في أول رد عملي على المطالبات المحقة للثوار، لا سيما تلك المتعلقة بمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، أعلن وزراء ونواب تكتل لبنان القوي رفع السرية المصرفية عن حساباتهم المصرفية، بغرض إضفاء الشفافية على علاقتهم بالناس، لا سيما منهم أولئك المستمرون في التظاهر منذ ما يقارب أسبوعين. لكن هذه النفحة الايجابية تجاه المطالب المتعلقة بالفساد لم يقابلها أي انفراج من شأنه أن يدفع بعجلات الحل السياسي قدما. ذلك أن المفاوضات السياسية في شأن احتمالات الركون إلى تعديل حكومي من شأنه أن يخفض منسوب غضب المتظاهرين، لا يزال يصطدم بجدار من الرفض، بفعل ما يحكى عن إصرار على الابقاء على وزير الخارجية جبران باسيل في الحكومة، أيا تكن الأثمان. غير أن العونيين لا يقاربون الأمور من هذه الزاوية، راسمين معادلة جديدة: تأليف حكومة تكنوقراط يفترض أن يطال الحريري، تماما كما الوزير باسيل.
وبعيد إعلان التكتل رفع السرية المصرفية عن حسابات أعضائه، أوضحت مصادر "لبنان القوي" لـ "المركزية" أن "اللقاء الذي جمع عددا من النواب برئيس المجلس النيابي نبيه بري، هدف إلى المطالبة بإعادة تحريك عجلة الهيئة العامة لإقرار القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد. ذلك أن التكتل على اقتناع بأن من شأن وضع هذه النصوص القانونية على السكة أن يضمن الشفافية ومكافحة الفساد حاضرا كما مستقبلا.
أما على المقلب السياسي، فلا تبدو الصورة وردية إلى هذا الحد. اذ أن المفاوضات ذات الطابع الحكومي تدور في حلقة مفرغة عنوانها الوحيد وربما المعهود: "عقدة باسيل". لكن مصادر لبنان القوي تذكر المتظاهرين أن لا يجوز أن يستهدف القنص الشعبي الوزير باسيل حصرا، علما أن تأليف حكومة تكنوقراط من المفترض أن يطال الرئيس الحريري، تماما كما باسيل، لأن مطلب التكنوقراط يعني نزع الصفة السياسية بشكل كامل وشامل.
وفي الانتظار، لا يزال العونيون يتوقعون أن يبادر المتظاهرون إلى تلقف مبادرة رئيس الجمهورية، والتجاوب مع دعوته إياهم إلى الحوار. وفي السياق، تلفت أوساط عونية لـ "المركزية" إلى أن عدم تجاوب الثوار مع دعوة الرئيس عون إلى الحوار يرفع منسوب المخاوف من أن يكون وراء الأكمة ما وراءها، من حيث محاولات نشر الفوضى في البلاد تحت ستار حرية التعبير، مذكرة بأن هذه الأخيرة "مقدسة" تماما كما حرية التنقل التي يجب أن تبقى مصانة للمواطنين.
وتذكر الأوساط أيضا بأن الرئيس عون لم يتوخ إفشال الحراك، بل دعاه إلى الحوار لأنه يؤمن بهذه القيمة الانسانية بامتياز، بدليل أنه ناضل طويلا إلى أن انتزع من الأمم المتحدة الموافقة على جعل لبنان مقرا لأكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"، مبدية استغرابها لكون أي من القيمين على الثورة الشعبية لم يرفع شعارات وطنية، أو كيانية كتلك المطالبة بالدفع في اتجاه عودة اللاجئين السوريين والفلسطينيين قاطعين طريق التوطين، علما أن وجودهم الكثيف قد يكون أحد أسباب الأزمة الاقتصادية التي دفعت الناس للنزول إلى الشارع.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك