عقد "اللقاء النقابي التشاوري" مؤتمرا صحافيا تلا في مستهله رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله بيانا باسم "اللقاء" وجه في بدايته "تحية إكبارٍ إلى شعبنا اللبناني الذي أثبت أصالته وعصيانه على الظل والقهر، وإلى الإعلاميين الذين يواكبون الحراك الوطني ولهم فضل كبير في إيصال الرسالة إلى اللبنانيين والعالم".
وشجب "الجريمة التي ارتكبت بعد ظهر اول أمس في حق المتظاهرين السلميين عند جسر الرينغ وساحتي رياض الصلح والشهداء والتي أدت إلى جرح العديد منهم وإتلاف الخيم تحت حجج واهية وأساليب ميليشيوية ظننا أنها انتهت مع انتهاء حروب الزواريب والحارات. مع ما سبقها من اعتداءات مماثلة في النبطية وصور وكفررمان وبنت جبيل".
وطالب "السلطات الأمنية بحماية ساحات الاعتصام وأماكن التجمعات الشعبية ومنع التعرض للمتظاهرين فيها، والاقتصاص من مرتكبي تلك الجرائم، إلى أي جهة انتموا".
وقال: "منذ أسبوعين، تجاوزت الحركة الشعبية اللبنانية حواجز التفرقة والتقسيم واليأس، وانطلقت تملأ الساحات والشوارع في بيروت وفي كل المناطق. وصدحت أصوات الجماهير بشعارات لطالما رددتها في تحركاتها المختلفة التي اجتاحت البلاد خلال 30 عاما على انتهاء الحرب الأهلية، طلبا لحق العمل والسكن والتعليم والطبابة، وفي وجه الاحتكار والفساد المستشري والصفقات والضرائب والرسوم التي أكلت الأخضر واليابس ولم تترك في جيوب العمال وذوي الدخل المحدود ما يغني عن جوع.
خرجت الجماهير إلى الشوارع، واحتلتها، لأنها وجدت في ذلك الطريقة الديموقراطية الأمثل لإسماع صوتها، بعد تجاهل المسؤولون كل المطالب التي رفعها العمال المصروفون، والشباب العاطلون عن العمل، ومعهم الموظفون والأجراء وقدامى المستأجرين المهددون بأن يرموا في الشارع خدمة لحفنة من الشركات المالية والعقارية. ولا ننسى مطالب الأساتذة والمعلمين والمتعاقدين والمتقاعدين وطلاب الجامعات والتلامذة. والعنف ضد النساء الذي أودى بحياة العشرات منهن، أو مشكلات الاستشفاء والدواء والضمان الاجتماعي، بل وكل الصناديق الضامنة، أو الصرف الكيفي لمئات الكادرات العاملين في مجالات الاعلام وغيرها، أو وجع المزارعين، أو ازدياد أعداد الفقراء الذين هم دون خط الفقر، ومنهم من يعيش بألفي ليرة".
وأضاف: "أما الضرائب غير المباشرة، والرسوم المتصاعدة وغيرها، وخصوصا الضريبة على القيمة المضافة والبنزين وغيرها، فحدث ولا حرج. في وقت تهدر المليارات على الكهرباء، ولا كهرباء، ويهدر مثلها على جمع النفايات بينما النفايات تتكدس على الطرق وتلوث مجاري الأنهر ومياه الشفة والبحر. عدا عن الفضائح المتزايدة في مجالات الاسكان، والتسليف، والاتصالات، والجمعيات والتعاونيات الوهمية، والتلزيمات بالتراضي، وصولا إلى توزيع خيرات البترول قبل البدء باستثماره. كل ذلك أوصلنا إلى الهاوية، بعد سنة ونيف على تجديد الطبقة المسيطرة لنفسها عبر قانون للانتخابات زاد حدة الانقسامات الطائفية والمذهبية وكانت أولى نتائجه تطوير أساليب الزبائنية والمحاصصة وما يستتبع ذلك من توسيع مزاريب الفساد، والدين العام وزيادة التبعية والخضوع أكثر فأكثر لاملاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. تلك الاملاءات التي تجلت بأبشع صورها في مقررات "سيدر 1"، وقبلها في خطة ماكينزي لهيكلة الاقتصاد اللبناني، وبعدهما في تلك الورقة المسماة "إصلاحية" التي صدرت عن مجلس الوزرا، وفي حال تطبيقها ستبيع كل المؤسسات العامة الانتاجية - المسماة تجارية رابحة في الورقة - وتنهي سيادتنا الوطنية، ومعها التحرير الذي عمدناه بدماء الشهداء".
وتابع: "لكل هذه الأسباب مجتمعة، انطلقت انتفاضة شعبنا، معلنة رفضها للسياسات المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية، ومطالبة برحيل الحكومة وبمحاسبة كل الذين تعاقبوا على السلطة منذ 30 عاما، بالافادة من النظام الطائفي وما ولده ويولده من أخطار مع تأكيد الشعب ضرورة التغيير وفق مطالب آنية وطويلة الأمد تطاول كل جوانب الحياة، بدءا بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، وصولا إلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية".
وقال: "لقد حققت الانتفاضة الشعبية أول خطوة على طريق الألف ميل. فاستقالة الحكومة، بالأمس، شكلت الانتصار الأول للشعب، غير أن هذه الخطوة تبقى ناقصة إذا لم نستكمل ما بدأناه، أي إذا لم نستبدل الحكومة المستقيلة بحكومة من نوع آخر. حكومة تؤلف على أساس الكفاية والوطنية والنزاهة ونظافة الكف. حكومة تحدد الهدفين الأولين لها في استرداد المال العام المنهوب ومحاسبة السارقين، ووضع قانون جديد للانتخابات يهدف إلى ضمان صحة التمثيل خارج القيد الطائفي وتحديد انتخابات مبكرة من أجل ذلك.
لذا، يدعو اللقاء النقابي التشاوري، اليوم، كل أطياف الانتفاضة الشعبية ومجموعاتها إلى إعادة تنظيم الأولويات وتظهير الحقوق، عبر برنامج مرحلي قريب ومتوسط الأمد، ومعه بعض الشعارات الاستراتيجية الأساسية، تلتزمه الحكومة العتيدة، التي يجب أن يوافق الشعب على تشكيلتها، على أن تكون خطوطه الأساسية هي التالية:
على المستوى الاقتصادي والمالي:
- تجميد خدمة الدين العام المتوجبة على الدولة لمصلحة المصارف لمدة خمس سنوات.
- استعادة الأموال العامة المنهوبة كافة ومحاكمة ناهبيها. واتخاذ اجراءات سريعة لمنع إخراج الودائع من لبنان.
- رفع السرية المصرفية عن حسابات جميع الوزراء والنواب والمسؤولين بموجب قانون واجراءات تنفيذية.
- وضع خطة لحلول سريعة للكهرباء والمياه والنفايات والنقل العام.
- رفض بيع المرافق العامة للدولة، ووضع خطة لتطوير القطاع العام وإصلاحه، وتجميد كل صفقات الخصخصة ووضع اليد على الصفقات المبرمة سابقا والتدقيق بها .
- رفض السياسات الضريبية المفروضة على الشعب ووضع ضرائب تصاعدية على الودائع المصرفية الكبيرة وعلى أرباح المصارف والشركات العقارية والمالية الكبرى، ووقف كل الاعفاءات الضريبية عن الشركات المالية والعقارية الكبرى.
- استرداد الاملاك العامة البحرية والنهرية والبرية وفرض غرامات عالية وعلى مغتصبيها.
- وقف التهريب من المرافئ البحرية ومن المعابر البرية، ووقف الاحتكارات للمواد الاساسية، استيراد الدولة للقمح والمحروقات والغاز والادوية مباشرة.
- الغاء كل المجالس التي نشأت بعد الحرب الأهلية، وإعادة العمل بوزارة التصميم، وإنشاء وزارة للاسكان تضع خطة لتوفير مساكن للشباب باسعار مدعومة، مع الغاء قانون الايجارات التهجيري.
- تعزيز الانفاق الاجتماعي على التعليم الرسمي، والصحة، والضمان الاجتماعي، وإقرار ضمان الشيخوخة والبطاقة الصحية وغيرها.
- وضع رؤية اقتصادية - اجتماعية جديدة تقوم على تفعيل القطاعات المنتجة من صناعة وزراعة وغيرها، الامر الذي يوفر فرص عمل للشباب اللبناني، وتحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة.
- تصحيح الاجور في القطاع الخاص واقرار السلم المتحرك للاجور واعادة النظر في رسوم الهاتف والكهرباء وغيرها وخفضها مراعاة لمداخيل العمال والفئات الشعبية.
على المستوى السياسي:
- وضع قانون انتخابات وفق النسبية وخارج القيد الطائفي وخفض سن الاقتراع إلى 18 عاما، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، خلال مهلة لا تتجاوز السنة على اساس القانون الجديد.
- بناء استراتيجية شامله لجبه كل الاخطار المحدقة بلبنان واولاها الخطر الصهيوني.
على المستوى الاجراءات القانونية:
- رفع السرية المصرفية عن كل الذين تعاطوا الشأن العام منذ التسعينات والتحقيق الشفاف في مصادر تكوين ثرواتهم.
- رفع الحصانات عن الرؤساء والوزراء والنواب وكبار الموظفين في الدولة، واصدار قانون الاثراء غير المشروع و"من اين لك هذا؟"، مع المراسيم التطبيقية.
- فتح ملفات الفساد والاثراء غير المشروع وتسليمها للجنة تشكل من قضاة مشهود لهم بالكفاية والنزاهة".
وجدد دعوته "على اساس هذا البرنامج المرحلي، النقابات والاتحادات العمالية ونقابات المهن الحرة، والمنظمات الشبابية والنسائية، والمثقفين والاعلاميين، وكل المنظمات ذات المصلحة الحقيقة في التغيير، إلى لقاء قريب لتوحيد المطالب وأشكال التحرك وسبل تفعيل مشاركتنا في الانتفاضة التي يجب ألا نوقفها حتى تحقيق الخطوات الأساسية لوضع وطننا على الطريق السليم".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك