سنبلغ، في الأسبوع المقبل، اليوم الخمسين على انطلاق أحداث ١٧ تشرين الأول. اعذرونا، لن نسمّيها ثورة.
لو كانت ثورة لما كان الثوّار ينتظرون، منذ أسابيع، الدعوة الى الاستشارات النيابيّة وكأنّ البلد يتحمّل ترف الانتظار.
لو كانت ثورة لكان اجتاح الثوّار القصور والمقرات الرسميّة التي شهدت، منذ انتهاء الحرب وحتى اليوم، عقد الصفقات المشبوهة التي أوصلتنا الى ما نحن عليه وكدّست ثروات الكثير من المسؤولين المشبوهة.
لو كانت ثورة لكنّا شهدنا تعليق مشانق في ساحة الشهداء لمن قتلوا أحلامنا في هذا الوطن، ولمن هجّروا كلّ شابٍ وشابّة بعيداً عن أمهاتهم وآبائهم بحثاً عن أملٍ ولقمة عيش.
لو كانت ثورة لكان هتف الثوّار بوجه من اجتمعوا أمس في قصر بعبدا لبحث أمور انهيارنا المالي، وقد تسبّبوا به، مع آخرين امتنعوا عن الحضور.
لو كانت ثورة لما كانت فُتحت طريق قبل سقوط هذه السلطة الفاسدة التي تشكّل امتداداً لسلطات فاسدة أخرى حكمت لبنان وتحكّمت بشعبه وأفسدت بعضه.
لو كانت ثورة لكانت سألت بعض القضاة والضبّاط من أصحاب الثروات، من أين جنيتم هذا المال كلّه؟ ومن أعطاكم الحقّ بتركيب الملفات لهذا وذاك؟ ومن منحكم الإذن بالتغاضي عن الضرب والتعذيب الذي يمارس أثناء التحقيقات؟
لو كانت ثورة لكان الثوّار حرقوا قلوب بعض المسؤولين، كما حرق هؤلاء قلوب أمّهات خسروا أولادهم في خلافاتٍ وإشكالات بسببهم.
لو كانت ثورة لكانت حاسبت الزعماء الذين يملكون حصصاً في شركات الاحتكارات، ويحتكرون المناطق والناس، وبعضهم يدّعي اليوم دعم الثورة التي يفترض أن تستهدفهم.
لو كانت ثورة لكانت حاسبت النقباء الفاسدين الذين يتلاعبون بمصالح الناس، إما خدمةً لمصالحهم الشخصيّة أو لمصالح السياسيّين الذين يحمونهم.
لو كانت ثورة لكانت عاقبت من منع استيراد المحروقات عبر مناقصة منذ عقود، ومن منع تأمين الكهرباء وتسبّب بهدرٍ مخيف منذ عقود، ومن وزّع التعهدات والتلزيمات على جماعته، ومن احتاج لسنواتٍ لتأهيل نفق يحتاج في دولةٍ أخرى لأسابيع.
لو كانت ثورة لكانت أخرجت من الإدارات والوزارات من وُظّفوا من دون حاجة وتسبّبوا بهدرٍ كبير، ومن لا يقوم بوظيفته إلا بعد تلقّي رشوة.
لو كانت ثورة لكانت حاسبت الهيئات الرقابيّة على كلّ تقصير، وحاسبت السياسيّين على كلّ تدخّل في شؤونها.
اعذرونا، هذه ليست ثورة. ومن يتحكّمون بأمورنا ليسوا أبداً رجال دولة. لن نصفهم بما يليق بهم. نترك التوصيف، والشتم، للقرّاء... "خدوا راحتكن".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك