وفق أرقام صندوق النقد الدولي، إذا أراد لبنان الخروج من وضع الدين الحالي، فإن هذا سيتطلب فائضاً مالياً أولياً (وهو الرصيد المالي باستثناء خدمة الدين) بنسبة 5 في المئة سنوياً لمدة 20 عاماً متتالية (المادة 4 من صندوق النقد الدولي، 2019). لكن وللموضوعية، لم يتم تنفيذ خطة التقشف العميقة هذه في أي بلد من قبل، وهي غير واقعية على الإطلاق.
تسوق بعض الجهات الاقتصادية الفاعلة لفكرة أن خفض أسعار الفائدة بشكل مصطنع على الدين العام يمكن أن يخفف من حدة الضغوط المالية الحالية. يسير هذا الاقتراح في الاتجاه الصحيح، ويقلل من الضغوط الفورية على الليرة اللبنانية. ولكن نظراً لأن الاستثمارات العامة والخاصة تتطلب أفقاً للتخطيط لفترة أطول، هناك حاجة أيضاً إلى مزيد من الوضوح حول المستقبل. وبالتالي، يعتقد الخبراء أن التدابير المؤقتة، رغم أنها ضرورية في المستقبل القريب، لم تعد كافية.
يرى الخبراء أنه يجب الآن النظر في تخفيض الديون. يتجاوز الدين العام في لبنان 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن الحد الآمن المعترف به دولياً هو 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. طبعاً يجب أن تكون هذه المرة الأولى والأخيرة التي يلجأ فيها لبنان إلى تخفيض الديون. كما يجب إعادة هيكلة الديون بعناية لتناسب ظروف لبنان المحددة.
تدرك مجموعة الخبراء أن هذا سيؤثر على سمعة البلد كوجهة لتدفقات رأس المال. لذلك يجب عمل كل شيء لتقليل تكاليف السمعة هذه. وتقترح المجموعة اتباع ثلاثة مبادئ تبدأ بخطوة تخفيض الديون، بحيث يجب أن تكون عميقة بدرجة كافية لتولد الاعتقاد بأنها لن تحدث مرة أخرى. أما المبدأ الثاني المهم فيتمحور حول العدالة. فالحل يجب أن يكون منصفاً اجتماعياً ويوزع عبء الخسائر إلى حد ما، عبر حاملي الدين في الداخل والخارج، ويحمل العبء الأكبر لأولئك الذين استفادوا بشكل كبير من مدفوعات الفائدة المرتفعة الماضية. وبالنظر إلى ضخامة الخسائر، سيتعين أن يشمل توزيعها على حاملي الأسهم والديون لدى المصارف، وكذلك بعض المودعين، وبالتحديد أولئك الذين تتجاوز ودائعهم سقوف معينة.
أما المبدأ الثالث فهو ضرورة أن يخرج القطاع المصرفي من الأزمة بصورة أقوى، لأنه يقع في قلب فرص النمو المستقبلية في لبنان. لذلك ستكون هناك حاجة إلى إعادة هيكلة تشغيلية ومالية للقطاع المصرفي، والتي ستكون فرصة للحد من تركيز الملكية.
عن "المدن" بتصرّف
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك