لم يخرج موقف المسؤولين الايرانيين من الانتفاضة الشعبية التي تعمّ مناطق ايرانية عدة منذ اكثر من اسبوع عن سياق الاتّهامات التقليدية لاي حراك في الشارع، فيُربط بمؤامرات خارجية وتدخلات اميركية في محاكاة واضحة لكلام المرشد الايراني علي خامنئي منذ ايام "باننا تصدّينا للمؤامرة في التظاهرات الاخيرة".
وكان سبق الكلام الايراني هذا، مواقف تجاه الانتفاضتين الشعبيتين في كل من لبنان والعراق بانها محاولات لإثارة الفوضى يجب التصدي لها، كما حصل في ساحات ايران قبل ايام نتيجة اعلان الحكومة زيادة اسعار الوقود، حيث قُمعت التظاهرات بقوة ما اسفر عن سقوط مئات القتلى برصاص النظام.
على ان "اللافت" في الموقف الايراني التقلدي من الانتفاضات، اعتبار مستشار الرئيس الايراني حسام الدين آشنا في معرض تعليقه على التظاهرات في ايران، "ان الانتهازيين في الداخل والخارج ارتكبوا خطأ استراتيجيا مرة اخرى، وان إيران ليست العراق ولا لبنان والسفارة الأميركية اغلقت منذ سنوات".
واشارت اوساط من داخل الثورة في لبنان لـ"المركزية" الى "ان التظاهرات في لبنان تختلف من حيث الشكل والجغرافيا عمّا تشهده المدن الايرانية، لان لكل ساحة طبيعتها "وناسها" وهوية نظامها السياسي".
وقالت "في لبنان حرية الرأي والتعبير مُقدّسة في الدستور ولا يُمكن منع اللبنانيين من الاحتجاج في الشوارع تحت اي مسمّى، شرط الا يؤدي الى اعمال عنف وتكسير. كما ان تظاهرات لبنان حضارية وراقية والاهم من ذلك سلمية، اذ لم يتم التعرّض لمن هم ضد التظاهرات او الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة، كما لم تحصل مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الامنية الا في حالات محدودة واماكن معيّنة. وهذا كلّه يدل الى مدى درجة الوعي لدى المتظاهرين السلميين الذين لم يرفعوا الا شعارات بديهية تتمحور جميعها حول التزام مبادئ الدولة اي الالتزام بالدستور والقوانين واحترام عمل المؤسسات الدستورية".
وعلى عكس العراق وايران، حيث مهمة الجيش والقوى الامنية حماية النظام ولو باستخدام العنف، لفتت اوساط الحراك الى ان "عقلية" الاجهزة الامنية والعسكرية في لبنان ليست قمعية تجاه المواطنين حتى لو حصلت بعض "الاستثناءات" في تاريخ التظاهرات. فلا يُعلن قادة هذه الاجهزة الانتصار على العدو اذا اوكلوا وقف تظاهرة معيّنة كما يحصل في ايران والعراق، ولا يعتبرون التظاهرات المطلبية "تحركات امنية" بايعاز من اعداء الوطن او من من الخارج كما هو حاصل في طهران وبغداد، انما يصدرون بيانات متتالية يؤكدون فيها حرصهم على حماية حرية الرأي والتعبير وعدم التعرّض لمن هم خارج التظاهرات".
واوضحت الاوساط "ان الجيش والقوى الامنية في لبنان ليسوا اداة قمعية بيد السلطة بل قوّة لحماية الوطن والمواطن وليس لقمعه كما هي الحال في ايران حيث سقط عشرات بل مئات القتلى والجرحى فضلاً عن اعتقال المئات، كما ان تركيبة النظام في لبنان واللعبة الديموقراطية في تداول السلطة تختلف تماماً عن نظام الملالي القائم في ايران حيث تتركّز السلطة في يد المرشد الاعلى والمؤسسات التابعة له كالحرس الثوري وقوّات الباسدران والباسيج التي تلعب دوراً اساسياً في قمع التظاهرات في ايران".
وختمت اوساط الحراك بالتأكيد "ان لا يمكن لاحد في لبنان وخارجه ان يُسكت الحراك الذي تجلى بأبهى صوره بمناسبة العيد الـ76 للاستقلال امس، فالشعب الذي هو مصدر السلطات كان صاحب العيد و"نجمه" وكانت الاجهزة الامنية في خدمته لتأمين الحماية للعرض المدني الذي اقامه في ساحة الشهداء، في مشاهد تناقض تماماً ما يجري في ايران حيث يُقمع الايرانيون ويُقتلون بواسطة اداة السلطة التابعة مباشرة للمرشد الاعلى".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك