وصف مجلس الأمن الوقت الراهن في لبنان بأنه «حرج»، داعياً إلى تشكيل حكومة جديدة «في وقت ملائم» قادرة على «تلبية تطلعات الشعب اللبناني واستعادة الاستقرار». وطالب بالمحافظة على الطابع السلمي للاحتجاجات «عبر تجنب العنف»، مشيداً بالدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني والقوى الأخرى رغم التحديات التي تواجهها.
وعقد مجلس الأمن جلسة مغلقة استمع فيها إلى إحاطتين من المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش ونائب وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام خالد خياري في شأن أحدث التطورات على الساحة اللبنانية والتقدم المحرز في تطبيق القرار 1701.
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين أن «الجلسة كانت متوازنة إلى حد بعيد، إذ لم يذهب أعضاء بعيداً في مواقفهم من الاحتجاجات التي يشهدها لبنان منذ 17 تشرين الأول الماضي»، ملاحظين «التحديات الجمة التي يواجهها الجيش اللبناني وغيره من القوى الأمنية الأخرى»، علما بأن «المواقف لا تزال على حالها في شأن بعض المسائل الخلافية في المجلس، ومنها طريقة التعامل مع "حزب الله" وأسلحته».
وعلى أثر ذلك، أعلنت رئيسة مجلس الأمن للشهر الجاري المندوبة البريطانية كارين بيرس موقفاً موحداً يمثل الأعضاء الـ15 الذين أشادوا بالدور الذي تضطلع به القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل في «المحافظة على الهدوء على طول الخط الأزرق وتعاونها مع القوات المسلحة اللبنانية بهدف بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية»، مؤكدين على «أهمية أن تتمكن اليونيفيل من الوفاء بتفويضها». ولاحظوا أن «هذا وقت حرج للبنان»، مركزين على «أهمية تشكيل حكومة جديدة في وقت ملائم قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني واستعادة استقرار البلاد في إطار العمل الدستوري». وطالبوا كل الجهات الفاعلة بـ«إجراء حوار وطني مكثف والمحافظة على الطابع السلمي للاحتجاجات عبر تجنب العنف واحترام حق التجمع السلمي والتظاهر». وأشاد أعضاء مجلس الأمن بدور القوات المسلحة اللبنانية وغيرها من المؤسسات الأمنية اللبنانية في حماية هذا الحق، مشددين على «حاجة السلطات اللبنانية إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية ذات مغزى بصورة ملائمة بموجب عملية يملكها ويقودها لبنانيون». وأحاطوا علماً بالتزامات مجموعة الدعم الدولية للبنان وضرورة أن تنفذ السلطات اللبنانية الالتزامات التي قدمت خلال مؤتمر سيدر في روما، داعين المجتمع الدولي، بما في ذلك المنظمات المالية الدولية. وجدد أعضاء المجلس «الدعم القوي لاستقرار لبنان وأمنه وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي طبقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
ورداً على سؤال عن حماية المتظاهرين السلميين، قالت بيرس: «كان هناك الكثير من القلق حول ذلك. ولكن سمعنا من المنسق الخاص الذي كان واضحاً للغاية أن بعض الخطوات الجيدة اتخذت بما في ذلك من القوات المسلحة اللبنانية، ولكن من الحيوي أن تتأكد كل الأطراف أنه لا يوجد عنف مع السماح بمواصلة الاحتجاجات السلمية».
وسئلت عن الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، فأجابت: «ناقشنا مجموعة واسعة من التحديات الأمنية والإنسانية والاقتصادية التي تواجه لبنان هذه اللحظة بالذات»، وقبل انعقاد الجلسة، كتب كوبيش في حسابه على «تويتر» أن «الهجوم من مجموعات ترفع رايات "حزب الله" و"حركة أمل" على المحتجين يظهر مجدداً كم هي خطيرة مثل هذه الممارسات من قبل ناشطين سياسيين» لأنها «يمكن بسهولة أن تسبب مواجهات، حتى طائفية» فضلاً عن أنها «تضيف تحديات أمام قوى الأمن لحماية القانون والنظام». وحض «كل القوى السياسية اللبنانية على ضبط مؤيديها، على تلافي استخدام الاحتجاجات الوطنية لتنفيذ أجندتهم السياسية».
وتحدث كوبيش عما أورده التقرير الأخير للأمين العام أنطونيو غوتيريش في شأن التقدم في تنفيذ القرار 1701، مذكراً بأنه في 17 تشرين الأوّل «انطلقت احتجاجات سلمية واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل، حيث خرجت شريحة عريضة من المجتمع اللبناني للمطالبة بتغيير الحكومة وإجراء إصلاحات عادلة وإقامة حكم رشيد ومساءلة الفاسدين وتحسين إدارة الاقتصاد وإنهاء الوصاية الطائفية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة». ولاحظ أن «الشرارة الأولى التي تسببت في خروج المظاهرات» جاءت من «إعلان فرض ضريبة على الخدمات الهاتفية المجانية المقدمة عن طريق الإنترنت، على ما يبدو». ثم عرض لسياق ما حصل حكومياً وصولاً إلى استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، مشيراً إلى أن المظاهرات تواصلت في كل المناطق اللبنانية «بينما خرج المغتربون اللبنانيون أيضا في مظاهرات حول العالم»، مضيفاً أن «المرأة قامت بدور بارز في الاحتجاجات، بما في ذلك التوسّط بشكل غير رسمي بين قوى الأمن والمتظاهرين، إلى جانب توجيهها جهود التعبئة والحراك السياسيين». ولفت إلى أن مجموعة الدعم الدولية للبنان أصدرت في 19 تموز و13 أيلول بيانا حضت فيه قادة البلد على إصدار خطة شفافة للإصلاح والتحرك بسرعة لاعتماد ما يلزم لانتعاش البلد ونموه اقتصاديا من إصلاحات مالية وهيكلية وقطاعية وإدارية.
وقال غوتيريش في تقريره إنه «يتابع عن كثب» التطورات الجارية في لبنان، داعياً إلى «الحفاظ على الهدوء وضبط النفس». وحض الجهات الفاعلة السياسية على «السعي إلى إيجاد حل سياسي من شأنه الحفاظ على استقرار البلد والاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني»، علاوة على «تجنب العنف واحترام الحق في التجمع السلمي والحق في التعبير».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك