بدأت بوادر التدخّل الخارجي بالظهور على مستوى إيجاد "طرف خيط" لكسر الجمود الداخلي، نتيجة ثبات كلّ فريق على موقفه.
وقد تبلورت صيغة، تحدثت عنها مصادر دبلوماسيّة، عن إبلاغ حزب الله مراجع عامة، قبوله بتشكيل حكومة "تكنو-سياسية" برئاسة سعد الحريري، إنما بدون تمثيل الوزير جبران باسيل شخصيّاً فيها، وهذا الامر رفضه رئيس الجمهوريّة وباسيل، بشكل قاطع.
فماذا في خلفيّة هذا التطوّر؟
يبدو أنّ محادثات مكوكيّة جرت بين عواصم قرار عدّة، أفضت الى قبول حزب الله بتشكيل حكومة "تكنو-سياسيّة" برئاسة الحريري، من دون أن تضمّ باسيل. وكُلّف الجانب الفرنسي بحمل هذه الصيغة النهائيّة وتسويقها، وبالدرجة الاولى إقناع باسيل بها، وزيارة السفير الفرنسي الى الخارجيّة اللبنانيّة هي لهذه الغاية.
أما فيما لَوْ، وهذا الارجح، جدّد باسيل رفضه لاستبعاده عن أيّ صيغة حكوميّة عتيدة، فإنّ "طبّاخي الصيغة" سيتوجّهون صوب إقناع الحريري بترؤس هذه الحكومة (تكنو-سياسيّة بدون باسيل)، مع دخوله لاحقاً -أي الحريري- على خط إقناع العهد بذلك.
وحزب الله متمسك بترؤس الحريري لهذه الصيغة الحكوميّة، اعترافاً منه بدور الحريري في تأمين ضمانات للحزب خصوصاً لناحية حذف ملف سلاحه من اي محادثات دولية أو خلافات داخليّة، والحريري -بنظر الحزب- هو الوحيد القادر على تأمين هذه الضمانات.
بدوره، تبدو فرص قبول الحريري بهذه الصيغة، غير معدومة، إنما غير سهلة.
في المحصلة، نحن امام ثلاثة خيارات حكومية:
1، حكومة تكنوسياسيّة برئاسة الحريري وبدون باسيل.
2، حكومة تكنوسياسيّة بدون الحريري وبدون باسيل.
3، حكومة تكنوقراط برئاسة الحريري وبدون باسيل، مع إعطاء الحزب والعهد "حق الفيتو" على الاسماء المقترحة.
وفي كلّ الاحوال، يبدو أنّ حزب الله لم يمانع في التخلّي عن حليفه المسيحي في "تفاهم مار مخايل"، طالما أنّ هذا التخلي سيؤمّن له -اي حزب الله- المزيد من الضمانات والحصانات واستمراريّة الحضور بفعاليّة.
وقد تكون هذه أولى إشارات تصدّع هذا التفاهم، خصوصاً وأنّ الفريق المسيحي فيه قد استنفد كلّ رصيد هذا التفاهم، على أكثر من صعيد.
إشارة، أمام هذه المشهديّة، الى موقف كلّ من رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حيث يتمسّك الاول بحكومة تكنوقراط بغيابه وتكون برئاسة الحريري، بينما الثاني يبقى خياره الحريري أيضاً بغض النظر عن شكل الحكومة.
قد تحمل الساعات المقبلة بعض الإشارات من هنا أو من هناك، وعلى ضوء ذلك، إمّا تتبلور إحدى هذه الصيغ، وإما ستمتدّ الازمة زمنيّاً أكثر فأكثر، مع تداعيات سياسيّة خانقة أكثر، وتدهور اقتصادي ومالي كبير، قد يلامس الانهيار التام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك