ألقى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي كلمة خلال اجتماع الدورة الأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب، المنعقد في تونس. وأكد مولوي في كلمته أن حضور لبنان العربي والتزامه بالشرعيّة العربيّة لا يكون إلّا بقيام دولةٍ شرعيّةٍ في لبنان، مشدّداً على عدم التخلي عن الايمان بالدولة.
وجاء في كلمة مولوي:
"كرم الإستقبال وحفاوته ليس غريباً عن دولة تونس الشقيقة، كما كل اجتماع، أغرقنا بضيافةٍ إستثنائية في إطار تنظيمي متقن، فلا بد من تقديم أسمى آيات الشكر لتونس الشقيقة، وعلى رأسها الرئيس قيس سعيد والوزير توفيق شرف الدين، دائمةٌ هي الروابط التي تجمعنا، روابط الدم واللغة والدين، مغروسةٌ في ثقافتنا وعاداتنتا وتقاليدنا، هي رفيقة الزمن، وليدة وحدة المصير ونهائيّة الإنتماء.
يُدرك اللبنانيّون، كلَ اللبنانيين أن لا خلاص لبلدهم إلا ببركة العروبة المكرسة بدستورية الإنتماء إليها، يجاهرون بعاطفة الأخوة ويتمسكون بنبذ مسيّرات الفتنة وأبواق الفرقة. فمحاولةٌ بائسةٌ من هنا ومؤتمرٌ سخيفٌ من هناك لا يعدو سوى خيبةٍ وفشل.
لقد لفَّ نور أيادي الخير العربية أحياء بيروت وسفوح الجبل وسهل البقاع وعكار وفيحاء الشمال وقرى الجنوب منذ نشأة كياننا، لم تتركنا في محنةٍ، ولم تحرمنا دعماً، فاستثمرت صناديق الخير في ربوع الوطن ورفعته من نوائبه، فكانت لنا نعمةً ونجدةً لن تنساها ضمائر الصادقين ولا أحجار البنيان.
إن اللبنانيّين لم ولن يختاروا سوى الشرعية التي تقوم على نهائيّة الوطن وحتميّة العروبة رغم محاولات التشويش الخائبة التي تدحضها في كل لحظةٍ لهفاتُ اللبنانيّين الطامحين لتكريس المعادلات الثابتة في دستورنا حول الإلتزام القاطع بالمصلحة العربية المشتركة.
من موقعي كوزير للداخلية والبلديات في الجمهورية اللبنانية، عملت بجهد لمنع محاولات جر لبنان إلى حيث لا يطمح أبناؤه، سواء عبر منع أي تعد لفظي أو فعلي على الدول العربية أو عبر مكافحة الإرهاب وضبط محاولات تهريب المخدرات إلى خارج لبنان.
بالفعل، خلال العام 2022، ضبطت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أكثر من ثماني خلايا إرهابيّة كانت تخطّط للقيام بعمليّات داخل أو خارج الأراضي اللبنانيّة بعمليّات استباقيّة، إضافةً إلى عدد من الموقوفين الذين يعملون على نشر الفكر الإرهابي وقد جنبت هذه العمليّات البلاد وابلاً من الشرِّ والبلاء،
وقامت كذلك الأجهزة الأمنيّة خلال العام المنصرم بـ1041عملية ضبط مخدرات تم خلالها توقيف 1512 موقوفاً ومصادرة أكثر من خمسة عشر مليون حبة كبتاغون وستة ألاف كيلوغرام من الحشيشة وغيرها من السلائف، مانعةً بذلك تصدير قسم من المضبوطات التي تصنّع من قبل أيادي الشر من خارج الحدود إلى دول العالم ومنها بلداننا العربية.
ورغم إضراب الموظفين الذي عمّ المناطق اللبنانيّة خلال الأزمة الإقتصاديّة والمالية غير المسبوقة التي تمر ببلدنا، وحدهم عناصر الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة لم يتخلَوا يوماً عن مهامهم، لم يتركوا المواطن، بل لبّوه ولو في أحلك ظروفهم المادية والمعيشيّة، إذ إن العملة الوطنيّة قد فقدت أكثر من 95 في المئة من قيمتها.
يغادر عناصر الأجهزة الأمنيّة منازلهم لتلبية خدمة الواجب، يودعون عائلاتهم وأحبابهم، يقفون سدّاً منيعاً بوجه الفوضى والجريمة، يقومون بمداهمة أوكار الإرهاب ومصانع حبوب الموت، دون تردّدٍ أو خوف، يعلمون أنّهم قد لا يجدون مستشفى تعالجهم إذا أصيبوا أثناء مداهماتهم وخدمتهم، لكنّ ذلك لا يكبحُ عزيمةً ولا يوقف إقداماً.
لقد علمتني "خدمتي" في وزارة الداخليّة والبلديّات أن ولاء هؤلاء الأبطال مدرسة وأن تضحياتهم هو فعل إيمانٍ تلقائي لا يدخل في حسابات ربحٍ أو خسارة، ايمانٍ بأن بذل الدماءِ لأجل أمن الوطن هو شرف لا تحول دونه حاجةٌ. والحق أن الوضع الأمني في لبنان جيد في ظل الظروف الماليّة المتردية ووجود أكثر من ثلث سكّانه من النازحين واللاجئين من دول المحيط.
فلتعلموا إخواني أن أهم ما يؤمن استمراريّة الدولة وثقة المواطن في لبنان، هم هؤلاء الأبطال الذين ما انفكّوا يقدمون الشهداء لا سيّما في عمليّات مكافحة الإرهاب وضبط المخدرات.
أطلق أمامكم اليوم نداءً حملتني إيّاه تضحيات هؤلاء الأبطال، ودفعني إليه عجز الدولة التي تتكئ على انجازاتهم، وترتكز على بطولاتهم، وتفتخر بإنجازاتهم، نداء مؤازرةٍ ودعم لمن يحمي لبنانكم ويدعم شرعيّته، فكلّما كانت الأجهزة الأمنيّة قويّةً منيعةً كلما ضعف الخارجون عن القانون وكلما وهنت مشاريع الشر ومحاولات الدويلات التي لا تشبه البلد. أدعوكم أن تلتقطوا هذا النداء لتلبوا حاجات هذه المؤسّسات من صحيّة ولوجستيّة واجتماعيّة. فبدعمكم تقوى الدولة، دولة الدستور التي قامت على نهائية الكيان وعروبة الإنتماء. ولا بد من شكركم وشكر سعادة الأمين العام على وضع بند مساعدة الأجهزة الأمنيّة على رأس جدول أعمال الإجتماع، كما أشكر أصحاب السمو والمعالي الدين أبدوا ثقتهم واستعدادهم للمساعدة.
وحضور لبنان العربي والتزامه بالشرعيّة العربيّة لا يكون إلّا بقيام دولةٍ شرعيّةٍ في لبنان، دولةٍ نتمسّك فيها بالشرعيّة، فقط بالشرعيّة، ونؤمِن بها وبمؤسّساتها الشرعيّة كافة، عسكريّة ومدنيّة، هذا ما نؤمن به، وهذا ما نعمل على تحقيقه، ونحن مصرّون ومصمّمون على ذلك، وكما قلت سابقاً، لا مشروعيّة خارج الشرعيّة.
لن نقبل بالخروج عن الشرعيّة. لن نتخلّى عن إيماننا بالدولة ونرفض تظهير أي منطقة في لبنان على أنها صورةٌ خارجةٌ عن إطار الدولة. نستنكر كلَّ تعرّضٍ لما هو شرعي، ولا سيّما الشرعيّتين العربيّة والدوليّة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك