كتب يوسف دياب في "الشرق الأوسط":
أثار إعلان الحكومة اللبنانية عن اتفاق مع شركة خاصّة لإنشاء مبنى جديد للمسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي، عاصفة من الانتقاد السياسي والقانوني، وطرح شكوكاً لم ترتقِ بعد إلى مستوى الاتهامات المباشرة بالفساد، بسبب تغييب دائرة المناقصات عنه، وإبرام العقد بالتراضي "ما يفقده مبدأ الشفافية والحفاظ على المال العام".
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الأشغال علي حمية، أعلنا الاثنين عن اتفاق مع شركتي «LAT» وشركة «DAA» لبناء مبنى «المسافرين 2» في مطار بيروت الدولي وتشغيله بقيمة تصل إلى 122 مليون دولار على مدى 25 عاماً، من دون أن تتكلف الدولة اللبنانية ليرة واحدة، وأفاد حمية بأن "الاتفاق وقّع بالاستناد إلى قانون رسوم المطار الذي يجيز برأيه إبرام اتفاق مماثل".
وارتفعت وتيرة الشكوك السياسية والحزبية حول شبهات بعدم وجود شفافية، مما دفع رئيس هيئة الشراء العام جان العلية، للتأكيد في بيان، أنّ «ملف مزايدة المطار سيكون في بداية الأسبوع المقبل بين أيدي الجهات الرقابية المعنية المختصة قانوناً لإبداء الرأي القانوني فيه"، مشيراً إلى أن "أي كلام من خارج هذا الإطار يضلل الرأي العام ولا يفيد بشيء".
وكان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بدأ التصويب على المشروع، معتبراً أن لبنان «بغنى عن هذه المناقصة الآن». وأمام مواصلة "التيار الوطني الحرّ" باستهداف المشروع الجديد في المطار، واتهام "القوات اللبنانية" بالتزام الصمت حياله، ردّت الأخيرة على هذه المزايدات، وقالت في بيان، إن "التساؤل عن موقف "القوات" من موضوع تلزيم المطار إما للتشاطر والتذاكي، وإما للاستغلال وإما لغاية في نفس يعقوب". وأوضحت أن القوات "لم تسكت يوماً عن أي أمر يشوبه الفساد، وهذا كان في أساس تدهور علاقتها مع "التيار الوطني الحر"، ولكن "القوات" عندما تطرح أمراً تكون قد درست جيداً ومحصت وراجعت النصوص واستطلعت الوقائع لتبني موقفها من أمر معين بناء على دراسات علمية".
ومع تصاعد الحملات، اعتبر مستشار ميقاتي الوزير السابق نقولا نحّاس، أن «الحملة التي تطال المشروع ورئيس الحكومة لها خلفيات سياسية، في ظلّ غياب سلطة تحاسب على الافتراءات". ورأى في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن "مشروعاً ضخماً بهذا الحجم والأهمية، لا بدّ أنه يفتح شهيّة البعض المستائين من مروره من دون رضاهم». وأكد أن وزير الأشغال "انطلق من قاعدة قانونية تقول إن المطارات لها الحق بأن تؤجر وتستثمر على أراضيها".
وفي مسعى منه لوضع حدّ لحملات التشكيك والتشويه التي تطال توسعة المطار، أفاد الوزير نحّاس بأن الرئيس ميقاتي "طالب بإحالة الموضوع على ديوان المحاسبة لتبيان ما إذا كان المشروع ينسجم مع القانون أم لا"، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة "دعا إلى التحقيق في مدى قانونية عقد التلزيم وفي عقود سابقة لاتخاذ المقتضى بشأنها".
وأمام الحملات المتبادلة، قدّم رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النيابية النائب سجيع عطية، مقاربة متوازنة لهذا الموضوع، وأوضح أن "وزير الأشغال اعتمد على قانون رسوم المطار المعمول به منذ عقود، الذي ينص في أحد بنوده على أنه يمكن بناء إنشاءات على أرض المطار وتلزيمها للشركات التي تعمل في المطار". ورأى عطية في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن "الإشكالية تكمن في أن الاستشارة الصادرة عن هيئة التشريع في عام 1995 التي تجيز تلزيم هكذا مشاريع بمدة استثمار لا تتعدى سنوات قليلة، مضى عليها 28 عاماً". ولفت إلى "وجود قانون جديد اسمه قانون الشراء العام تمّ تجاوزه، كما تم تخطي رأي ديوان المحاسبة في هذا الموضوع، وكان يفترض أن يطرح الأمر على المناقصة".
وكشف عطية أن "لجنة الأشغال دعت إلى اجتماع سيعقد يوم الخميس المقبل في المجلس النيابي، سيحضره وزير الأشغال وديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام، وسيتم درس الأمور القانونية والإدارية والمالية وسيُتخذ قرار نهائي، إما بالرجوع عن القرار النهائي عن هذا المشروع، أو تعليقه موقتاً أو اعتماده بعد أخذ موافقة ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام". ولفت عطية إلى أنّ "إنشاء مبنى جديد للمسافرين يحقق متطلبات مطار رفيق الحريري الدولي، إذ يسمح بدخول 3 ملايين سائح إضافي سنوياً، ويوفر دخلاً للخزينة بحدود 3 مليارات دولار، ويخلق منافسة جديدة مع شركة طيران الشرق الأوسط، التي تحتكر الحق الحصري للنقل الجوي من وإلى لبنان، ما يمنع عنصر المنافسة بين الشركات".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك