ما زالت أصداء اللقاء التلفزيوني الذي أجراه الأمير أندرو ثاني أبناء الملكة إليزابيث مع محطة «بي بي سي» الأسبوع الماضي تدوي في جنبات قصر باكنغهام، ومع الانتقادات المتصاعدة لشخصية أندرو اضطرت العائلة إلى إجراء تحركات سريعة لمحاولة تخفيف الأضرار التي لحقت بسمعتها. وكان الأمير أندرو قد وافق، بناء على نصيحة ابنته الأميرة بياتريس، بحسب صحيفة «الصن»، على إجراء مقابلة مع «بي بي سي» لشرح علاقته برجل المال الأميركي الراحل والمدان بالتحرش الجنسي، جيفري إبستاين. لكن النتيجة لم تحقق المأمول منها، وهو تهدئة الانتقادات التي طالت الأمير منذ القبض على إبستاين، والاتهامات من سيدة أميركية بأنها كانت على علاقة حميمية معه، وهي في السابعة عشرة من العمر.
ويبدو أن «المقابلة الكارثية»، حسب ما وصفها رجل علاقات عامة بارز، قد خلقت وضعاً جديداً في العائلة الملكية، حيث تصدى الأمير تشارلز ولي العهد لأخيه، وأصرّ على إقصاء أندرو عن مهامه الملكية. وحسب عدد من الصحف البريطانية التي نقلت عن مصادر في البلاط الملكي، فقد راقب تشارلز، الذي كان في رحلة لنيوزيلندا، تطور الموقف بعد إذاعة المقابلة، ومع اشتداد الهجوم والانتقاد لأندرو بادر تشارلز بأخذ الأمور بيده، وأجرى اتصالاً هاتفياً مع والدته الملكة إليزابيث، قائلاً لها بحسم إن «أندرو يجب أن يذهب، هذا هو الاختيار الوحيد». وحسب المصادر، فقد تقبلت الملكة ذلك بهدوء. وقال تشارلز لمسؤولي القصر إنه متفق مع الملكة على إقصاء أندرو، مضيفاً: «يجب أن نفعل ذلك». وعلّق مصدر مقرب من العائلة لـ«الصن»: «أدرك تشارلز حساسية الأمر وتصرف بحسم، كملك قادم. كانت تلك هي اللحظة التي بدأ في لعب دوره كأمير ووصي على العرش».
ويرى كثير من المراقبين أن الملكة (91 عاماً) والأمير فيليب (98 عاماً) وصلا لمرحلة عمرية متقدمة، وأن الأمر يحتاج لمن يلعب دوراً حاسماً في إدارة أمور العائلة المالكة، التي تعرف في بريطانيا باسم «ذا فيرم» أو المؤسسة. وحسب روايات المصادر في البلاط الملكي، فالأمير فيليب كان معروفاً بحزمه مع أفراد العائلة حتى لا يخطئ أحدهم أو يسيء لسمعة العائلة، فصورة سلالة «ويندسور» كانت هي العامل الأهم في كل الأحوال. وهذا ما أكده الأمير تشارلز حين تدخل بحسم لإبعاد الأمير أندرو عن الحياة العامة، رغم أنه الابن الأثير لدى الملكة، لكن مصلحة «المؤسسة» لها الغلبة في كل الحالات.
وبالفعل استدعت الملكة ابنها الأوسط لقصر باكنغهام حيث أبلغته القرار، وبعد ذلك تواترت أنباء عن إيقاف مخصصات الأمير المالية، التي تصل إلى 249 ألف جنيه إسترليني في العام، وإغلاق مكتبه الخاص في القصر، واستبدلت الملكة ذلك براتب شهري من مالها الخاص.
اقتراب تقاعد الملكة
يبدو أن إقصاء ابنها المفضل سيكون القرار الحاسم الأخير للملكة، بصفتها الملكية، وهو ما فتح الباب للتكهنات، وأيضاً التسريبات من داخل القصر أن الملكة ستترك إدارة أمور العائلة لولي عهدها تشارلز، لتتقاعد مثل زوجها الأمير فيليب، وبهذا يصبح تشارلز وصياً على العرش، وهو وضع بدأ منذ فترة، حيث إن الملكة بعد بلوغها التسعين بدأت في توزيع كثير من مهامها الرسمية على عائلتها، وأولهم الأمير تشارلز الذي أنابته عنها في مهام رسمية، كان آخرها حضور مراسم وضع إكليل الزهور على التابوت التذكاري لضحايا الحرب للمرة الثانية، وكان ذلك أول ما قام به في العام الماضي بعد أشهر قليلة من تقاعد والده الأمير فيليب من منصبه، ومؤخراً جاء دور تشارلز المحوري في إقصاء الأمير أندرو ليصبح الأمر أوضح.
وحسب عدد من التقارير الإخبارية الصادرة أمس، فيبدو أن الملكة ستنتهز فرصة عيد ميلادها الـ95 للانسحاب الكامل من الحياة العامة مثلما فعل الأمير فيليب قبلها. وحسب ما قال مصدر في القصر لصحيفة «الصن»، فالترتيبات لاعتلاء الأمير تشارلز العرش «بدأت منذ فترة، وعملية الانتقال تحدث فعلياً الآن. فالملكة في التسعينات من عمرها ولا تستطيع القيام بكثير من الأعباء».
وقال أحد العاملين النافذين السابقين في القصر الملكي لصحيفة «إكسبرس»: «الملكة تدرك جيداً سنها المتقدمة، وتريد أن تتأكد أنه عندما يحين الوقت أن الانتقال في الحكم سيكون سلساً»، وأضاف: «حسب ما فهمت فقد فكرت الملكة في ذلك الأمر كثيراً ووصلت إلى قناعة أنه إذا كانت ما تزال على قيد الحياة لدى بلوغها الـ95 فستفكر جدياً في التخلي عن العرش لتشارلز». وهو ما ذكرته أيضاً صحيفة «الصن» التي نقلت عن مصادر بالقصر، أحاديث متجددة عن تقاعد الملكة عند بلوغها 95 عاماً.
خطة لتقليص المؤسسة
من المتوقع أن يستخدم الأمير تشارلز نفوذه الجديد لتقليص هيكل العائلة، وهو ما قد يمثل خيبة أمل لأندرو وابنتيه بياتريس ويوجيني، لكن من المحتمل أيضاً أن يجذب تشارلز الأمير هاري وميغان، اللذين يواجهان كثيراً من المتاعب مع الصحافة حالياً، لدائرة العائلة مرة أخرى، بعد عودتهما من العطلة التي يقضيانها حالياً.
ويرى المقربون أيضاً تطوراً في دور الأمير ويليام، الذي أصبح فعالاً في العائلة، وهو ما ظهر أخيراً في مشكلة الأمير أندرو، حيث كان تشارلز يستشير ابنه الأكبر بشكل كبير، ويعتمد على نصائحه. وقال مصدر في القصر، مؤكداً ذلك: «تحدث تشارلز مع ويليام، فهما يعرفان ما الذي يجب فعله بالنسبة لمستقبل العرش».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك