كتب عمر الراسي في "أخبار اليوم":
لا يجوز مقاربة الاشكالية الرئاسية واللبنانية وفق ساعة ما قبل اتفاق السعودية وايران الذي تم توقيعه نهاية الاسبوع الفائت في بكين، اذ على اللاعبين السياسيين في لبنان ضبط ساعتهم على الساعة الصينية والاتفاق الذي نقل المنطقة الى مرحلة سياسية جديدة، ولم يعد من الجائر مقاربة الاستحقاق الرئاسي بنفس الاسلوب الذي كان سائدا ما قبل العاشر من آذار.
ولا بد من التذكير هنا انه قبل هذا الاتفاق ابلغت المملكة العربية السعودية في اللقاء الخماسي، الذي عقد في باريس في 6 شباط الفائت، المعنيين برفضها وصول النائب السابق سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية واكدت على ضرورة وصول شخصية لا تتأثر بخط الممانعة، كما ان كل من زار المملكة سمع ذات الموقف، الذي ترجمه الاتفاق لاحقا.
وامام هذه الوقائع، تشير مصادر واسعة الاطلاع ان ايران سعت الى الاتفاق انطلاقا من حاجتها لتبادل ديبلوماسي مع المملكة العربية السعودية مقابل تنازلات ستقدم عليها في المنطقة، وهذه التنازلات هي كناية عن اعادة تصحيح التوازنات في الدول المجاورة وتحديدا في اليمن ولبنان، من خلال انتاج سلطات دستورية غير خاضعة لمحور الممانعة،
وتضيف: من هنا، كل الكلام عن تأمين 65 صوتا لفرنجية كلام غير صحيح وغير دقيق- اذ ان الحد الاقصى من الاصوات التي يمكن ان يحصل عليها لا يتجاوز الـ45 صوتا- فان المسألة اليوم تجاوزت الارقام، جازمة: "بعد اتفاق بكين لا يمكن ان يكون هناك رئيس ايراني في لبنان". وبالتالي طهران ستبدأ بتوجيه اشارات ايجابية الى المملكة بانها ستلتزم بهذا الاتفاق من خلال استبدال ترشيح فرنجية بترشيح شخصية اخرى تحظى بتوافق معظم اللبنانيين، حيث سيُبَلغ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بضرورة التراجع عن موقفه الرئاسي والسير باتجاه توافقي بخلفية تحاكي اتفاق بكين، وذلك على غرار ما تم إبلاغه سابقا بضرورة توقيع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية - الذي كان ضده، لكنه ارتضى الاتفاق الايراني- الاميركي في هذا الشأن.
واذ تعتبر المصادر ان الاستلهام من اتفاق بكين يعني احترام ثلاث مرجعيات: الدستور في لبنان، الجامعة العربية، ميثاق الامم المتحدة، ترى ان الثنائي الشيعي ما زال متمسكا بفرنجية شكلا كورقة مفاوضات لتحسين الشروط في ما يخص الرئيس المقبل، موضحة ان حزب الله يبحث عن تسوية، يكون فيها شريكا اساسيا كي يبقى ممسكا بالقرار الاستراتيجي، وبالتالي لا يناسبه الاتجاه نحو مزيد من الانقسام يؤدي الى مزيد من الانهيار. مع العلم انه قبل الاتفاق كان الحزب بحاجة الى تسوية تعيد المملكة الى لبنان من خلال المساعدات المالية، اليوم اصبح بحاجة اكثر الى مثل هذه التسوية، اي انه ملزم التقيد بالاتفاق وترجمته. وعندها سيبرر لفرنجية ان ما حصل على المستوى الاقليمي اكبر من طاقة وقدرة الحزب.
وردا على سؤال، تشير المصادر الى ان الاتجاه نحو زمن آخر قد بدأ، لذا كل ما يحكى لا يعدو كونه للاستهلاك الاعلامي، ولكن في الاساس دخلنا في مرحلة العد العكسي لاختيار الرئيس العتيد، وهذا ما يشكل تحديا مهما امام كل القوى لتختار شخصية قادرة على الالتزام بالمواثيق الدولية كما نص اتفاق بكين. لان كل المطلوب اليوم ذهاب كل فريق سياسي الى مزيد من الالتزام بالاعراف والمواثيق الدولية المنصوص عنها.
وماذا عن لعبة تعطيل النصاب لاي جلسة انتخابية؟ تجيب المصادر: هذا الكلام لا قيمة له، اذ ان تأمين 65 صوتا لمرشح هذا الفريق او ذاك غير متوفر، معتبرا ان المسألة اليوم تجاوزت اعداد النواب والحضور والمشاركة (65 للفوز بالانتخاب، و85 للنصاب) بل اصبح الاستحقاق امام مسألة سياسية بامتياز لا يمكن مقاربتها على قاعدة الارقام، وبالتالي يجب انتظار الاسماء الجديدة التي ستدخل بورصة الترشيحات وخلفيتها ليبنى على الشيء مقتضاه!
ويتابع المصدر: الرئاسة اليوم ستكون من الباب الايراني بناء على ما نص عليه اتفاق بكين، وستشكل اختبار النيات الايرانية لتراجع المرشح الممانع، في اشارة الى السعودية بان لديها كامل الاستعداد لتنفيذ مندرجات هذا الاتفاق، بمعنى آخر انها ستقدم تنازلا يسمح باعادة تشكيل سلطات دستورية لبنانية تحت سقف اتفاق الطائف.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك