عقدت جامعة الروح القدس - الكسليك طاولة مستديرة بعنوان: "احتضان الإنصاف للجميع"، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، نظّمتها كليّة إدارة الأعمال في الجامعة، وتحدثت فيها مجموعة من النساء الرائدات اللواتي سطّرن قصص نجاح في شتّى المجالات، تشاركن مع الحضور مسيراتهن التعليمية والمهنية، فضلًا عن التحديات التي واجهنها للوصول إلى ما هنّ عليه اليوم.
أدارت الطاولة المستديرة رئيسة قسم التعليم التنفيذي في الكلية الدكتورة مادونا سلامة أيانيان معتبرةً أنّ "مهمة الكلية تكبر يومًا عن يوم وتحدياتنا تتنوّع أكثر فأكثر إلاّ أنّ قيمنا تبقى هي هي. إذ نسعى دائمًا إلى تعزيز ثقافة الانفتاح والأصالة وترسيخها مع مراعاة مصلحة الفرد من أجل مصلحة المجتمع ككل. ولا يمكن تحقيق ذلك إلاّ من خلال تبنّي التنوع والشمولية والعدالة في ممارساتنا. وبالنسبة إلينا، كنساء، إنّ يوم المرأة العالمي ليس مجرد حدث سنوي، بل هو مناسبة لتذكير كل امرأة منّا للتوقف والاعتراف والاحتفال بما هي عليه. لذا، نختار هذا اليوم لنحتفل ولنفتخر بكل امرأة، أكانت ربّة منزل، أمًا، مديرة تنفيذية، رائدة أعمال أو طالبة. وإننا على يقين بأنه لكل امرأة رحلة مختلفة عن الأخرى، ولكنها تبقى ملهمة للآخر بطريقتها الخاصة".
بدايةً، كانت كلمة افتتاحية لعميدة الكليّة المنظمة الدكتورة دانيال خليفة فريحة، وقالت: "صحيحٌ أنّ عالمنا اليوم يختلف عن ذلك الذي اختبره آباؤنا وأجدادنا، بحيث كانت الخيارات المهنية للمرأة جدّ محدودة. ومع ذلك، لا تزال المرأة لا تصل إلى قمة المهن سواء في لبنان أو أي مكان في العالم، والأمثلة على ذلك كثيرة... وبالرغم من أنّ الدستور اللبناني ينص على المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات إلاّ أنّ ذلك يبقى حبرًا على ورق حيث أنّ المرأة اللبنانية بعيدة كل البعد عن التمتّع بالحقوق نفسها مثل الرجل والأمثلة على ذلك كثيرة أيضًا..." وأضافت: "أنا على يقين بأنه يستحيل تحقيق المساواة إذا لم تتولَّ المرأة أدوارًا قيادية على مختلف المستويات وفي شتّى مجالات الحياة. وبالرغم من التناقضات الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها في وطننا، أثبتت المرأة اللبنانية قدرتها، فهي امرأة متعلمة وذكية ومهتمة وجريئة بما يكفي لتمهّد الطريق أمام الآخرين ليحذوا حذوها. وختامًا، توجّهت إلى كل فتاة وامرأة بالقول: "آمني بنفسك، فأنتِ قائدة حركة التغيير لتبني المساواة في لبنان. أما للرجال فأقول: "لنعانق بعضنا بعضًا لأنه عندئذٍ سنستطيع أن نحرك الجبال".
ثم كانت مداخلة لمنتجة ومقدّمة برنامج "تحقيق" منذ أكثر من 15 سنة على قناة الـ MTV كلود أبو ناضر هندي ذكرت فيها مختلف مراحل حياتها العائلية والأكاديمية والمهنية مشددةً على أنّ "والدها لطالما كان يشجعها على التعلّم والعمل لأنّ القيمة الثابتة في الحياة هي العمل، وهذا ما يؤهّل المرء، وخاصة المرأة، لتتوفّر لها الحظوظ لتكون متساوية لا بل أهم من الرجل في أكثر من ميدان. وهذا ما نقلته لأولادي. أمّا من والدتي فتعلّمت المثابرة والنشاط والابتسامة بالرغم من الصعوبات. وبعد سلسلة من فرص العمل التي عملتُ بها، وصلت إلى قناة الـ MTV التي كانت بالنسبة إليّ المدرسة الكبيرة. وهناك، قررت أن يكون برنامجي جسرًا للتواصل مع الناس ونقل الواقع، وقد كان الأوّل من نوعه". وختمت بالقول: "أوّد أن أقول لكل طالبة وشابّة وامرأة إنّه لا يجب الاستسلام مهما كان الظرف صعبًا. وأريد أن أشجّع المرأة على رفض القمع ونبذ الجهل لأنّه لطالما المرأة مقموعة ولا تملك أي فرصة لتكون منتجة، طالما ستبقى مجتمعاتنا رهينة الزعيم وستبقى غارقة في الجهل، لأنّ الجهل يقود إلى الفقر والعكس صحيح. إنّ المرأة المقموعة ستربّي أولادًا مقموعين يستسلمون لقدرهم ويرضون بالذل".
بدورها، مؤسِّسة والمديرة التنفيذية لـ Little Engineer رنا الشميطلي عرضت لمحطات مهمة في مسيرتها الأكاديمية حيث درست الهندسة وهذا كان غريبًا لفتاة آنذاك. وقالت: "عند دخولي مجال العمل، تعرضتُ أيضًا لمضايقات ولم أنل كامل حقوقي. عندها، قررتُ أن أفتح عملاً خاصًا بي، وكان في مجال التصوير. ومن أهم المبادئ في حياتي هو أنّ التعلّم لا ينتهي في مرحلة معيّنة بل يستمر لمدى الحياة وأنا دائمًا ما أستثمر في نفسي. وبعد تاسيس عائلة، عدتُ من جديد إلى الجامعة لمتابعة تحصيلي العلمي. وصحيحٌ أنّ عملي في الخارج، إلاّ أنني لا أنوي أن أترك لبنان لأنني أؤمن بأنّ لبنان سيبقى دائمًا بالرغم من الصعوبات التي تواجهه. وأفتخر بأن أقول إنّ 65% من الموظفين في Little Engineerهم من النساء، وتحديدًا النساء المستضعفات في مجتمعنا مثل المرأة المطلّقة والأرملة...، وذلك لأننا نؤمن ببناء القدرات. فنحن نولي أهمية كبيرة لبناء القدرات، لا سيما للمرأة، لتصبح قادرة على العمل. كما نهتم بأهداف التنمية المستدامة (SDGs) بخاصة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، التعليم، العمل اللائق ونمو الاقتصاد...
وتحدثت رئيسة شبكة القطاع الخاص اللبناني (LPSN) ريما فريجي مقدمةً لمحة عن أبرز المحطات في حياتها الأكاديمية والمهنية وكيفية التغلّب على التحديات المختلفة. وأشارت إلى أنها تمتّعت بامتيازات خاصة كونها ابنة صاحب الشركة وأملت أن تصبح هذه الامتيازات المعايير المهنية المتبّعة لكل امرأة لأنها تسهّل حياتها وتتيح لها المجال للنجاح في مهنتها. واعتبرت أنّ "أكبر تحدٍّ يواجه المرأة هو التوفيق بين حياتها الزوجية والعائلية وتربية الأولاد، من جهة، والحياة المهنية ومتابعة سير العمل، من جهة ثانية. إنّ كل امرأة منّا تعطي الدروس للآخرين، كل على طريقتها الخاصة، ويقع على عاتقنا أن نحقق تقدمًا مستمرًا وأن ننسج علاقات مهنية وشراكات في الحياة، لكننا أيضًا نسقط ونرتكب الأخطاء، ولكننا دائمًا ما نتعلّم منها". وختامًا، توجّهت إلى المرأة بالقول: "تمسّكي بالأصالة ولا تخسري أنوثتك. وهنا، لا أعني بالأنوثة المظهر الخارجي، بل تلك الأنوثة التي تجعل كل امرأة مختلفة عن الأخرى والتي تمكّنها من زرع القوة والميزات في هذا العالم. واليوم، نحتاج إلى الطاقة الأنثوية، لا سيما في لبنان، لإصلاح الوضع وتحقيق التغيير لأنّ المرأة تتمتّع بطريقة فريدة لإنجاز ذلك، وهذا هو كل ما يحتاجه لبنان في هذه الفترة".
أما رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا ورئيسة المنتدى العربي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ونائبة رئيس المنظمة الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة سيلفانا اللقيس فنوّهت بأهمية هذا اللقاء معتبرة أن "هذا اليوم يذكرنا بمناضِلات قمن وما زلن يقمن بالعديد من الأعمال المتعلّقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والمسار ما زال طويلًا لتحقيق تكافؤ الفرص. المسار نصنعه من خلال المسير لنعبر للعدالة، من خلال كل خطوة نقوم بها وكل قرار نتخذه للتمسّك بحقنا ونناضل من أجله. والأهم الإيمان بأن حق الفرد هو من الحق العام والعكس". كما تحدثت عن تجربتها الخاصة في الدفاع عن حقوق الإنسان ونضالها المستمر في المطالبة بالحقوق. وقالت: "كان لي الشرف بالمساهمة في تأسيس هذه الحركة المطلبية في الاتحاد وانتشارها في كافة المناطق اللبنانية. ومشكلتنا الأساسية لم تكن تتعلق بالدين، بل هناك إدارة عامة لا تعكس حاجة الناس وعاجزة عن إدارة البلد بمسؤولية". ثم عرضت للإنجازات النضالية التي قاموا بها لمواجهة كل أنواع التمييز والعنف، من ضمنها مسيرات وأعمال مساعدة للمتضررين من الحرب، فضلًا عن المساهمة في إصدار قوانين... مؤكدة "أن قوتنا تجلّت من خلال تمسّكنا بحقنا وخدمة الجميع، ويبقى الإنجاز الأهم أننا استطعنا كفئة منسية تعاني من التمييز أن نثبت في المجتمع ونتخذ مساحة لنا، لأننا نشكّل جزءًا لا يتجزّأ منه ولدينا عزيمة بالبقاء في الوطن ونؤمن بالعدالة والمساواة، مع التركيز على تعميم الدمج في كل المرافق".
وفي الختام كانت مداخلة لرئيسة جمعية السيدات القياديات (WLA) مديحة رسلان، عرضت فيها لحياتها المهنية التي بدأت بسيطة لتنتهي بتأسيسها شركة رائدة في مجال الأعمال. وتشاركت مع الحضور خبراتها، مقدّمة بعض النصائح التي تمكّن الفرد من الوصول إلى الأهداف المرجوة والنجاح والريادة. كما عرضت للأعمال والمشاريع التي قامت بها من أجل ازدهار المرأة وتمكينها في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتحدثت عن إيمانها بشعار "متحدون نقف" ونضالها لخلق مفهوم يجمع سيدات الأعمال في قوة ضغط اقتصادية في لبنان والعالم العربي. وأشارت إلى أنها "أسّست مجلس القيادات النسائية تحت مظلة غرف التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان الذي أصبح فيما بعد منظمة رسمية تسمى جمعية السيدات القياديات". هذا وتطرّقت إلى برنامج She Leads المشترك مع جامعة الروح القدس الذي يتضمن ورش عمل يقدّمها خبراء برعوا في قيادة مؤسّسات ناجحة، لمعالجة مواضيع متنوعة، كالنساء والقيادة، استراتيجيات الاستثمار، المفاوضات، والحوكمة، وتكمن أهميته في إعداد السيدات المشاركات واكتسابهنّ للمهارات الاستراتيجية الضرورية لقيادة مراكزهنّ، والمهارات التفاوضية المطلوبة لإحداث تأثير. وفي الختام دعت الجميع إلى المشاركة في النشاطات التي ستقيمها الجمعية في الفترة المقبلة، والاطلاع على مواعيدها عبر الموقع الالكتروني أو صفحات التواصل الاجتماعي للجمعية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك