطْع الطرق، والثاني ضمنيّ من «حزب الله» بإجهاض مَطالبها بعدما رَبطها بأجندة خارجية تستهدفه وأطلقَ مسارَ «مُراكمةِ الذرائع» التي «تبرر» الانقضاض عليها.
وفيما استعادتْ «الهبّةُ الشعبيةُ» أمس، مشهدَها المليونيّ بما يعكسُ معاندةً كبيرةً للضغوط التي تتعرّض لها «بالترهيب والترغيب» على وقع ما يشبه «سياسة العصا والجزرة» من السلطة حيالها، بدا من الصعب التكهّنُ بمآلِ لعبة «عض الأصابع» التي تَبَلْوَرَتْ في اليومين الأخيريْن و«نفضت الغبارَ» عن الأبعاد الإقليمية لحساباتِ «حزب الله» خصوصاً والتي كان حَجَبَها «هديرُ الثورة» وصندوقةُ المفاجآتِ التي «فجّرتْها».
ولم يكن عابراً أن حَدَثاً بحجم «شطْب» زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي على أيدي الأميركيين وتداعيات هذا التطور على «رقعة الشطرنج» في المنطقة مرّ في لبنان وكأنه «لم يَقع»، في الوقت الذي تزدادُ المَخاوف «الخفية» من الانزلاق إلى سيناريواتٍ فوضوية، في ظلّ طلائع محاولةٍ لـ«خنْق» الحِراك (في أسبوعه الثاني) بعد تخوينه، وذلك على قاعدة أن أي تغيير يستجيب لمطالب الانتفاضة قد يؤدي إلى فكّ قبضة «حزب الله» وحلفائه عن الواقع اللبناني وتقديم «نموذج» يُحتذى في ساحات النفوذ الإيراني الأخرى.
وتَقاسَم المشهد أمس «الميدان» الذي ملأتْه تظاهراتُ «الثوار» من بيروت إلى الشمال والجنوب والبقاع مروراً بجبل لبنان في موازاة تكريس معادلة «الشارع بالشارع» عبر نزول «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) مجدداً إلى الساحة بمسيرة دعْم للعهد في منطقة كسروان، فيما كانت الكواليس السياسية تضجّ بصمتٍ بمحاولات إيجاد خريطة طريق للخروج من هذا المنعطف الخطير بأقلّ الأثمان الممكنة.
فبعد 11 يوماً على «عاميّة لبنان» التي تحوّلت معها حكايا الوجع على الشاشات وفي الساحات ديناميةً من دموعٍ وغض
بٍ تزيد الثورةَ تَوَهُّجاً وكبرياء، ما زال المأزقُ السياسي - الوطني على حاله وسط مناوراتٍ للسلطة المحاصَرة في مليونية الشارع وكأنها في «إقامة جبرية»، وصلابة الانتفاضة العصيّة على «الهدايا المسمومة» من الائتلاف الحاكِم.
فالسلطةُ التي بدتْ للوهلة الأولى مُرْبكَةً ومُنْكَفئة بعدما هالَها طوفانُ الناس في الشوارع على اختلاف حساسياتها السياسية والطائفية، أبدتْ مرونةً نسبية لكسْر المأزق بورقة الإصلاحات وبالاستعداد لمعاودةِ النظر في الواقع الحكومي و«التضحيةِ» ببعض الرموز المثيرة للجدل كصهر رئيس الجمهورية ورئيس تياره الوزير جبران باسيل، الرجل القوي في العهد والمرشّح لخلافة عمّه في سدة الرئاسة.
ولم تكن مرّت أيام على الثورة الشعبية المترامية، حتى خرج «حزب الله» على الملأ ليعلن «الأمر لي» في ضوء تقويمٍ يرتبط بمشروعه الإقليمي وساحاته، فأطلق ما يشبه «أمرَ عملياتٍ» يستند إلى «شيْطنة» الانتفاضة ونزْع أوراق القوة من يديها وقفْل الباب أمام أي استجابةٍ لمطالبها وخصوصاً المساس بالواقع الحكومي.
ورَسَمَ «حزب الله» خطوطاً حمراً وعلى نحو حاسِم أمام أي تعديل وزاري يطيح بحليفه الوزير باسيل وأمام أي تغيير حكومي من النوع الذي يأتي بمستقلّين أو مُحايدين أو تكنوقراط لأن من شأن ذلك الحدّ من تأثيره الطاغي على مركز القرار وآلياته في مجلس الوزراء وفي الوقت نفسه «كشْفه» سياسياً بمواجهة العقوبات الأميركية المرشّحة لفصول جديدة يرجّح ألا توفّر حلفاءه.
ويترافق قفْلُ «حزب الله» الأبوابَ بوجه إعادة النظر في الواقع الحكومي مع خطةٍ يدْفع بقوةٍ في اتجاهها وتقوم على إرغام الجيش على فتْح الطرق مهما كان الثمن وإدارة الأُذُن الطرشاء للحِراك. وهذا السيناريو الذي يقاربه رئيس الحكومة سعد الحريري بحذرٍ كبير يجعل منه أسيرَ مأزقٍ قد ينفجر بوجهه، وهو الذي يُبدي ميْلاً إلى مخارج من نوع الذهاب إلى تسوياتٍ لا تؤدي إلى الفوضى في البلاد أو الانهيار المالي - الاقتصادي.
وعلمت «الراي» أن الحريري تَقَدّم باقتراحيْن إلى الرئيس عون، الأوّل يقْضي بتشكيل حكومةٍ مصغَّرةٍ غير سياسية وتضمّ خبراتٍ ذات صدقية على أن يصار إلى التفاهم عليها بين فريق عملٍ مؤلف من أطراف التسوية (الحريري وعون والثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل).
ولأنه يُخشى أن تطول المشاورات لإنضاج مثل هذه الصيغة في ظل شارع لاهبٍ ومَخاوف من تَسارُع وتيرة الأحداث، تقدّم الحريري بالاقتراح الثاني وهو يقوم على إعلان استقالة حكومته التي تصبح حكومة تصريف أعمال، في رهانٍ على أن يؤدي هذا الأمر إلى تهدئة الشارع والانطلاق بعيداً من ضغطه نحو تأليف الحكومة الجديدة.
وفي ما يُفهم بين سطوره أن حزب الله متمسّك بالحكومة الحالية ويرفض إجراء تعديلات عليها، أوضحت المصادر «أن من الخطأ الآن الانجرار الى خطوة تغيير الحكومة، ورئيس الجمهورية قالها صراحةً» يجب إعادة النظر بالواقع الحكومي الجديد «والمقصود بالواقع الجديد هو استقالة وزراء (القوات اللبنانية)، وهذا يفرض (ترميم) الواقع الحكومي وليس تعديله وذلك بتعيين وزراء جدد بدلاء عنهم بما يتلاءم مع الاستقالة».
وإذ ينتظر الحريري رداً على اقتراحيْه مع تشديده على رفْض أي تعرُّض لحرية المتظاهرين وتشجيعه على فتْح الطرق بلا مواجهات وسط كلامٍ لافت نقله النائب السابق مصطفى علوش (السبت) عن أن رئيس الحكومة لا يمكنه أن ينتظر أكثر من 48 ساعة والمطلوب صدمة إيجابية سريعة ملمحاً إلى خيار الاستقالة، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر في «حزب الله» «اننا لا نؤيّد التعديل الحكومي وإنما ترميم الحكومة القائمة بتعيين بدلاء لوزراء (القوات اللبنانية) الأربعة، وأن التعديل المطروح من بعض المتظاهرين باستبدال وجوه وزارية (المستفّزة) في رأيهم، غير وارد»، فيما برز ارتسامُ معادلةٍ لحماية باسيل عبر مقايضةِ أي «تَخَلٍّ» عنه بخروج الحريري من رئاسة الحكومة، فإما يبقيان معاً أو يخرجان معاً.
فالسلطةُ التي بدتْ للوهلة الأولى مُرْبكَةً ومُنْكَفئة بعدما هالَها طوفانُ الناس في الشوارع على اختلاف حساسياتها السياسية والطائفية، أبدتْ مرونةً نسبية لكسْر المأزق بورقة الإصلاحات وبالاستعداد لمعاودةِ النظر في الواقع الحكومي و«التضحيةِ» ببعض الرموز المثيرة للجدل كصهر رئيس الجمهورية ورئيس تياره الوزير جبران باسيل، الرجل القوي في العهد والمرشّح لخلافة عمّه في سدة الرئاسة.
ولم تكن مرّت أيام على الثورة الشعبية المترامية، حتى خرج «حزب الله» على الملأ ليعلن «الأمر لي» في ضوء تقويمٍ يرتبط بمشروعه الإقليمي وساحاته، فأطلق ما يشبه «أمرَ عملياتٍ» يستند إلى «شيْطنة» الانتفاضة ونزْع أوراق القوة من يديها وقفْل الباب أمام أي استجابةٍ لمطالبها وخصوصاً المساس بالواقع الحكومي.
ورَسَمَ «حزب الله» خطوطاً حمراً وعلى نحو حاسِم أمام أي تعديل وزاري يطيح بحليفه الوزير باسيل وأمام أي تغيير حكومي من النوع الذي يأتي بمستقلّين أو مُحايدين أو تكنوقراط لأن من شأن ذلك الحدّ من تأثيره الطاغي على مركز القرار وآلياته في مجلس الوزراء وفي الوقت نفسه «كشْفه» سياسياً بمواجهة العقوبات الأميركية المرشّحة لفصول جديدة يرجّح ألا توفّر حلفاءه.
ويترافق قفْلُ «حزب الله» الأبوابَ بوجه إعادة النظر في الواقع الحكومي مع خطةٍ يدْفع بقوةٍ في اتجاهها وتقوم على إرغام الجيش على فتْح الطرق مهما كان الثمن وإدارة الأُذُن الطرشاء للحِراك. وهذا السيناريو الذي يقاربه رئيس الحكومة سعد الحريري بحذرٍ كبير يجعل منه أسيرَ مأزقٍ قد ينفجر بوجهه، وهو الذي يُبدي ميْلاً إلى مخارج من نوع الذهاب إلى تسوياتٍ لا تؤدي إلى الفوضى في البلاد أو الانهيار المالي - الاقتصادي.
وعلمت «الراي» أن الحريري تَقَدّم باقتراحيْن إلى الرئيس عون، الأوّل يقْضي بتشكيل حكومةٍ مصغَّرةٍ غير سياسية وتضمّ خبراتٍ ذات صدقية على أن يصار إلى التفاهم عليها بين فريق عملٍ مؤلف من أطراف التسوية (الحريري وعون والثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل).
ولأنه يُخشى أن تطول المشاورات لإنضاج مثل هذه الصيغة في ظل شارع لاهبٍ ومَخاوف من تَسارُع وتيرة الأحداث، تقدّم الحريري بالاقتراح الثاني وهو يقوم على إعلان استقالة حكومته التي تصبح حكومة تصريف أعمال، في رهانٍ على أن يؤدي هذا الأمر إلى تهدئة الشارع والانطلاق بعيداً من ضغطه نحو تأليف الحكومة الجديدة.
وفي ما يُفهم بين سطوره أن حزب الله متمسّك بالحكومة الحالية ويرفض إجراء تعديلات عليها، أوضحت المصادر «أن من الخطأ الآن الانجرار الى خطوة تغيير الحكومة، ورئيس الجمهورية قالها صراحةً» يجب إعادة النظر بالواقع الحكومي الجديد «والمقصود بالواقع الجديد هو استقالة وزراء (القوات اللبنانية)، وهذا يفرض (ترميم) الواقع الحكومي وليس تعديله وذلك بتعيين وزراء جدد بدلاء عنهم بما يتلاءم مع الاستقالة».
وإذ ينتظر الحريري رداً على اقتراحيْه مع تشديده على رفْض أي تعرُّض لحرية المتظاهرين وتشجيعه على فتْح الطرق بلا مواجهات وسط كلامٍ لافت نقله النائب السابق مصطفى علوش (السبت) عن أن رئيس الحكومة لا يمكنه أن ينتظر أكثر من 48 ساعة والمطلوب صدمة إيجابية سريعة ملمحاً إلى خيار الاستقالة، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر في «حزب الله» «اننا لا نؤيّد التعديل الحكومي وإنما ترميم الحكومة القائمة بتعيين بدلاء لوزراء (القوات اللبنانية) الأربعة، وأن التعديل المطروح من بعض المتظاهرين باستبدال وجوه وزارية (المستفّزة) في رأيهم، غير وارد»، فيما برز ارتسامُ معادلةٍ لحماية باسيل عبر مقايضةِ أي «تَخَلٍّ» عنه بخروج الحريري من رئاسة الحكومة، فإما يبقيان معاً أو يخرجان معاً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك