دخلت لعبة الشارع منحى خطيراً جداً، بعدما اتخذ "حزب الله" وحركة "أمل" القرار بضرب الثورة عبر وضع شارع في مقابل شارع، ظنّاً منهما أن هذه الطريقة ستقضي على مطالب الشعب.
يبدو أن الحلّ السياسي لا يزال بعيد المنال، إذ إن القضية لم تعد تتركّز فقط على تسمية رئيس حكومة جديد بعد إعلان الرئيس المستقيل سعد الحريري عدم نيّته في العودة مجدداً، بل إن الأمور تتعلّق بشكل الحكومة المقبلة، وسط إصرار الثنائي الشيعي و"التيار الوطني الحر" على حكومة تكنو - سياسية.
وتُبدي بعبدا تأييدها لهذا المطلب، إذ إنها تعتبر أن حكومة إختصاصيين "صرف" غير قادرة على مواجهة التحديات لوحدها، بل المطلوب مزيج من السياسة والتكنوقراط، وهذا الأمر لا يرضى عنه تيار "المستقبل". ووسط الخوف من لعبة الشارع، فإن أجواء بعبدا تؤكّد التمسّك بحكومة يتمثّل فيها الجميع ومن ضمنهم "المستقبل" وحزبا "القوات اللبنانية" و"التقدّمي الإشتراكي"، ويجب ألّا يتمّ إستثناء أحد.
وأظهرت الأيام الماضية أن "حزب الله" و"أمل" ماضيان في سياسة ترهيب الثورة، وظهر ذلك جلياً عبر هجومهما على جسر الرينغ ومونو، ومن ثمّ محاولتهما دخول عين الرمانة ما أعاد إلى الأذهان مشهد خطوط التماس القديمة.
وتبدو قيادة "القوات" متنبّهة للرسائل الأمنية، حيث تعتبر في معرض تعليقها على أحداث عين الرمانة أن "هناك بيئة وأناساً موجودون، ففي عين الرمانة لا لزوم لأن تطلب القوات من الناس النزول، فهذه منطقتهم وهي مكتظة بالسكان ولم يحدث صدام بين الحزب والأهالي أثناء غزوة مونو لأنها منطقة مطاعم، فلو دخلوا مثلاً إلى الأحياء السكنية في الأشرفية لكانوا تصادموا مع الأهالي، وشباب عين الرمانة على الأرض ومعروف لون المنطقة وخلفيتها السياسية وتوجّهها، ولا يقبل أبناؤها أن يستفزّهم أحد أو ينتهك أعراضهم أو يدخل منطقتهم لتخريبها".
في المقابل ترى "القوات" أن "الشباب في عين الرمانة واعون تماماً لأهداف حزب الله والتيار الوطني الحر اللذين يريدان تحويل الإشكال الى تقليدي، أي بين الحزب والقوات، أو بين القوات والتيار الوطني، لكن مشكلتهم الحقيقية هي مع كل الشعب اللبناني الذي انتفض على الأسلوب الخاطئ لحكمهم".
ووسط المخاوف من إنجرار "القوات" إلى إشكالات مسلّحة مع "الحزب" خصوصاً في مناطق التماس مثل عين الرمانة - الشياح، تؤكد القيادة القواتية "أننا لن نمنح حزب الله فرصة إشتباك كلاسيكي تقليدي معنا من أجل ضرب الثورة، لأننا نعتبر أن مشكلته ومشكلة حلفائه هي مع كل الشعب ونعرف خلفيتهم بأنهم يريدون جرّنا الى إشكال حزبي لحرف الأنظار عن مشكلتهم مع كل الشعب وهذا الأمر لن يحصل، فهم انكشفوا أمام الرأي العام وظهر جلياً كيف يتصرّفون في الشارع ويهجمون على المتظاهرين العزّل".
وتؤكّد "القوات" أن "القوى الأمنية تقوم بدورها وهناك سكان في المنطقة، وإذا صودف أن 80 في المئة من السكان قوات ويدافعون عن أحيائهم فهذا أمر طبيعي، فالأهالي يتصدّون لغزوات تطاول منطقتهم ليس بتعميم حزبي قواتي". وتلفت إلى أن "حل الأزمة يكون بالسياسة والإلتزام بمطالب الناس، وموقف الحزب من التكليف مرهون بطبيعة التأليف. ولن نكلّف إلا الشخصية التي تؤلّف حكومة إختصاصيين مستقلّة، فموقفنا غير قابل للتغيير والتبديل وهو يستند إلى تعهّد من الرئيس المكلّف بتلبية مطالب الناس بحكومة إختصاصيين لأنها وحدها القادرة على إنقاذ الوضع ووقف مسلسل الإنهيار. أما بالنسبة إلى مشاركتنا، فموقف القوات محسوم، لن نشارك في حكومة تكنو - سياسية، والمشاركة تكون بوضع فيتوات على بعض الأسماء غير الممثلة لتطلعات الناس ولا بد من عدم التذاكي باختيار مستشارين والقول إنهم تكنوقراط".
وتجزم "القوات" بأن حكومة تكنو - سياسية لن تمر لأنها لن تشارك فيها ومثلها "الإشتراكي" و"المستقبل" لن يشاركا، وإذا قرّر الحريري عدم المشاركة في تسمية الرئيس المكلّف فسيكون من تكلّفه قوى "8 آذار" والعهد لا يملك شرعية سنية، وإذا قرّر الحريري أيضاً عدم المشاركة في الحكومة فستكون حكومة لون واحد والناس سترفضها، ولن تحصل على ثقة الداخل والخارج".
ولا تُبدي "القوات" إرتياحها لتمسّك "حزب الله" بمشاركة الحريري، لأنها تعتبر أن ما يريده "حزب الله" وحلفاؤه ليس مهمّاً، فهم مع عودة الحريري بشروطهم وليس بشروط البلد، فشروط البلد تحكم بأن تكون حكومة إختصاصيين، وبالتالي لن يحصل "حزب العهد" وحلفاؤه "على غطاء جعجع والحريري وجنبلاط، ولن يُخيفونا باستعمال فوضى الشارع والتهديد، فليشكّل "حزب الله" حكومة لون واحد وليحكم إذا كان قادراً على ذلك".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك