قالها رئيس مجلس النواب نبيه بري «الكتل والنواب حسبما صرحوا كانوا صادقين، لكن جهات أخرى لم تلتزم بما وعدت ورُبّ ضارة نافعة». بما قلّ ودلّ عبّر رئيس المجلس غامزاً من قناة «الجهات الأخرى التي لم تلتزم» ليكون هنا القصد والمراد.
وكأنها عدوى الأزمة الحكومية انتقلت إلى مجلس النواب لتعيد الانقسام عمودياً بين قوى 8 و14 آذار. وبعدما كان التشكيل الحكومي يصطدم بالحائط المسدود سدّت أبواب المجلس النيابي مجدداً. فما حصل أمس قد لا يشجع بري على ضرب مواعيد جديدة للتشريع النيابي، وهو الذي قال يوم أرجأ الجلسة النيابية المرة الماضية «الحملة التي قامت تهدف إلى إبقاء الفراغ السياسي القائم حالياً، وهي ليست من مصلحة مخططي الفراغ».
لكن التطوّر الذي حصل يدلّ إلى أن مخططي الفراغ قد يكونون من الحلفاء الذين لم يوفّر بري فرصة إلا ويعلن دعمه لهم، وهو الذي كرّر مراراً أنه مع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري «ظالماً أو مظلوماً»، وخلال الأزمة المستفحلة حكومياً خرج على الملأ ليقول «قدّمت لبن العصفور للحريري». أما علاقته مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ففيها من القواسم المشتركة ما دفعت بري للقول «لا تتعبوا أنفسكم... لن أتقاتل أنا وجنبلاط»، فيرد الأخير في أكثر من مناسبة قائلاً «إلا نبيه بري».
لكن الحريري كما جنبلاط «طعنا بري في الظهر» بتغييب كتلتيهما النيابيتين عن حضور الجلسة النيابية أمس. حيث اعتبرت مصادر الثامن من آذار أن ما حصل في جلسة انتخاب اللجان وجلسة التشريع البرلمانية «أسقط الإعتبار للعلاقة السياسية مع الرئيس بري وأن خصوصية العلاقة لم تعد بالنسبة اليهم ذات قيمة». ولا تتردّد المصادر في وصف ما حصل بـ»سياسة الغدر التي تحولت الى سمة المرحلة». بسلبية تقرأ هذه القوى المشهد في ساحة النجمة، ولا تتردد مصادرها في القول إن ما شهدناه من عدم اكتمال للنصاب، خصوصاً من قبل الحريري وجنبلاط، كان طعنة خنجر في ظهر بري. هو أقرب إلى انقلاب على بري من الحريري وجنبلاط ليتبيّن من خلاله «أن المشكلة لم تعد مرتبطة حصراً بتشكيل حكومة ولا بخروج جبران باسيل، وليس انقلاباً على رئيس الجمهورية ميشال عون، وإنما على نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة وما أفرزته من توازنات سياسية».
لم يعد الموضوع يحتمل تأويلاً بالنسبة لهذه المصادر، فالمطلوب «شلّ المؤسسات وإسقاطها واحدة تلو الأخرى، بدليل ما حصل داخل مجلس النواب وإلا كان بمقدورهم تقسيم خيارهم الى قسمين وتأمين النصاب لجلسة انتخاب اللجان من دون التشريع». برأيها «الضغوط من الخارج واضحة وانصاعوا لها».
قراءة مبالغ فيها
هذه القراءة مبالغ فيها بالنسبة الى مصادر «الإشتراكي» التي نفت أن يكون التغيّب عن الحضور مقصوداً به توجيه رسالة سلبية للرئيس بري. وفي حقيقة ما حصل وفق ما أكدّت المعلومات أن لقاء لنواب «اللقاء الديموقراطي» عقد قبل يوم من الجلسة، فكان الجو الحزبي وجو الأرض ضاغطاً باتجاه عدم المشاركة في الجلسة، خصوصاً أن الشهيد علاء أبو فخر كان دوّن في صفحته على «فيسبوك»، قبل استشهاده بيومين «لا تحضروا جلسات المجلس قبل الإستشارات النيابية». فضلاً عن ذلك ومن خلال أجواء الحراك على الأرض توافرت معلومات تشير إلى نية التصعيد إذا ما انعقدت الجلسة. لذا وتجنباً لدم جديد إمتنع «الاشتراكي» عن الحضور. وبعد الاجتماع اتصل النواب لطلب زيارة بري فتعذّر الأمر لارتباطات رئيس المجلس، فأبلغوه هاتفياً بالأجواء وتمنوا عليه إرجاء الجلسة. إذاً «ما حصل لم يكن موجهاً ضد بري» من وجهة نظر «الاشتراكي» وإذا كان بري يريد مخرجاً لمسألة اللجان النيابية «فلقد تم الاتفاق على المخرج المناسب قانونياً ودستورياً، وفي المحصلة لا يجب التغاضي عن التغيرات التي حصلت والسير بالأمور وكأن البلد طبيعي».
وغياب سوء النية ينطبق أيضاً على «تيار المستقبل» الذي كان قد أعلن عقب اجتماع كتلته أنه بصدد المشاركة في جلسة انتخاب اللجان لكنه تغيّب عن الحضور أيضاً ما فُسّر هو الآخر بسلبية، واتُهم الحريري بالغدر من خلال الاستقالة أولاً، ثم بالانقلاب على تسمية محمد الصفدي «وفي السياق المراد أخذ البلد إلى الهاوية»، غير أن مصادر «بيت الوسط» جزمت أن النية «كانت فعلاً» للمشاركة بجلسة انتخاب اللجان لولا إقفال المعابر المؤدية الى المجلس فتخلّف النواب عن الحضور «لا شيء سرياً، القرار معلن ولكن مثلما تعذّر على النواب الآخرين من «التيار الوطني» أو كتلة سليمان فرنجية الحضور كذلك تعذّر حضور نواب المستقبل». الخطوة كما تجزم المصادر ليست موجهة ضد بري وليس من المفروض أن تسبب حساسية في العلاقة.
هذه الأجواء تجعل من الصعوبة إمكان توقع حلّ قريب للأزمة، خصوصاً في ظل ما يحكى عن إصرار قوى الثامن من آذار على تسمية الحريري، ويتردد أن موفداً عن هذه القوى زار شخصية سياسية وازنة من الطائفة السنية وأبلغه بوجود أزمة حكومية طويلة، وإن قرار قوى الثامن من آذار هو تسمية الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة رغم كل ما حصل، وإنها لن تكلّف أحداً غيره بالمقابل، إلا بعد أن يقتنع الحريري بتشكيل حكومة تضم سياسيين. سأل المضيف الوفد: لماذا لا تذهبون إلى استشارات ويتم تكليف الحريري ووضعه تحت أمر واقع؟ أجاب: في حال كلفناه سيشكل حكومة وفق ما يتوافق مع مزاجه وقد يضعنا تحت أمر واقع ويقدّمنا للناس على أننا رفضنا الحل، لذا فالقرار اتخذ بأن لا استشارات إلا بعد التوافق على الحكومة، رغم أن تشكيل الحكومة قد لا ينهي الأزمة، إذ يتوقع «حزب الله» استمرار المواجهة مع الأميركيين من خلال الضغط عليه مالياً واقتصادياً.
وكأنها عدوى الأزمة الحكومية انتقلت إلى مجلس النواب لتعيد الانقسام عمودياً بين قوى 8 و14 آذار. وبعدما كان التشكيل الحكومي يصطدم بالحائط المسدود سدّت أبواب المجلس النيابي مجدداً. فما حصل أمس قد لا يشجع بري على ضرب مواعيد جديدة للتشريع النيابي، وهو الذي قال يوم أرجأ الجلسة النيابية المرة الماضية «الحملة التي قامت تهدف إلى إبقاء الفراغ السياسي القائم حالياً، وهي ليست من مصلحة مخططي الفراغ».
لكن التطوّر الذي حصل يدلّ إلى أن مخططي الفراغ قد يكونون من الحلفاء الذين لم يوفّر بري فرصة إلا ويعلن دعمه لهم، وهو الذي كرّر مراراً أنه مع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري «ظالماً أو مظلوماً»، وخلال الأزمة المستفحلة حكومياً خرج على الملأ ليقول «قدّمت لبن العصفور للحريري». أما علاقته مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ففيها من القواسم المشتركة ما دفعت بري للقول «لا تتعبوا أنفسكم... لن أتقاتل أنا وجنبلاط»، فيرد الأخير في أكثر من مناسبة قائلاً «إلا نبيه بري».
لكن الحريري كما جنبلاط «طعنا بري في الظهر» بتغييب كتلتيهما النيابيتين عن حضور الجلسة النيابية أمس. حيث اعتبرت مصادر الثامن من آذار أن ما حصل في جلسة انتخاب اللجان وجلسة التشريع البرلمانية «أسقط الإعتبار للعلاقة السياسية مع الرئيس بري وأن خصوصية العلاقة لم تعد بالنسبة اليهم ذات قيمة». ولا تتردّد المصادر في وصف ما حصل بـ»سياسة الغدر التي تحولت الى سمة المرحلة». بسلبية تقرأ هذه القوى المشهد في ساحة النجمة، ولا تتردد مصادرها في القول إن ما شهدناه من عدم اكتمال للنصاب، خصوصاً من قبل الحريري وجنبلاط، كان طعنة خنجر في ظهر بري. هو أقرب إلى انقلاب على بري من الحريري وجنبلاط ليتبيّن من خلاله «أن المشكلة لم تعد مرتبطة حصراً بتشكيل حكومة ولا بخروج جبران باسيل، وليس انقلاباً على رئيس الجمهورية ميشال عون، وإنما على نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة وما أفرزته من توازنات سياسية».
لم يعد الموضوع يحتمل تأويلاً بالنسبة لهذه المصادر، فالمطلوب «شلّ المؤسسات وإسقاطها واحدة تلو الأخرى، بدليل ما حصل داخل مجلس النواب وإلا كان بمقدورهم تقسيم خيارهم الى قسمين وتأمين النصاب لجلسة انتخاب اللجان من دون التشريع». برأيها «الضغوط من الخارج واضحة وانصاعوا لها».
قراءة مبالغ فيها
هذه القراءة مبالغ فيها بالنسبة الى مصادر «الإشتراكي» التي نفت أن يكون التغيّب عن الحضور مقصوداً به توجيه رسالة سلبية للرئيس بري. وفي حقيقة ما حصل وفق ما أكدّت المعلومات أن لقاء لنواب «اللقاء الديموقراطي» عقد قبل يوم من الجلسة، فكان الجو الحزبي وجو الأرض ضاغطاً باتجاه عدم المشاركة في الجلسة، خصوصاً أن الشهيد علاء أبو فخر كان دوّن في صفحته على «فيسبوك»، قبل استشهاده بيومين «لا تحضروا جلسات المجلس قبل الإستشارات النيابية». فضلاً عن ذلك ومن خلال أجواء الحراك على الأرض توافرت معلومات تشير إلى نية التصعيد إذا ما انعقدت الجلسة. لذا وتجنباً لدم جديد إمتنع «الاشتراكي» عن الحضور. وبعد الاجتماع اتصل النواب لطلب زيارة بري فتعذّر الأمر لارتباطات رئيس المجلس، فأبلغوه هاتفياً بالأجواء وتمنوا عليه إرجاء الجلسة. إذاً «ما حصل لم يكن موجهاً ضد بري» من وجهة نظر «الاشتراكي» وإذا كان بري يريد مخرجاً لمسألة اللجان النيابية «فلقد تم الاتفاق على المخرج المناسب قانونياً ودستورياً، وفي المحصلة لا يجب التغاضي عن التغيرات التي حصلت والسير بالأمور وكأن البلد طبيعي».
وغياب سوء النية ينطبق أيضاً على «تيار المستقبل» الذي كان قد أعلن عقب اجتماع كتلته أنه بصدد المشاركة في جلسة انتخاب اللجان لكنه تغيّب عن الحضور أيضاً ما فُسّر هو الآخر بسلبية، واتُهم الحريري بالغدر من خلال الاستقالة أولاً، ثم بالانقلاب على تسمية محمد الصفدي «وفي السياق المراد أخذ البلد إلى الهاوية»، غير أن مصادر «بيت الوسط» جزمت أن النية «كانت فعلاً» للمشاركة بجلسة انتخاب اللجان لولا إقفال المعابر المؤدية الى المجلس فتخلّف النواب عن الحضور «لا شيء سرياً، القرار معلن ولكن مثلما تعذّر على النواب الآخرين من «التيار الوطني» أو كتلة سليمان فرنجية الحضور كذلك تعذّر حضور نواب المستقبل». الخطوة كما تجزم المصادر ليست موجهة ضد بري وليس من المفروض أن تسبب حساسية في العلاقة.
هذه الأجواء تجعل من الصعوبة إمكان توقع حلّ قريب للأزمة، خصوصاً في ظل ما يحكى عن إصرار قوى الثامن من آذار على تسمية الحريري، ويتردد أن موفداً عن هذه القوى زار شخصية سياسية وازنة من الطائفة السنية وأبلغه بوجود أزمة حكومية طويلة، وإن قرار قوى الثامن من آذار هو تسمية الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة رغم كل ما حصل، وإنها لن تكلّف أحداً غيره بالمقابل، إلا بعد أن يقتنع الحريري بتشكيل حكومة تضم سياسيين. سأل المضيف الوفد: لماذا لا تذهبون إلى استشارات ويتم تكليف الحريري ووضعه تحت أمر واقع؟ أجاب: في حال كلفناه سيشكل حكومة وفق ما يتوافق مع مزاجه وقد يضعنا تحت أمر واقع ويقدّمنا للناس على أننا رفضنا الحل، لذا فالقرار اتخذ بأن لا استشارات إلا بعد التوافق على الحكومة، رغم أن تشكيل الحكومة قد لا ينهي الأزمة، إذ يتوقع «حزب الله» استمرار المواجهة مع الأميركيين من خلال الضغط عليه مالياً واقتصادياً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك