لم تحمل عطلة نهاية الاسبوع اي جديد يذكر سياسياً على خط تأليف الحكومة الجديدة المنتظرة. الكلمة تُركت للشارع في اليومين الماضيين، في خطوة كانت على ما يبدو، مدروسة ومقصودة من قِبل أهل السلطة، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية".
ففي وقت فعلت "الانتفاضة الشعبية" فعلها في المسار العام للامور في البلاد، وبدا ان لها الصوت الأعلى في عملية تشكيل الحكومة العتيدة، وفي تحديد شكلها وطبيعتها ومهمّتها، أراد بعض القوى السياسية شنّ هجوم معاكس، مستخدما ايضا "سلاح" الشارع، لمحاولة فرض نفسه وشروطه من جديد في لعبة التأليف والتكليف.
هذا ما فعله التيار الوطني الحر، تقول المصادر. هو استفاد من عدم دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد الى استشارات نيابية، للتحرك على الارض في تظاهرة ارادها، في الظاهر، داعمة لرئيس الجمهورية والعهد ولرئيسه الوزير جبران باسيل، في وجه الحملة التي يتعرّضون لها.
أما في الباطن، فكانت أغراضها سياسية صرفا. الفريق البرتقالي حشد قواه كاملة، وأنزل قيادييه ومناصريه ومؤيديه من كل المناطق والاعمار والأجناس، الى بعبدا، لعرض "عضلاته الشعبية" امام الرأي العام من جهة، والشركاء في التأليف، من جهة ثانية.
لماذا؟ الرئيس سعد الحريري الاسم الارجح لتولي رئاسة الحكومة العتيدة، يميل الى تركيبة اختصاصيين تكنوقراط خالية من السياسيين، أو في افضل حال، تعتمد مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة، وذلك تلبية لمطالب الشارع الغاضب. وعليه، أراد التيار الوطني إبلاغَ رئيس "المستقبل"، من خلال عراضة الأمس، ان ليس هناك في لبنان شارع واحد، بل اثنان، بدليل الصورة التي ارتسمت على طريق القصر الجمهوري. وبالتالي، لا يمكنه النظر بعين واحدة والاخذ بمطالب فريق واحد من اللبنانيين، بل التوفيق بين ما ينادي به الطرفان. وهنا، مطالب الوطني الحر واضحة: لا بد من تمثيله والقوى السياسية الحليفة في الحكومة العتيدة، ولا يمكن استبعادهم، ولا فرض إخراج أحد أبرز ممثليها، الوزير باسيل، منها.
وللتأكيد على ان "التيار" يريد "تسييل" الحشد الشعبي في سوق التشكيل، أفيد مساء في أعقاب انتهاء تظاهرته، عن لقاء قد يجمع في الساعات القليلة المقبلة الرئيس الحريري الى باسيل، وقد تردد ان حزب الله دخل على خط ترطيب الاجواء بينهما للوصول الى تفاهم يفك أسر التأليف قريبا، وقد بات حاجة ملحة لا سيما للضاحية التي تحتاج في اقرب وقت، مظّلة شرعية لبنانية تقيها الاستهداف الدولي، لن يؤمّنها لها اي طرف، كالرئيس الحريري.
فهل يحصل الاجتماع المرتقب؟ وهل يخرج بنتائج ايجابية وبثمار "حكومية"؟ وهل يقتنع الرئيس الحريري بوجهة نظر باسيل الذي سيتسلح بالعراضة الاخيرة لتحصين موقفه وفرض شروطه؟ لا شيء واضحا حتى الساعة، تقول المصادر، خاصة وان اي تواصل بين ميرنا الشالوحي وبيت الوسط لم يسجل حتى كتابة هذه السطور، في حين أفاد مقربون من بيت الوسط أنّ الحريري لن يستجدي التكليف من أحد وينأى بنفسه عن بازار المساومات.
لكن ما يجدر اخذه في الحسبان، هو ان ثوار 17 تشرين عادوا الى الشارع، ورفضوا اي حكومة "تكنو- سياسية" واصفين اياها بالبدعة. فاذا رضي الحريري بها، هل يرضى المنتفضون؟ المعطيات لا تدل الى ذلك، بل تتقاطع المعلومات على انهم يستعدون للتصعيد في الايام المقبلة وتحركاتهم ستتدرج وصولا الى العصيان المدني لاسقاط المنظومة الحاكمة كلّها.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك