يتّجه مستوردو المُستلزمات والأجهزة الطبية إلى فرض فواتيرهم بالدولار، بعدما رفض مصرف لبنان شمولهم بتعميم «الأدوية»، وتأمين 85% من الاعتمادات بالدولار. يعني ذلك، عملياً، إمّا مزيداً من غلاء الأسعار أو تفاقم أزمة تقنين المستلزمات التي بدأت تطاول بشكل جدّي مرضى غسيل الكلى وصولاً إلى بدء نفاد مخزون أكياس الدم.
منذ أيام، بدأت مستشفيات تقنين جلسات غسيل الكلى لمرضاها عبر خفض عددها من ثلاث جلسات إلى اثنتين أسبوعياً بسبب محدودية الفلاتر المُستخدمة لأجهزة الغسيل، فيما بدأ مخزون أكياس الدم في غالبية المُستشفيات ينفد تدريجياً، بسبب تفاقم تداعيات الأزمة المالية والنقدية على قطاع المستلزمات والأجهزة الطبية.
أمس، رفضت نحو 147 شركة معنية باستيراد الأجهزة والمُستلزمات الطبية قرار المصرف المركزي الذي يقضي بتحويل 50% من اعتماداتها بالليرة إلى الدولار بسعر الصرف الرسمي، على أن تؤمّن الشركات بقية الدولارات من السوق. مع العلم أن هؤلاء المستوردين كانوا قد طالبوا بشملهم مع مُستوردي الدواء (الذين تكفّل مصرف لبنان بتحويل 85% من أموالهم المودعة بالليرة الى الدولار بسعر الصرف الرسمي وفرض عليهم تأمين 15% فقط منها من السوق).
قرار الرفض هذا يعني، عملياً، توجّه المستوردين والتجار إلى الفوترة بالدولار وتحصيل الأموال من المُستشفيات نقداً بالعملة الخضراء، «وهو ما لن تقبله المُستشفيات بسبب العجز المالي الذي تعاني منه حالياً»، بحسب عضو تجمّع مستوردي المُستلزمات والأجهزة الطبية جورج خيّاط. وهو أوضح إلى «الأخبار» أنّ إجراءات منع التحويلات من قبل المصارف بدأت منذ أشهر، وسبقت اندلاع الاحتجاجات المطلبية، «لكنّ الأزمة الآن تتفاقم بشكل متسارع بسبب إلغاء التسهيلات المصرفية واهتزاز سعر الصرف، الأمر الذي يؤدي إلى عرقلة الاستيراد وغلاء الأسعار».
خياط أكّد نفاد جزء كبير من مخزون بعض المُستلزمات «كخيطان الجراحة وبعض الفلاتر والمستلزمات المطلوبة للأجهزة الطبية، والأهم أكياس الدم وفلاتر أجهزة غسيل الكلى»، محذّراً من أن «هناك أزمة صحية جدية وخطيرة ما لم يتم تدارك الأمر، خصوصاً في ظلّ عجز المُستشفيات عن الدفع».
نقيب أصحاب المُستشفيات سليمان هارون، بدوره، لفت في اتصال مع «الأخبار» إلى أن فوترة المُستلزمات بالدولار ستُكبّد المواطنين والجهات الضامنة فرق الأسعار المحددة أساساً في جداول تعتمد على التسعيرة الثابتة للصرف، وهو ما سيُشكّل أزمة فعلية مع تأزم الواقع المالي للمُستشفيات.
بعض المصارف ترفض الالتزام بتعميم مصرف لبنان المتعلّق بتأمين الاعتمادات بالدولارات لمستوردي الأدوية
وكانت وزارة المال حوّلت إلى المُستشفيات منذ نحو أسبوع نحو 75 مليار ليرة من الأموال المتراكمة على الدولة (والبالغة نحو 1200 مليار)، «وهو مبلغ بسيط جداً مقارنة مع التحديات التي نواجهها»، وفق هارون الذي أشار إلى أن جزءاً من مستحقات عام 2018 وكامل مُستحقات عام 2019 لم يُحوّل بعد، لافتاً إلى أن مستشفيات عديدة عمدت أخيراً إلى إقفال أقسام وطبقات من مبانيها نتيجة الأزمة.
وعلى صعيد مُتصل بالقطاع الصحي، وفيما يُناشد مُستوردو المُستلزمات الطبية حالياً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشمول المُستلزمات مع الأدوية واعتبارها من السلع الضرورية، تُفيد معلومات «الأخبار» أنّ مصارف عديدة لم تتقيّد بتعميم سلامة وترفض تحويل أموال مورّدي الأدوية على أساس سعر الصرف الرسمي، «ما يعني أن التعميم لم يتمكن من حماية قطاع الدواء كما كان يزعم الحاكم»، وفق مصادر نقابة مستوردي المُستلزمات الطبية.
المُمرّضات والممرّضون يهدّدون بالإضراب
«الممرضات والممرضون لم يشاركوا المُستشفيات والمؤسسات أرباحها سابقاً، ولا يجوز اليوم أن يُطلب منهم مشاركتهم في خسائرها وتحمّل أعباء لا قوّة لهم على تحمّلها». بهذه الكلمات، ندّدت نقيبة الممرضات والممرضين ميرنا أبي عبدالله ضومط، أمس، بما سمّته «النزف المُتزايد في قطاع التمريض»، مُحذّرةً من اتخاذ النقابة سلسلة تحرّكات احتجاجية تصعيدية من الإضراب التحذيري وصولاً إلى الإضراب المفتوح، في حال لم تتم الاستجابة للمطالب في مهلة لا تتعدّى نهاية الشهر الجاري.
كلام ضومط جاء في مؤتمر صحافي عقدته النقابة تحت عنوان «حقوق الممرضات والممرضين خطّ أحمر»، لإثارة قضية «معاناة التمريض المزمنة» التي تفاقمت مع عدم تقاضي عدد كبير من العاملين في المهنة رواتبهم منذ عدّة أشهر، أو دفع نصف راتب فضلاً عن الاستغناء تعسفياً عن الممرضين والممرضات، بسبب الأزمة المالية التي ترزح تحت عبئها المستشفيات.
وعليه، طالبت النقابة المعنيين (الصناديق الضامنة وإدارات المُستشفيات ووزارة الصحة ووزارة المالية)، بـ«تحمّل مسؤولياتهم كاملةً وعدم تحميلها للممرضات والممرضين واتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الخلل الحاصل والمحافظة على حقوق ورواتب العاملين في التمريض».
وختمت ضومط بالقول إن قطاع التمريض ليس قطاعًا إنتاجيًا، «فهو ليس قطاعًا صناعيًا أو تجاريًا أو سياحيًا أو خدماتيًا يمكن تقليص إنتاجه والتقشّف فيه، بل هو قطاع حياتي حيوي لا صحة من دونه، وبالتالي يقتضي أن تكون حقوقه ورواتبه أولوية على غيره من الاحتياجات».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك