من طرابلس إلى صور مروراً ببعلبك وبكفيا وعين الرمانة - الشيّاح، شهدت شوارع هذه المناطق احتدامات وتوترات بين المواطنين، في محاولة لاطاحة السلمية التي حرص ثوار 17 تشرين الأول على الحفاظ عليها، ذلك عبر وضع بعد الحزبيين في وجه الثوار في الأيام الأخيرة ولا سيما ليل أمس، إذ إن صورة مشابهة تنقلت ما بين مناطق عدة، فهل من احتمال في أن يؤدي سيناريو الفتن المتنقلة إلى حرب اهلية؟
الخبير العسكري نزار عبد القادر رأى عبر "المركزية" أن "مع احتدام الموقف السياسي، كانت هناك تحضيرات لإفتعال شيء ما في الشارع. فليس هناك موقف موحّد ضد العهد والطبقة الحاكمة وحزب الله، لكن هناك فئة معينة بدأت تؤثر على حياة الناس لذلك يجب إخراجها من الشارع".
ولفت إلى أن "يبدو أن هذه الاحتدامات مقصودة لتعزيز انتشار القوى الأمنية ودفعها الى التعامل بطريقة مختلفة كليا مع المنتفضين. حتى الآن، لم نر استخداما للسلاح أو نشهد على عمليات قتل غامضة للقول أن الفتنة على الأبواب. لكن، الظاهر أن هناك محاولات متواصلة لإضعاف الثورة، وبالتالي تعويم القيادات السياسية التي تقف وراء هذه الحركة المضادة من أجل تحسين موقعها وفرض رؤيتها السياسية على الحكومة المقبلة، لذلك فإن ما يحصل ينصب في السياسة أكثر منه في الحرب. لكن الاحتدام واختلاط شارعين يسهل دخول طابور خامس في محاولة لافتعال فتنة"، مؤكدا أن "ما يجري على المستويين الاقتصادي والمالي وعدم حلّه بالسياسة، قد يكون أخطر من تفلت السلاح والبدء بعمليات تهدد الاستقرار والسلم الأهلي".
ووصف الوضع بالخطير، معتبرا أن "استمراره من دون تسهيلات من "حزب الله" الذي يبدو أنه ما يزال مسيطرا على العهد وعملية تشكيل الحكومة، سيجبر المسؤولين على الذهاب باتجاه حكومة اللون الواحد. ومثل هذا النوع من الحكومات، يخلق مخاطر لا تقتصر فقط على الداخل لكنها قد تجر إلى حرب مع اسرائيل يمكنها أن تتطور إلى حرب إقليمية. وكذلك، تؤثر هكذا حكومة على علاقة لبنان بالدول الصديقة التي قد تتخذ موقفا سلبيا منها، فالخليج يقف الآن منتظرا النتيجة التي ستسفر عن الأحداث الجارية، وطبيعة المواقف الأميركية على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والمالية في حال تطور الأمور نحو تشكيل حكومة الخط الواحد وسيطرة حزب الله علنا على السلطة. وستكون لذلك نتائج دراماتيكية تشمل كل المجتمع اللبناني ومستقبل البلد".
أما عن ارتباط ما يحصل محليا بخطة تطبق في العراق وإيران لتغيير الوضع السائد في هذه البلاد، أوضح أن "ما حدث في لبنان جاء نتيجة سوء إدارة الدولة وغيابها كليا في ظل استشراء الفساد منذ عقود. بالتالي، الأسباب الداخلية دفعت باللبنانيين إلى النزول إلى الشارع بشكل عفوي، من دون أن يرتبط ذلك باحتجاجات الساحات الاقليمية، لكن الآن بدأت التطورات المحلية ترتبط بازمات المنطقة والتطلعات الدولية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك