كتب نادر حجاز في موقع mtv:
صادفت هذا الأسبوع الذكرى الأربعين لحرب الجبل، هذه المحطة الأليمة التي أرادوا لها أن تكون في الليلة المشؤومة يوم اغتيل الشهيد كمال جنبلاط، وصحيح أن ليلة سوداء شهدها الجبل في 16 أذار 1977، إلا أن صوت العقل غلب فورة الدم، ويروي وليد جنبلاط في أكثر من مناسبة كيف تنقّل يومها من قرية الى أخرى برفقة شيخ العقل محمد أبو شقرا لوأد الفتنة قبل اتساع رقعة نيرانها. لكن لعبة الأمم على أرض لبنان كانت أكبر من قدرة الجبل على وقفها، وكان ما كان على اثر الانسحاب الاسرائيلي واندلاع الحرب في أيلول 1983.
وأهمية الذكرى هذا العام، أنها تتزامن مع الزيارة التي يقوم بها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى الجبل، يوم الجمعة في الثامن من الجاري، تكريساً للمصالحة التاريخية التي أرساها البطريرك مار نصرالله بطرس صفير في آب 2001، وتحمل عنوان "الجبل بخير لبنان بخير"، ما يعكس عبرة من الماضي ويقيناً بأن الجبل عليه أن يبقى أيقونة بتنوعه وأن يُبنى على الذاكرة الجماعية من أجل مستقبل أكثر أمناً وسلاماً وبعيداً عن مشاريع الصدام الجاهزة.
يتحمّل كل من الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية الجزء الأكبر من مسؤولية الحفاظ على هذه المعادلة، على قاعدة أنهما "أم الصبي"، والطرفين اللذين تصادما في الحرب وعادا ليلتحما سياسياً في زمن السلم، ودائماً تحت سقف المصالحة.
وعلى خط "القوات" - "الاشتراكي"، يبدو التقاطع من حيث الشكل قائماً دائماً، فالجانبان لا يفترقان في الخطوط العريضة ومن بينها المبادئ السيادية التي جمعتهما تحت مظلة 14 أذار، والعيش المشترك في الجبل الذي يُعتبر الراعي الدائم للوائح الانتخابية المشتركة بينهما. إلا ان فوارق كثيرة غالباً ما تؤدي الى فتور العلاقة بين المختارة ومعراب أحياناً.
فمقاربة الاستحقاقات تختلف ما بين رئيس "القوات" سمير جعجع وجنبلاط، فالأول يواجه بحدة فيما الثاني يتعامل بواقعية لا سيما في ظل الكباش القائم والتوتر المتنقل وآخر فصوله في الكحالة.
من السهل على المراقب للخطابين أن يكتشف الهوة بين الفريقين، وإن كان التقاطع قد جمعهما على إسم جهاد أزعور وقبله ميشال معوّض، فسير "الاشتراكي" بالترشيحين المذكورين ليس من باب مواجهة "كسر عظم" مع الفريق الآخر، على خلاف موقف "القوات" الذي عبّر عنه بشكل صريح جعجع في قداس الشهداء الاحد، والذي قطع كل الجسور الى تسوية أو حوار مع حزب الله، لا بل أعلنها مواجهة قائلاً: "بدك تاكلنا كلنا نحنا وواقفين".
تصعيد جعجع جاء بعد أيام على تصريح جنبلاط، الذي دعا فيه الى ضرورة الجلوس مع السيد حسن نصرالله من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، ليتعارض الرجلان من جديد ويظهران على طرفي نقيض في مقاربتهما للمرحلة.
مصادر "الاشتراكي" تعلّق على العلاقة مع "القوات" بالقول: "العلاقة فيها توافقات كثيرة وفيها أيضاً اختلافات، خصوصاً في مسألة الحوار"، مضيفة "نحن مع التسوية، ونريدها تسوية عادلة".
وفيما تصرّ "القوات" على رفض أي حوار، تحذّر مصادر الاشتراكي من أن "رفض التسوية ليس في مصلحة أحد ولا نوافق عليه"، مستطردة "ليس فقط نتيجة توازنات المجلس النيابي بل أيضاً لأن أي رئيس يشكل تحدياً لأي فريق معناه استمرار الأزمة".
الاختلاف هذا ينسحب أيضاً على خط معراب - بكركي بعد دعوة الراعي الى المشاركة في الحوار، وسيحضر حكماً في زيارة الجبل. فهل تكون مناسبة للتعلّم من الماضي مجدداً؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك